"طوفان نوح".. أضرار انهيار سد النهضة في مراحل الملء الثلاثة

بعد الاستفزازات الإثيوبية المتكررة، والتصريحات المتعنتة حول الملء الثاني لسد النهضة قبل الوصول لاتفاق يضبط عمليتي الملء والتشغيل، وضع الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس الثلاثاء، خطا أحمر أمام أديس أبابا، محذرا الجميع من مغبة التعدي على حقوق مصر ومواردها المائية.

من مقر هيئة قناة السويس، قال السيسي أمام حشد من وسائل الإعلام العالمية: "محدش هيقدر يأخذ نقطة من مياه مصر واللي عايز يجرب يجرب، إحنا مبنهددش حد وعمرنا ما هددنا وحوارنا دايمًا رشيد وصبور جدًا، محدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر وإلا هيبقى في حالة عدم استقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد".

وشدد الرئيس السيسي بالقول: "محدش يتصور أنه يقدر يبقى بعيد عن قدراتنا، لأ أنا عمري ما اتكلمت كده ومبهددش حد، بس مياه مصر خط أحمر ولا مساس بها، وهيبقى رد فعلنا في حالة المساس بها أمر هيأثر على استقرار المنطقة بالكامل".

رسائل الرئيس السيسي أيقظت مخاوف البعض من انهيار سد النهضة، خاصة بعد اكتمال الملء الأول واحتجاز نحو 5 مليارات متر مكعب من المياه، ما يهدد بإغراق السودان، فضلا عن مخاطر الملء الثاني الذي يقدر بنحو 18.5 مليار متر مكعب، فيما يبقى الخوف الأكبر من اكتمال ملء السد المقدر بنحو 74 مليار متر مكعب.

من إغراق السودان إلى تعرضه لأكبر فيضان في التاريخ وصولا إلى طوفان نوح، عدّد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، مخاطر انهيار سد النهضة على السودان في مراحل الملء الثلاثة.

مخاطر الملء الأول

يقول الدكتور عباس شراقي لـ"الرئيس نيوز" إن سد النهضة يعلو مدينة الخرطوم بـنحو 350 مترا، والمسافة بينهما تقدر بنحو 500 كم، وهناك مدن وقرى سودانية بطول النيل الأزرق ستتضرر بشدة جراء انهيار سد النهضة.

وحسب تقديرات "شراقي"، فإنه بعد الملء الأول لسد النهضة، المقدر بنحو 5 مليارات متر مكعب، قد يتعرض السودان لفيضان شديد، لافتا إلى وقوع سد النهضة في منطقة مرتفعة، ما يضاعف مخاطر انهياره على السودان بسبب مستوى الانحدار الكبير.

يضيف "شراقي" أنه إذا  كان الإنهيار متدرجا، فسيشهد السودان فيضانات كبيرة، مشيرًا إلى أن الانهيار قد يصل مداه إلى السد العالي، وفقا لحجم الانهيار، لكنه يبدو مطمئنًا على السد العالي بسبب تصميمه الهندسي الذي يحافظ عليه من المخاطر.

يقول "شراقي" إنه في حالة انهيار سد النهضة، فهناك 24 بوابة للسد العالي بالإضافة إلى مفيض توشكى، وكل ذلك من شأنه تقليل المخاطر على مصر، مؤكدًا أن مدن الصعيد في حال فتح هذه البوابات والقنوات ستشهد فيضانات محدودة.

مخاطر الملء الثاني

يرجح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة أن يؤدي الانهيار الكبير في سد النهضة بعد اكتمال الملء الثاني المقدر بنحو 18.5 مليار متر مكعب إلى أكبر فيضان يضرب السودان في التاريخ.

وأشار "شراقي" إلى سد الروصيرص في السودان، والذي يبعد بنحو 20 كم عن سد النهضة، وتصل سعته إلى نحو 7 مليارات متر مكعب، ما يضاعف مخاوف السودان من انهيار سد النهضة.

مخاطر اكتمال الملء

حذر "شراقي" من حجم الدمار الناتج عن انهيار السد حال اكتمال عملية الملء المقدرة بنحو 74 مليار متر مكعب، منوهًا بأن هذه السعة التخزينية "خطيرة جدًا"، وعند اكتمال الملء الأخير لن يستطيع السودان أن يتفادى أضراره حتى ولو تركت أديس أبابا إدارة السد للخرطوم.

وعن المخاطر التي تهدد مصر بعد الملء الأخير، يقول "شراقي" إنه إذا كانت بحيرة ناصر وقت الانهيار ممتلئة فسيتم استخدام طريقة فتح بوابات السد العالي، ولكن إذا كانت غير ممتلئة فيمكنها استيعاب نحو 30 مليار متر مكعب من مياه الفيضان الناتج عن انهيار سد النهضة.

وختم "شراقي" بالقول "في أسوأ الحالات ستكون خطورة انهيار السد بعد الملء الأخير أشبه بطوفان سيدنا نوح".