السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

عمرو غلاب يكتب: غذاؤنا أمن قومى

الرئيس نيوز

على مدار الأشهر القليلة الماضية، تشهد أسعار الغذاء ارتفاعات غير مسبوقة على المستوى العالمى، وهو ما انعكس سريعا على الأسعار في مصر لأننا نعتمد على الاستيراد بشكل رئيسى ولا نزرع أو نصنع الجانب الأكبر من استهلاكنا، ولكن ما يحدث يجعلنا نعيد التفكير بشكل جدى في كيفية تحقيق الأمن الغذائي، الذى هو جزء أساسى من الأمن القومى لمصر.

ولأن السلع الغذائية بطبيعتها لا ترتفع بصورة كبيرة في المعتاد لاستقرار العرض والطلب – وأعنى هنا السلع المتوفرة محليا – وبالتالي فإن تذبذب الأسعار ارتفاعا يأتي السلع المستوردة التي تتأثر بشكل مباشر بارتفاع الأسعار العالمية، وهو ما يتطلب استراتيجية محددة للتعامل مع السلع المستوردة وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها.

سأتحدث في هذا المقال عن مثال يتعلق بالزيوت، فنحن نستورد نحو 97% من الزيوت والمحاصيل الزيتية من الخارج بتكلفة تصل إلى 25 مليار جنيها سنويا، ونظرا للارتفاعات الكبيرة التي طالت أسعار الزيوت عالميا، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الشحن عالميا، انعكست هذه العوامل بصورة سريعة جدا على الأسعار محليا.. فماذا نحن فاعلون؟

الحكومة بدورها تدرس سيناريوهات لزيادة الطاقة الإنتاجية لمصانع الزيوت في مصر وإضافة خطوط إنتاج جديدة لزيادة الاكتفاء الذاتي من الزيوت، ولكن واقع الأمر أن البداية يجب أن تسبق خطوة، فتحقيق الاكتفاء الذاتي يحتاج لحل متكامل يشترك به جميع الجهات، وهو ما عملت اللجنة الاقتصادية لمجلس النواب في دورته السابقة على دراسته لوقت طويل، وكان من أهم توصياتها أن الأمن الغذائي هو جزء رئيسى من الأمن القومى بمفهومه الشامل الواسع.

التخطيط الزراعى المستقبلي للزراعات التي تنتج ما نستورده هي البداية الحقيقة، بخطة شاملة وواضحة، وأوجه التحية للحكومة على هذا التوجه في خطة التنمية المستدامة لقطاع الزراعة، وهنا يجب التأكيد على تفعيل الزراعات التعاقدية التي ستحل جزء كبير من أزمة تدنى أسعار المحاصيل للفلاحين، وتخطيط الزراعة، بالإضافة إلى تفعيل البورصة السلعية بالطبع.

في المرحلة اللاحقة تأتى الصناعة القائمة على الزراعة، وهنا يجب أن يكون للقطاع الخاص الدور الرئيسى في هذه الاستثمارات، وعلى الحكومة أن توفر من جانبها خريطة واضحة لفرص الاستثمار الصناعى الزراعى في مصر وتمنح المستثمرين تسهيلات كبيرة بدءا من توفير الأراضى بأسعار تنافسية، وتحديد كارتات النقل الداخلى لتكون معروفة مسبقا وواضحة لا تحتمل التقدير، وتوفير اللوجستيات والنقل المبرد لتقليل الهادر من المحاصيل خاصة سريعة التلف.

وربما قد يصبح تحقيق هذا الحلم أكثر سرعة وسهولة مما توقعنا، مع دخول الدولة بقوة نحو توسيع الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان من خلال خلق تجمعات زراعية جديدة قائمة بالأساس على الزراعة والصناعات الزراعية، بداية الطريق نحو تحقيق الأمن الغذائى وإحلال الواردات الغذائية، واستغلال الفرصة لنتحول من مجتمع مستورد لغذائه إلى مجتمع لديه اكتفاء ذاتى بل ويصدر للخارج.