الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"لن يطلق النار على نفسه".. تقرير ينفي تخلي أردوغان عن الإخوان

الرئيس نيوز

علق موقع المرصد الاوروبي للتطرف، الذي يتخذ من إيطاليا مقرًا له، على ظهور القائم بأعمال المرشد العام لتنظيم جماعة الإخوان، إبراهيم منير، على قناة الجزيرة التلفزيونية القطرية للحديث عن التقارب الجاري بين القاهرة وأنقرة.

وأثارت المقابلة الدهشة وعاصفة من التكهنات في جميع أنحاء المنطقة حيث بدا واثقًا وأخبر أتباعه أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الحكومتين التركية والمصرية على حساب الإخوان. وأضاف أن تركيا لن تطرد أبدًا أعضاء التنظيم المصريين من أراضيها.

وأخذ منير يردد جملة روجتها السلطات التركية خلف الأبواب المغلقة لضيوفها من الإخوان، وأضاف أنه لا يزال يثق في تركيا، داعيًا أتباعه إلى الثقة في حكومة أردوغان.

وحقيقة أنه حصل بالفعل على وقت بث على قناة الجزيرة، وهي مؤيدة منذ فترة طويلة لتنظيم الإخوان، فظهوره على شاشة الجزيرة في حد ذاته دليل على أنه لا تغيير قد طرأ ولن يطرأ تغيير ملموس على مستوى الدعم التركي القطري للجماعة المحظورة.

لكن منير شعر بأنه مضطر للخروج والتحدث في ضوء سيل من التقارير الإعلامية حول تخلي تركيا الوشيك عن تنظيم الإخوان، الأمر الذي أدى إلى ارتعاش العديد من الأعضاء. 

وقال أحدهم إن تركيا قامت بتكميم أفواه 30 من أعضاء تنظيم الإخوان، وأمرتهم بالتوقف عن التحدث إلى الصحافة. وأضاف آخر أن الإخوان في تركيا وضعوا رهن الإقامة الجبرية في انتظار ترحيلهم، بينما زعم ثالث أن التحقيقات جارية في الحسابات المصرفية لأعضاء تنظيم الإخوان في تركيا.

حقيقة أم خيال؟

العديد من هذه التقارير حول انقلاب تركيا على تنظيم الإخوان كانت خيالية أكثر منها حقيقة، ويبدو أن كل هذه التقارير تستند إلى تعليمات حديثة من السلطات التركية لثلاث قنوات تبث من تركيا، تأمرها بالتخفيف من حدة انتقاداتها للدولة المصرية والقنوات الثلاث - الشرق، وطن، والمكملين - كلها تابعة لتنظيم الإخوان، وقد تم تهديدهم بالعقوبات إذا خالفوا الأمر.

على الفور خرجت "الشرق" ببيان اعتذرت فيه المشاهدين عن عدم بث حلقة مسائية من برنامج كان عادة مخصصًا لمهاجمة الحكومة المصرية.

وضع ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأمور في نصابها، وظهر على قناة الجزيرة لينفي أن يكون لدى رئيسه أي نية لإغلاق القنوات التلفزيونية الثلاث أو تسليم أعضاء الإخوان للسلطات المصرية. 

ووصف أقطاي رد الفعل بأنه "نباح"، مضيفًا: "من المستحيل على تركيا تسليم أي شخص، لا إلى مصر ولا إلى أي دولة تطبق عقوبة الإعدام". 

أما أيمن نور، الذي يدير قناة الشرق، فقال إن السلطات التركية طلبت منهم بأدب تعديل سياستها التحريرية تجاه مصر، كما رفضت أمرًا بإغلاق قناته.

واستمرت التكهنات الإعلامية حول الفراق بين أردوغان وتنظيم الإخوان في الانتشار. ذكر أحد التقارير أنه تم تشكيل وفد رفيع لإعادة النظر في تصاريح الإقامة لأعضاء الإخوان المصريين المقيمين في أنقرة وإسطنبول منذ عام 2013.

هل يتخلى أردوغان عن الإخوان؟

إن توقع قيام أردوغان ببيع تنظيم الإخوان يشبه مطالبة إيران بالتخلي عن وكلائها في الشرق الأوسط. وقال المرصد الأوروبي: "إنه ببساطة تفكير بالتمني لن يحدث. لقد بنى أردوغان سياسته الخارجية بالكامل تجاه العالم العربي على دعم اللاعبين غير الحكوميين مثل تنظيم الإخوان، واستخدامها كأوراق ضغط لزعزعة استقرار الحكومات وتعزيز طموحاته السياسية. 

