بورقة الاتحاد الأوروبي.. هل تستطيع اليونان إبعاد ليبيا عن تركيا؟
كشفت سلسلة من الزيارات الرسمية لقادة حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة إلى أثينا وأنقرة الأسبوع الماضي عن الصعوبة التي تواجهها اليونان في إبعاد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا عن تركيا، منافستها في البحر المتوسط.
وسلط تحليل كتبه سين ماثيوز بصحيفة "جلوبال تايمز" الكندية الضوء على ما يتردد في طرابلس وأنقرة من أن أردوغان فقط له الفضل في إنقاذ حكومة فايز السراج، والادعاء الذي يحلو لحزب أدوغان ترويجه بأن المساعدة "جاءت من تركيا وحدها".
وأدت حكومة الوحدة الوطنية اليمين الدستوري في 15 مارس وكلفت بالتجهيز لإجراء الانتخابات في ديسمبر. وحلت محل حكومة الوفاق الوطني السابقة، والتي خاضت حربًا أهلية ضد الجيش الوطني الليبي.
ومنذ ذلك الحين، رسخت تركيا أقدامها في طرابلس بالأسلحة والوكلاء والمرتزقة، وانتقلت العلاقات الوثيقة التي تمتعت بها مع حكومة الوفاق الوطني إلى الحكومة الجديدة.
رافق رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة في رحلته إلى أنقرة 14 وزيرا و5 نواب لرئيس الوزراء ومسؤولين عسكريين، وشاركوا في الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى مع نظرائهم الأتراك.
وجدد الدبيبة خلال الزيارة تأكيد التزام ليبيا باتفاق بحري مثير للجدل بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني أبرم عام 2019، وتنظر اليونان إلى الاتفاق على أنه غير شرعي بموجب اتفاقيات الأمم المتحدة لقانون البحار لأنه تجاهل حقوق أثينا في مناطق اقتصادية خالصة عبر جزر في البحر المتوسط.
وتناقضت رحلة رئيس الوزراء الليبي رفيعة المستوى إلى أنقرة مع زيارة أكثر هدوء إلى أثينا في اليوم التالي قام بها محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي.
وقال ديميتريس كيريديس، النائب البرلماني عن حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم في اليونان، لموقع "المونيتور" الأمريكي، إن رسالة أثينا إلى المنفي كانت "إذا كان الليبيون يريدون علاقات كاملة مع الاتحاد الأوروبي، فعليهم أن يفعلوا شيئًا حيال تركيا والاتفاق البحري".
تأتي محاولة اليونان للاستفادة من عضويتها في الاتحاد الأوروبي لسحب حكومة الوحدة الوطنية بعيدًا عن تركيا في الوقت الذي قد يستوعب فيه الشريكان المتوسطيان للبلاد، وهما فرنسا ومصر، وجودًا طويل الأمد لأنقرة في ليبيا.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الوزاء الليبي فبراير الماضي في القاهرة، وأعرب عن دعمه لحكومة الوحدة الوطنية. وتستعد تركيا ومصر للعودة إلى الاتصال الدبلوماسي بعد سنوات من العداء.
وأحدث وقف إطلاق النار الجديد استقرارًا على حدود مصر الغربية وهذا من الأسباب التي تجعل مصر راضية عن الوضع الراهن في ليبيا. ويبدو أن الفرنسيين يغيرون مسارهم أيضًا.
دعم باريس المبكر للجيش الوطني الليبي والدعوات المتكررة لسحب القوات التركية من ليبيا جعلها لا تحظى بشعبية كبيرة مع مؤيدي حكومة الوفاق الوطني الذين يشغلون الآن مناصب في حكومة الوحدة الوطنية.
وأعادت فرنسا فتح سفارتها في طرابلس، ويبدو أنها تركز على إصلاح صورتها مع أطراف النفوذ في العاصمة. وتمتلك اليونان تأثيرًا لا يستهان به في الاتحاد الأوروبي، وربما أقرت أثينا بأن تأثيرها محدود في بعض الأحيان، لكن على الليبيين ألا يستبعدوا استخدام حق النقض من قبل أثينا كعضو في الاتحاد الأوروبي، أو كما ألمح رئيس الوزراء اليوناني: "يمكننا منع التمويل ولا يستطيع الليبيون تحمل علاقات سيئة مع الاتحاد الأوروبي في التجارة أو الاقتصاد".
قد تفسر هذه الديناميكية سبب لعب الجانبين بشكل جيد في العلن، وبعد اجتماع المنفي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أعلنت أثينا أن اليونان وليبيا ستبدآن محادثات حول ترسيم حدودهما البحرية.
مع ذلك، قالت مصادر مقربة من الحكومتين لـ"جلوبال تايمز" إن المحادثات لن تذهب بعيدًا، وغم محاولات أثينا، سترجح كفة الاتفاق بين طرابلس وأنقرة على الأقل على المدى القريب.
وبموجب صيغة جنيف 5 + 5، التي أقرت وقفًا دائمًا لإطلاق النار في ليبيا، فإن الحكومة الجديدة غير قادرة على تغيير أي اتفاقيات أبرمتها حكومة الوفاق الوطني حتى إجراء الانتخابات.