منشد فيلم "السيد البدوي".. رحلة الشيخ السنديوني مع السينما
السيد أحمد البدوي عالم جليل وأحد
أولياء الله الصالحين استقر بطنطا عقب مجيئه من المغرب وظل بها حتى وافته المنية
في العام 675 ه الموافق 1276 م، وعُرف بكراماته وزهده وورعه بين أبناء البلدة
الطيبة، لتعمقه في علوم الدين وشيوع داره كمكمنٍ للذكر والتوحيد، ليدفن بها ويصبح
مزاره قبلةً لمن ينشد الورع والتقوى عبر سيرته العطرة ومقامه الكبير.
(محمد فريد السنديوني يبتهل بفيلم السيد البدوي 1953)
في العام 1953 قامت السينما المصرية بإنتاج
فيلم ديني تاريخي بعنوان "السيد البدوي"، تأليف بهاء الدين شرف
وبيرم التونسي، وإخراج بهاء الدين شرف وشارك في بطولته: عباس فارس (السيد البدوي)،
كوكا، تحية كاريوكا، عبد السلام النابلسي، سراج منير، فاخر فاخر، أحمد علام، وداد
حمدي، سميحة توفيق، سيد سليمان.
(عبد السلام النابلسي وتحية كاريوكا في لقطة من فيلم السيد البدوي)
يعرض الفيلم قصة حياة السيد أحمد البدوي بدايةً من مولده
بالمغرب مرورًا بامتناعه عن الزواج بمَن تحبه، وترحاله الدائم من أجل عبادة الله
وتحصيل العلوم الدينية الإسلامية، والجهاد في سبيل الله والعداوات التي صمد أمامها متكلًا على الله وحده حتىَ انتصر على كل أعدائه.
(الشيخ محمد فريد السنديوني)
يعد أحمد البدوي من أقطاب الصوفية، حيث نذر نفسه لمحبة الله،
ممتنعًا عن الزواج حتى لا ينشغل عن عبادته وتقربه من الله، ليكون أحد أقطاب ورواد
العشق الإلهي عبر الصوفية السُنية.
(الكاتب الساخر محمود السعدني)
شارك القارئ والمنشد محمد فريد السنديوني، بالفيلم في دور
منشد ومبتهل ضمن أحداث الفيلم في حلقات الذكر لدى القطب الصوفي الجليل، وكان اسم
الإبتهال الذي أنشده "سألت إلهي" ومعه بطانة تمسك بالدف مع وجود موسيقى
مصاحبة بالكمان والناي الشرقي.
(مولد السيد البدوي)
قام الشاعر الكبير وأمير الزجل المصري بيرم التونسي، بكتابة
هذا الإبتهال ولحنه الموسيقار يوسف صالح، ليكون هذا الإبتهال هو الظهور الأول
والأخير للشيخ محمد فريد السنديوني عبر شاشات السينما.
(كتاب ألحان السماء للكاتب الساخر محمود السعدني)
ولد عبد العظيم علي السمني، الشهير بمحمد فريد السنديوني،
بقرية سنديون التابعة لمحافظة القليوبية في العام 1913، ولقب بمحمد فريد، لوجود
شبه كبير بينه وبين الزعيم محمد فريد، والسنديوني نسبةً لمسقط رأسه.
(بوستر فيلم السيد البدوي 1953)
حفظ السنديوني القرآن الكريم في كتاب قريته، والتحق في
الثلاثينات بالإذاعة المصرية كقارئ للقرآن الكريم ثم أنتدب لإذاعة فلسطين كقارئ
ومبتهل من العام 1938 وحتى العام 1948، ليعود لمصر عقب قيام دولة الكيان الصهيوني
في 15 مايو من نفس العام.
عاد السنديوني للقاهرة مقيمًا بشبرا، مفتتحًا مقهىً كان يتلو
فيه القرآن ويعزف فيه على آلة العود مغردًا بأجمل الألحان حيث كان يتمتع بصوت جميل بجانب
الوجاهة و حسن الطلعة و البشاشة و خفة الظل.
لم يجد السنديوني
الاهتمام الكافي كمقرئ له وزنه، عقب عودته من فلسطين ولكن كان للمقهى السر الأكبر
في إظهاره على شاشة السينما من خلال فيلم "السيد البدوي"، والذي لولاه
ما أصبح معروفًا لدى الأجيال الجديدة، مما يؤكد على أهمية الوسيط السينمائي في الحفاظ
على التراث وذاكرة الأجيال من الإندثار.
ترك السنديوني إرثًا
قرآنيًا مميزًا من خلال ما سجله بالإذاعة المصرية والإذاعة الفلسطينية، من هذه
التسجيلات : سورة مريم، سورة القلم، سورة ص، سورة المدثر، سورة الحج، سورة الرحمن.
توفي الشيخ محمد فريد السنديوني يوم 26 سبتمبر من العام 1955، ولم يجد التقدير الإعلامي للإعلام عن رحيله، وتم كتابة نبأ وفاته في ركن صغير بجريدة الأهرام حسبما أشار الكاتب الساخر محمود السعدني، في كتابه "ألحان السماء".