الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

رفضوا البوق والناقوس وإشعال النار.. كيف اهتدى المسلمون لـ"الأذان"؟

الرئيس نيوز

كلمات ندية، ترطب القلوب في كل لحظة عند رفعها عبر صوت يذكرنا بموعد الالتقاء بالله عز وجل، لنقف بين يديه خاشعين ساجدين لنستمد نقاءنا من كثرة الركوع والسجود له، وهو ما يُنبه له في أوقات الآذان يوميًا عبر خمسة فروض رئيسية، هي الكلمة المفتاحية لليقين العظيم.

كان المسلمون يصلون خفيةً في شعاب مكة، وقت الضعف والاضطهاد وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليثرب، التي حولت عبر وطئة أقدامه المباركة بأراضيها إلى المدينة المنورة التي بنى بها مسجده العظيم، واجتمع شمل المهاجرين والأنصار عبر المدينة المباركة، وارتفع لواء الإسلام، وأصبح المسلمون يجتمعون في أوقات الصلاة بالمسجد النبوي الشريف، وكانوا يأتون وقت الصلاة بدون إعلام فيصلون وينصرفون.

أراد خير الأنام إيجاد وسيلة إعلامية، لإعلام الجميع بمواقيت الصلاة فتشاور مع صحابته لإيجاد الحل الإعلامي لعماد الدين، فقال بعضهم نرفع راية إذا حان وقت الصلاة ليراها الناس، فاعترضوا على هذا الرأي بأنه لا يفيد النائم ولا ينبه الغافل، وقال آخرون نشعل نارًا على مرتفعٍ من الهضاب، فلم يقبل هذا الرأي أيضًا لقربه من طقوس المجوس.

وأشار آخرون ببوق وهو ما كانت اليهود تستعمله لصلواتهم، فكرهه الرسول ﷺ لأنه كان يحب مخالفة أهل الكتاب في أعمالهم. وأشار بعض الصحابة باستعمال الناقوس وهو ما يستعمله النصارى فرفضه الرسول ﷺ أيضًا، وأشار فريق آخر بالنداء، فيقوم بعض الناس إذا حانت الصلاة وينادي بها فقبل هذا الرأي.

عند الإمتثال لهذا الرأي، جاءت البشرى العظيمة عبر رؤية الصحابي الجليل، عبد الله بن زيد رضي الله عنه وأرضاه لجبريل عليه السلام، وهو يلقنه كلمات الآذان، فقص الرؤية على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وافقت رؤية الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.

كانت الأسبقية في الرواية لعبدالله بن زيد رضي الله عنه وأرضاه، فأمر النبي بلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه بأن يفعل ما يأمره به صاحب الرؤية، ليكون بذلك أول مؤذن في الإسلام، حيث رفعه الآذان من مرتبة الاضطهاد في الجاهلية إلى مرتبة التميز، لكونه مؤذنًا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

كان بلال يقول في آذان الصبح بعد "حي على الفلاح" : "الصلاة خير من النوم مرتين"، فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم عليها، وكان يؤذن في البداية من مكان مرتفع ثم استحدثت المنارة (المئذنة) بعد ذلك.

من هنا جاء الدستور الأبدي بإعلام الجميع بالصلاة، عبر الرؤية المُشرَّفة لصحابة خير الأنام وأصبحت صيغة الآذان، منتشرةً في مختلف بقاع الأرض عبر كثرة المآذن على مر العصور والأزمنة.

خرج من عباءة أول مؤذن في الإسلام، في عصورنا الحديثة وخاصةً بمصر التي قرئ بها القرآن، أصواتًا خالدة لازالت صداحة، عبر الإذاعة والتليفزيون في أوقات الصلاة مثل : الشيخ محمد رفعت، الشيخ محمود خليل الحصري، الشيخ علي محمود، الشيخ طه الفشني، الشيخ عبد العظيم زاهر، الشيخ كامل يوسف البهتيمي، الشيخ مصطفي إسماعيل وغيرهم.

قال الكاتب الساخر محمود السعدني، في كتابه "ألحان السماء" : "إن الشيخ علي محمود، يذكرنا على الدوام بسيدنا بلال بن رباح، كلما أذيع آذانه بالمذياع، ومن هنا أقر بأنه أفضل من آذن بعد المؤذن الأول بلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه".