الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الشيخ محمود عبدالحكم.. من مسجد السيدة نفيسة إلى العالمية

الرئيس نيوز

"القرآن نزل بمكة، وطبع بإسطنبول، وقرئ بمصر"، هكذا لخص الملك السعودي خالد بن عبدالعزيز فضائل مصر المحروسة في عالم التلاوة عبر كبار المقرئين والقراء على مر العصور، من خلال أصوات ندية مرتلة ومجودة للفرقان العظيم.

ومن أساطين التلاوة المصرية الشيخ الجليل محمود عبدالحكم صاحب الصوت الخاشع، المتضرع بنورانية المعايشة لآي الذكر الحكيم، والذي ترك إرثًا قرآنيًا مميزًا لازال ملء السمع والأبصار.

ولد الشيخ محمود عبد الحكم في يوم الاثنين الموافق 1 فبراير 1915، بقرية الكرنك الشهيرة التابعة لمركز فرشوط سابقًا ولمركز أبو تشت حاليا - محافظة قنا العريقة بصعيد مصر.

نشأ عبدالحكم في أسرة محافظة، وكان أبوه من مشاهير العلماء بقريته، وما إن اشتد عوده وقويت عظامه حتى ألحقه والده بكتاب القرية، وأتم حفظ القرآن في العاشرة من عمره، ما سهل عليه الأمر للالتحاق بالمعهد الأحمدي بطنطا، حيث قضى به عامين كاملين، قبل أن ينتقل للدراسة بالأزهر الشريف بالقاهرة، وتتلمذ على يد خيرة العلماء الأجلاء بمنارة الإسلام.

اتسم عبدالحكم بالذكاء والنبوغ، وسرعة الفهم مما أهله لاختطاف قلوب المستمعين في السرادق التي أحيا بها ليالي مختلفة ما بين مناسبات دينية، ومآتم لتبلغ شهرته مختلف الجهات والمحافظات، منذ الثلاثينيات حتى جاء موعد تقدمه للإذاعة في العام 1937، مجتازًا اختباراتها الدقيقة بتفوق، ليكون من خيرة قراءها لأكثر من ربع قرن.

عين قارئًا بمسجد السيدة نفيسة، وترك إرثًا قرآنيًا لازال متداولاً بين مختلف الوسائط المسجلة لنبرة صوت مميزة، تتسم بالخشوع والتضرع عند التعمق في معاني كلمات الله بالقلب قبل الخروج من اللسان.

عام 1940 شارك في تأسيس أول رابطة لقراء القرآن الكريم مع أساطين التلاوة الشيخ محمد رفعت والشيخ علي محمود والشيخ محمد الصيفي، واختير أمينًا للصندوق بها.

لم ينل محمود عبدالحكم الشهرة الكافية رغم تضرعه وخشوعه في التلاوة، وابتغاءه لمرضات الله متجنبًا استغلال الظروف لصالحه، وذلك من خلال حيائه بعدم التحدث عن حادثة شهيرة تعرض لها خلال زيارته للجزائر الشقيقة عام 1965 عندما انقلبت به السيارة وتوفي جميع ركابها وكتب الله له النجاة وحده، وعزف عن التحدث عنها حتى لا يقال أن الشيخ استثمرها في الدعاية لنفسه.

سجل محمود عبدالحكم القرآن مرتلاً ومجودًا وظل يقرأ بمسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها حتى فاضت روحه لبارئها في يوم 13 سبتمبر 1982، تاركًا تراثًا نورانيًا فياضًا بأحبال صوتية مشبعة باليقين، خاصةً عند تلاوته لسورة إبراهيم في مسجد السيدة نفيسة عام 1979 والتي تعد من أفضل تلاواته في تاريخه القرآني.