وبدون الإخوان، سيفقد أوراق اللعب في محاولاته للتأثير على الشؤون المصرية والفلسطينية والسورية والليبية. وسيكون التخلي عن هؤلاء الوكلاء أقرب إلى إطلاق أردوغان النار على نفسه، وحرمان نفسه من أداة استخدمها مرارًا وتكرارًا للتأثير على الأحداث في العالم العربي. 

والسؤال هو "ماذا سيحصد أردوغان مقابل سياسة انتحارية كهذه؟"، العلاقات الاقتصادية التركية المصرية آخذة في الازدياد، لكنها لم تتوقف رغم التوترات السياسية. ووفقًا للأرقام الرسمية، ارتفعت الصادرات المصرية إلى تركيا إلى 2 مليار دولار في عام 2018، بارتفاع طفيف عن 1.9 مليار دولار في عام 2017، في حين بلغت الواردات التركية 2.3 مليار دولار. 

ومع تخليه عن تنظيم الإخوان أو استمرار احتضان أردوغان لهم، من المرجح أن تستمر هذه العلاقات الاقتصادية. هذا بالطبع يضاف إلى حقيقة أنه ملتزم أيديولوجيًا بتنظيم الإخوان، حيث بدأ حياته المهنية كسياسي شاب. 

ويجب أن نتذكر أنه حتى المقاطعة متعددة الدول لقطر لم تنجح في جعل أميرها، تميم بن حمد، يتخلى عن الإخوان أو تعديل السياسات التحريرية الموالية للإسلاميين لقناة الجزيرة - وقطر أكثر من ذلك بكثير. أكثر عرضة للضغط من تركيا.

ومع ذلك، يبدو أن هناك تقاربًا مصريًا تركيًا في الكواليس، مدفوعًا بالمصالح المشتركة والديناميكيات الإقليمية المتغيرة المتعلقة بإدارة بايدن. كانت العلاقات التركية الأمريكية في أدنى مستوياتها على الإطلاق بعد قرار البيت الأبيض الأخير بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن التي حدثت خلال الحرب العالمية الأولى.

كما تواجه تركيا بالفعل تهديدا بالعقوبات من كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على التوالي، بسبب التنقيب في المياه التي تطالب بها قبرص وشراء صواريخ S-400 المضادة للطائرات من روسيا.

يشعر أردوغان بالضعف والعزلة بشكل متزايد، ويبحث عن حلفاء إقليميين ودوليين. وقد رحل العديد ممن اعتمد عليهم لسنوات، بما في ذلك محمد مرسي وعمر البشير من السودان ومؤخراً فايز السراج من ليبيا.

الطريق إلى الأمام

جاء الاعتراف الرسمي من أنقرة في 12 مارس عندما أعلن وزير خارجية أردوغان مولود جاويش أوغلو أن المحادثات قد استؤنفت مع مصر، على المستويين الاستخباراتي والسياسي، وهو ما يمثل اختراقًا مهمًا، بلا شك، منذ 2013.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن المحادثات قد استؤنفت بالفعل، قائلاً إن تصريحات تركيا عن حسن النية يجب أن تتبعها إجراءات ملموسة من أجل المضي قدمًا في التطبيع، موضحًا سبب قيام تركيا بتعويم بالون الاختبار المتمثل في قص أجنحة قنوات الإخوان كإجراء لبناء الثقة مع القاهرة. 

ولكن لكي تمضي هذه المحادثات إلى الأمام وتؤتي ثمارها، سيتعين على أردوغان أن يفعل ما هو أفضل من ذلك، وأن يتخذ إجراءات جادة ضد تنظيم الإخوان.

وقال عبدالله بوزكورت، الصحفي التركي المنتمي إلى حركة جولن التركية المعارضة، إن "فك ارتباط أردوغان بتنظيم الإخوان ليس سوى منطاد مليء بالهواء الساخن". 

وتوقع بوزكورت أن يقدم أردوغان تنازلات، ولكن استراتيجيته الشاملة لن تتغير"، وخلص إلى أن: "هذا الموقف الأخير ليس تحولًا استراتيجيًا بالنسبة له ولإسلامه السياسي ذوي العقلية الإخوانية في تركيا . وسيعود إلى سياساته القديمة علانية بمجرد أن تسمح الظروف بذلك. في غضون ذلك، سيواصل دعم حكومته لتنظيم الإخوان بتكتم".