الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«خلي بالك من زوزو».. كيف واجه صلاح جاهين نكسة يونيو؟

بوستر فيلم خلي بالك
بوستر فيلم "خلي بالك من زوزو" 1972

في ذكرى العملاق صلاح جاهين، الفنان الشامل ومفجر المواهب، يتبادر للأذهان فيلمًا هامًا ساهم في إظهار نجمة كبيرة، خرجت عن المألوف من أدوارها بفضل سيناريو وحوار "خلي بالك من زوزو" الذي كتبه الطفل الإلهي في العام 1971، وعرض بدور العرض في العام 1972  كثاني فيلم يحقق الإيرادات الكبرى خلال عام بعد فيلم "أبي فوق الشجرة" للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في العام 1969.


(سعاد حسني في فيلم خلي بالك من زوزو 1972)

جاء هذا الفيلم ضمن موجة التحول التي إنتابت الشاعر المكسور من هزيمة حرب الأيام الست، ليتحول من شاعر الثورة إلى شاعر الكلمات الخفيفة المبهجة، راقصًا على أنغام الموسيقى كطائر جريح يسعى للحياة رغم اقتراب سكرات الموت.


(حسين فهمي وسعاد حسني في لقطة من الفيلم)

قام جاهين بكتابة الفيلم عقب كتابته لفوازير "لغز الملكة شهرزاد"، بطولة زوجته منى قطان مع عبد المنعم مدبولي، والتي نوت القيام بدور زوزو بطلة الفيلم، إستثمارًا لنجاحها في الفوازير ولكن اكتشف الشاعر أن الدور مكتوب للسندريلا التي شهد لها بالتألق منذ بدايتها، ليقوم بإقناع رفيقة عمره بإعطاء الدور لها، وهو ما حدث بالفعل وذلك بحصولها على دور زميلتها الصحفية الجامعية.


(لقطة من فيلم خلي بالك من زوزو)

كان اسم الفيلم في أول الأمر "بنت العالمة"، ولكن راجع جاهين نفسه ليختار اسمًا تجاريًا ورد في ذهنه عبر قريحته الفنية الإستثنائية ليكون "خلي بالك من زوزو"، شهادة مرور وماركة السندريلا المسجلة.


(مشهد الرقصة الشهيرة وهو ماستر سين الفيلم)

كتب جاهين كلمات أغاني الفيلم ولحن سيد مكاوي أغنيتي "خلي بالك من زوزو"، "إستنى"، ولحن الموسيقار كمال الطويل أغنية "يا واد يا تقيل"، فيما لحن الموسيقار إبراهيم رجب أغنية "الفتاة المثالية".


فتح فيلم زوزو، أبواب المجد والشهرة لجان السينما المصرية الوسيم، النجم حسين فهمي الذي اقتحم السينما المصرية في العام 1970، وكان اكتشاف المخرج الكبير حسين الإمام الذي أعطى له فرصته الذهبية بفيلم "دلال المصرية"، والفرصة الأكثر لمعانًا في "خلي بالك من زوزو".


كان بالفيلم أغنية رابعة بعنوان "البوسة" لحنها الموسيقار بليغ حمدي، لكن الرقابة رفضت إجازتها لتحذف من الفيلم لخدش الحياء العام، وإستبدالها بمشهد ظهور المخرج سعيد في الحلم للفتاة زوزو.

تقول كلمات أغنية "البوسة" :

أحلى كلام اللي الشفايف بيقولوه من غير كلام

فى البوسه الكلام يتوه... ولا ملام

بوسه مني للحياه... بوسه من قلبي وهناه


للسما والأرض وحبيبي الجميل

ولكل شئ صنعه الإله

بوسه بتقول يا سلام أحلى كلام

بوسه من قلب إنفطر وإنبدر طرح الشجر

كل أزهاره شفايف دايبه دوب

فى بوسه من نور القمر

بوسه بتقول يا سلام أحلى كلام

بوسه منا لحبنا من شفايف قلبنا

من شفايف روحنا بنبوس الأمل

يوم اللقا... يوم المنى


بوسه بتقول يا سلام أحلى كلام

لعل المنع الذي أصاب تلك الأغنية النادرة، جاء نتيجةً لعودة جماعات الإسلام السياسي مجددًا للساحة المصرية، تزامنًا مع عرض الفيلم وهو ما حرمنا من اللقاء الأول والأخير للعبقري بليغ حمدي مع السندريلا التي قال عن صوتها: "إن فى صوت سعاد حسنى حلاوة تضاهي صوت شقيقتها نجاة الصغيرة".


(سعاد حسني ومنى قطان في خلي بالك من زوزو)

حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا، جعل الجمهور حتى الآن ينادي السندريلا بلقب "زوزو" لمدى توحدها وتعمقها في شخصية الفتاة المتأرجحة بين جامعيتها وانتمائها لعائلة تعمل في شارع محمد علي، علاوة على تفجيره لقضية هامة حول التأرجح بين النقيضين.


(مخرج الروائع حسن الإمام)

ساهمت كلمات جاهين في نجاح الفيلم، وذلك بعمل نوعية الفيلم الإستعراضي الذي انتشر عقب هزيمة 67، لنسيان مرارة الواقع الصلد الذي أصاب الجميع بلحظات شائكة تجهل موعد الفرج المنتظر.


(صلاح جاهين وسعاد حسني)

أعاد حسن الإمام اكتشاف المطرب الشعبي، شفيق جلال من خلال موال الصبر الذي ترنم به وقت رقصة زوزو المنكسرة في بيت حبيبها، مع شجاعة تحية كاريوكا فتاة أحلام الأمس أن تظهر في دور الأم وترقص وهي تعاني من البدانة وتغير الشكل.


كما ساهم حسن الإمام أيضًا في اكتشاف الفنان محي إسماعيل في دور كوميدي، مجسدًا شخصية المتزمت دينيًا وهو ما تنبأ به وقت خروج تلك الجماعات من السجون في مطلع السبعينات، وتحقق فعليًا بمعاناة الجامعات من أصحاب الأفكار الظلامية.

صور المخرج سمير سيف، الذي عمل مساعدًا للمخرج حسن الإمام أخر ثلاثة مشاهد بالفيلم،وقت تكريم حسن الإمام بموسكو كبروفة أولية لسليقته الإخراجية التي بدأت فعليًا في العام 1976 من خلال فيلمه الأول "دائرة الإنتقام".

كان فيلم "زوزو" هو الظهور الأخير للفنان القدير، عباس فارس الذي إعتزل الفن عقب انتهاءه من دوره بالفيلم، وظل معتكفًا زاهدًا عن الأضواء متفرغًا للعبادة حتى وفاته في العام 1978.