الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«النيل نجاشي.. حياة بلدنا».. ترنيمة شوقي وعبد الوهاب لـ«مفتاح الحياة» المصرية

الرئيس نيوز

في ظل حالة الترقب الملحوظة  تجاه قضية سد النهضة، تتراءى لنا حالة من التشبع بالحنين في الأفئدة والعقول عن سر مفتاح الحياة المصرية، الممثلة في النيل جسر الحضارة والتميز والتقدم والخلود منذ قديم الأزل وحتى لحظات ترقبنا الحالية.


(أمير الشعراء أحمد شوقي مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب)

يُعد نهر النيل صورة إلهامية للشعراء والكتاب والمخرجين عند إستعراض سر بقاء مصر رغم كل الظروف والمحن، وهو ما عبر عنه أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي كتب العامية من أجل ابنه الروحي محمد عبد الوهاب، وذلك بقصيدته الخالدة "النيل نجاشي" التي أدرجها موسيقار الأجيال في فيلمه الأول "الوردة البيضاء" سنة 1933، كتحية رثاء لأبيه الروحي عقب وفاته في 14 أكتوبر من العام 1932.


(أفيش فيلم الوردة البيضاء سنة 1933)

تزامن إدراج الأغنية مع صدور رواية "عودة الروح"، لراهب الفكر توفيق الحكيم والتي استعاد بها الشخصية المصرية من بين براثن المستعمر البريطاني، من أجل إنهاض الشخصية المصرية المعاصرة من سباتها العميق، بافتتاحه الجزء الأول للرواية بترنيمة إيزيس وهي تساعد أوزوريس على النهوض.


(اللقطة السينمائية لأغنية النيل نجاشي)

هذا ما كان يصبو إليه شوقي، عبر الكلام المنظوم تزامنًا مع كلام الحكيم المنثور، ليختار موسيقار الأجيال مع المخرج محمد كريم، في أول أفلامه قصيدة شوقي المكتوبة بالعامية "النيل نجاشي"، لتكون في سياق أحداث الفيلم عبر ذاكرة الشريط السينمائي القوية كجداريات القدماء وبردياتهم.


(عبد الوهاب من فيلم الوردة البيضاء)

تم تصوير الأغنية بفرقة محمد عبد الوهاب، وكان من ضمن أعضاء الفرقة باللقطة السينمائية الموسيقار الواعد وقتها، رياض السنباطي ووقف محمد عبد الوهاب بأناقته المعهودة، واضعًا منديله الأبيض في جيب سترته على هيئة الأهرامات الشامخة، مع تطعيم أغنيته بنكهة شعبية، ليكون موضوعها عامًا ومتداولاً بين الجميع حيث جسر التواصل بين الطبقات المختلفة من خلال هبة المصريين.

تقول كلمات الأغنية :

النيل نجاشي

النيل نجاشي ... حليوه أسمر

عجب للونه دهب ومرمر

أرغوله فى إيده

يسبح لسيده

حياة بلدنا

يا رب ديمُه

قالت غرامي فى فلوكة ... وساعة نزهة ع الميه

لمحت ع البعد حمامة ... رايحة ع الميه و جايه

ووقفت أنادي الفلايكي ... تعالى من فضلك خدنا

رد الفلايكي بصوت ملايكي ... قال مرحبا بكم مرحبتين

دي ستنا و أنت سيدنا

هيلا هوب هيلا

صلح لي قلوعك ياريس

جات الفلوكة و الملاح ... ونزلنا وركبنا

حمامة بيضا بفرد جناح ... تودينا وتجيبنا

ودارت الألحان و الراح ... وسمعنا وشربنا

صلح لي قلوعك يا ريس

هيلا هوب هيلا

كتب شوقي كلماته بلغة الشعب، كرد عملي على أنه شاعر القصر، موضحًا مدى مصريته الصميمة بكلمات أنيقة مزجت بين أرستقراطيته ومصريته الأصيلة، وشاركه في نفس الرد موسيقار الأجيال ردًا على أنه مطرب الملوك والأمراء، مؤكدًا على رشاقة عوده في الإتيان بمعين موسيقي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

تم إنتاج فيلم "الوردة البيضاء" في العام 1933، وهو أول ظهور لمحمد عبد الوهاب بالسينما بعد إقناع كبير من المخرج محمد كريم، وكان معه في بطولة الفيلم : زكي رستم، سميرة خلوصي، سليمان نجيب، دولت أبيض، محمد عبد القدوس.

دعا شوقي وعبد الوهاب بدوام نعمة النيل، وهو ما نشاركهما به في أوقاتنا الحساسة نحو مصير الحياة من نبع حابي، جالب السعادة في أن يبقى ويدوم مهمًا كانت الظروف.