«تركة كورونا الثقيلة».. العالم يخسر 3% من الناتج خلال 3 سنوات
توقع صندوق النقد الدولي في أحدث تقاريره الاقتصادية أن يخسر العالم 3% من الناتج العالمي، بسبب جائحة كورونا بحلول عام 2024
وتختلف البلدان في درجة الإصابة المتوقعة بتداعيات الجائحة، تبعا لهيكل اقتصاداتها وحجم
الاستجابة الصادرة عن سياساتها. ومن المتوقع أن تعاني اقتصادات الأسواق الصاعدة
والاقتصادات النامية من ندوب أكبر مقارنةً بالاقتصادات المتقدمة.
الركود والتعافي في أسواق العمل
لا تزال تداعيات صدمة جائحة كوفيد-19 مستمرة في أسواق العمل، حيث ألحقت
ضررا بالغا بالشباب والعمال ذوي المهارات المحدودة على وجه الخصوص.
وهناك تسارع في
اتجاهات التشغيل التي بدأت قبل الجائحة والتي تؤْثِرالابتعاد عن الوظائف الأكثر
قابلية للتشغيل الآلي. ويكتسب الدعم الذي تقدمه السياسات للحفاظ على الوظائف
فعالية كبيرة في الحد من الندوب المترتبة على صدمة الجائحة الحادة وتخفيف الآثار
المتباينة الناجمة عنها. ومع انحسار الجائحة واستقرار التعافي بصورة عادية، يمكن
أن يساهم التحول إلى تدابير الدعم القائمة على إعادة توزيع العمالة في خفض البطالة
بسرعة أكبر وتيسير التكيف مع الآثار الدائمة لصدمة كوفيد-19 على سوق العمل.
فترة طويلة للتعافي
تُسبب نوبات الركود أضرارا جسيمة غالبا ما يستمر أثرها لفترة طويلة.
فالأعمال تغلق أبوابها، والإنفاق الاستثماري يخضع للتخفيض، والناس يعانون من
البطالة وقد يفقدون مهاراتهم ودافعهم للعمل مع مرور الشهور الطويلة.
ولكن الركود الذي جلبته جائحة كوفيد-19 ليس بالركود العادي. فمقارنةً
بالأزمات العالمية السابقة، كان الانكماش مفاجئا وعميقا – حسب البيانات ربع
السنوية، تجاوز انخفاض الناتج العالمي المستوى الذي سجله إبان الأزمة المالية
العالمية بنحو 3 أضعاف، وفي نصف المدة.
وبفضل إجراءات السياسة غير المسبوقة، أمكن تجنب الضغط المالي النظامي إلى
حد كبير حتى الآن – وهو الضغط الذي يصاحب الضرر الاقتصادي طويل الأمد. غير أن مسار
التعافي لا يزال محفوفا بالتحديات، وخاصة بالنسبة للبلدان التي تمتلك حيزا ماليا
محدودا، ويزداد صعوبة بسبب التأثير المتفاوت للجائحة.
سياسات العمل
كان تدمير الوظائف الناجم عن جائحة كوفيد-19 أمرا حتميا وسريعا. والآثار
الممتدة على العمالة من جراء الأزمة يمكن أن تكون مؤلمة وغير متكافئة بنفس القدر.
فالعمالة الشابة والأقل مهارة مُنيت في المتوسط بقدر من أشد الضربات. ونالت
المرأة كذلك نصيبها من المعاناة، لا سيما في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات
النامية. ويعاني عدد كبير من هذه العمالة من مشكلات فقدان الدخل وصعوبة البحث عن
فرص العمل، وحتى بعد انحسار الجائحة، فإن التغييرات الهيكلية التي تطرأ على
الاقتصاد في أعقاب الصدمة قد تعني أن بعض الخيارات الوظيفية في بعض القطاعات
والمهن قد تنكمش إلى الأبد بينما ينمو غيرها.
وفي آخر إصداراتنا من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي نستعرض كيف يمكن للسياسات المساهمة في التقليل من الآثار العنيفة وغير المتكافئة الناجمة عن الجائحة.
ونخلص إلى أن اعتماد حزمة من التدابير لمساعدة العمال على الاحتفاظ
بوظائفهم بينما لا تزال صدمة الجائحة مستمرة، واقترانها بإجراءات لخلق الوظائف
وتخفيف أثر التكيف مع الوظائف والمهن الجديدة مع انحسار الجائحة، يمكن أن يخفف من
الآثار السلبية بدرجة كبيرة ويحسن فرص تعافي سوق العمل.