الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«فيضان السيدة نفيسة».. قصة دعاء حفيدة الرسول لمصر فترة الجفاف

مسجد السيدة نفيسة
مسجد السيدة نفيسة

كتب على مصر بأرضها المباركة، أن تكون موطئ أقدام الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين، لما أعطاه الله لشعبها وأرضها الخير والبركات؛ عبر التبشير بالوحدانية الموجودة بمختلف الرسالات، حيث خصها بأن تكون موطن الكثير من آل بيت النبي والأئمة والتابعين.

من الرموز الصالحة في زمرة السلف الصالح، السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، قدمت إلى مصر هي وزوجها المؤتمن اسحق بن جعفر الصادق في 26 رمضان من العام 193هـ، مستقبلة احتفاء أبناء مصر لها، لما تحمله من عبق آل بيت الرسول.

ذكَّرت زيارة نفيسة العلم لمصر أهلها بزيارة السيدة مريم عليها السلام ويوسف النجار وولدها كليم الله، عيسى عليه السلام، وهي كلها أدلة على قداسة أرض مصر في احتفائها بمن ينادون بالتوجه لله سبحانه وتعالى شطر الإيمان والاستسلام للحق عز وجل.


(مقام الإمام الشافعي)


دعاء السيدة نفيسة للمصرين

عانى شعب مصر من انخفاض منسوب النيل، فسألوها الدعاء فخلعت حجابها وطلبت من أهل مصر أن يلقوه في النيل، فألقوه ففاض ماء النيل ليزداد تعلق الناس بها وتصبح حبيبة المصريين.

كان دارها مكمنًا للعلم والنور، وقبلة للصالحين السائلين فيما استعصى عليهم إجابته أو تفسير ما عجزوا عن فهمه ولذلك سميت ب"نفيسة العلم"، لإحاطتها بأسرار التشريع، وقابلت الكثير من الأعلام منهم الإمام أحمد بن حنبل، وبشر بن حارث.

بعد خمس سنوات من مجيئ السيدة نفيسة لمصر، أتى لأراضيها نورًا جديدًا مشعًا بالعلم والمعرفة والتقوى، وهو الإمام الشافعي الذي وجد السند والدعم من نفيسة العلم، وقت مواجهته لصراعات فقهية بين مختلف المذاهب، وإعتمدت عليه في تنظيم ندوات دينية بمنزلها ليستفيد الجميع من مصدري إشعاع الحق والنور من لدن العلمين الجليلين.

فضل السيدة نفيسة على الإمام الشافعي

كان لنفيسة العلم الفضل على الشافعي، الذي أخذ منها الكثير من الأحاديث النبوية والفقه، وتعلم منها ما إستصعب عليه، وكان يصلى بها تروايح رمضان في منزلها، ولا يكف أن يسألها الدعاء كلما التقاها.

أشتد المرض على الإمام الشافعي، وأرسل لها رسولاً يسألها الدعاء بالشفاء، وفي المرض الأخير أرسل إليها رسولاً كعادته فقالت لمن جاءها : "أحسن الله لقاءه ومتعه بالنظر إلى وجهه الكريم"، فعلم الشافعي أنها النهاية.

عند وفاة الشافعي في أخر يوم من رجب في العام 207 ه، حملت جنازته إلى بيت السيدة النفيسة فصلت عليه وقالت : "رحم الله الشافعى إنه كان يحسن الوضوء"، وكانت تقصد هنا أن الوضوء أصل العبادة، وهي شهادة على أن الرجل صالحًا حسن العبادة.

شعرت السيدة نفيسة بدنو الأجل، فحفرت قبرها بيديها في البيت الذي تسكن فيه، والذي أصبح مسجدها المشع بالعلم والنور وكانت تنزل فيه وتقرأ القرآن الكريم حتى ختمته مئتي مرة.

واجهت مرضها الأخير وهي صائمة في شهر رمضان، وأثناء الألم والمعاناة دخل عليها الأطباء، وشاروا عليها بالإفطار فرددت تلك الأبيات قائلة:

اصرفوا عنّى طبيبي                               ودعونى وحبيبي

زاد بي شوقي إليه                                 وغرامي فى لهيب

طاب هتكي فى هواه                               بين واشٍ ورقيب

لا أبالي بفوات                                      حيث قد صار نصيبي

ليس من لام بعزل                                 عنه فيه بمصيب 

وجفوني بنحيبي                               جسدي راضٍ بسقمي

 

توفيت في رمضان من العام 208 ه، وكتب على باب مقامها الطاهر قول الشافعي :

 

يا أهل بيت رسول الله حبكم              فرض من القرآن أنزله

يكفيكموا من عظيم القدر أنكمو          من لم يصل عليكم لا صلاة له