الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الأسد السجين" وأول إمبراطور في التاريخ.. من هو تحتمس الثالث؟

الملك تحتمس الثالث
الملك تحتمس الثالث

تحركت بالأمس ضمن موكب الملوك العظام، نحو مكمنهم الجديد بالمتحف القومي للحضارة المصرية، مومياء الملك تحتمس الثالث، واشتهر بتوسعاته الإمبراطورية في مصر القديمة من خلال خططه العسكرية المسجلة باسمه في أشهر المواقع الحربية، خاصةً موقعة "مجدو" بفلسطين.


يُعد الملك تحتمس الثالث صاحب أقدم إمبراطورية في التاريخ القديم بالدولة الحديثة (الأسرة 18، 19، 20)، إمتدت من العراق وشمال سوريا حتى السودان، مؤمننًا البلاد من مخاطر تلك الجهات بناءً على ما عانت منه مصر في وقت غزو الهكسوس لها لمدة قرن ونصف قرن.


عانى الملك تحتمس الثالث ابن الملك تحتمس الثاني من تحديد إقامته هو وزوجته، من خلال زوجة أبيه الملكة حتشبسوت التي إنفردت بالحكم، وأصبح ملكًا صوريًا إلى أن توفيت الملكة عن عمر ناهز أربعة وخمسين عامًا، ليقوم بكسر تماثيلها وصورها وجدارياتها كنايةً عن تضرره منها حيث سمي من قِبل علماء المصريات بلقب "الأسد السجين".


تمتعت مصر برخاء اقتصادي وإزدهار ثقافي وسياسي، بفضل توسعاته العسكرية التي ساهمت في ثراء الشخصية المصرية عبر الاحتكاك بالأجناس الأخرى، مع مراعاته لعادات وتقاليد البلاد الغريبة المنضمة لسلطاته، بالإضافة إلى تمتعهم بالحرية الدينية من خلال أداء طقوسهم وعباداتهم الخاصة.

استدعى تحتمس الثالث أبناء أمراء الأقاليم الأسيوية إلى طيبة عاصمة مصر في ذلك الوقت، ليتعلموا في مدارسها العادات والتقاليد المصرية ويثقفهم بالثقافة المصرية، ويغرس في نفوسهم حب مصر، حتى إذا عادوا إلى بلادهم وتولوا الحكم فيها أصبحوا من أتباعه المخلصين وبالتأكيد لا يمكن التفكير في الحرب على مصر.

كان لتحتمس الثالث الفضل، في انتصار القادة العسكريين بالعصر الحديث عبر إقتباسهم لخططه المميزة، خاصةً موقعة "مجدو" في العام 1457 ق.م، حيث هاجم «تحتمس» أعدائه عبر الطريق الصخري الجبلي الوعر الضيق المنحدر، وليس من الطريق السهل الواسع المنبسط كما توقع اعداءة إنه سوف يهاجمهم منه.

قام الجيش الألماني بتنفيذ نفس الخطة وقت غزوه لفرنسا في العام 1940، عبرغابة الأردين الوعرة الشبه مستحيلة، وليس من الأرض السهلة المتسعة عبر بلجيكا كما توقع الحلفاء، وكذلك نابليون بونابرت نفذ نفس الخطة في معركة "أوسترليتز" ضد النمسا في أكبر انتصاراته، وإعتبره مثله الأعلى لعبقريته العسكرية، علاوة على تنفيذ نفس الخطة من خلال محمد علي باشا في معاركه ضد الأتراك.

أيضًا تمت الإستعانة بخطة الممرات المائية في حرب أكتوبر من العام 1973، من خطة الممرات المائية بموقعة "مجدو" وهي السر الأكبر في الانتصارات المبهرة.

توفي تحتمس الثالث عن عمر ناهز اثنين وثمانين عامًا بعد أن حكم لمدة أربعة وخمسين عامًا لم يعرف التاريخ ملكًا بكى عليه الناس، وحزنوا عليه حزنًا شديدًا مثلما حدث مع الملك تحتمس الثالث، فبعد وفاته أقيمت له  أضخم مراسم للحداد والدفن في التاريخ القديم، ودفن في مقبرة بوادي الملوك كان قد أعدها لنفسه، أكتشفت من قِبل أحمد باشا كمال في خبيئة الدير البحري في العام 1881.