حقيقة التعويم الثاني للجنيه.. كيف يواجه الاقتصاد المصري مخاطر حزم التحفيز الأمريكية؟
انتشرت تكهنات واسعة من خبراء اقتصاد دوليين، خلال الساعات القليلة الماضية، بشأن وضع الجنيه المصري وتداعيات حزمة التحفيز الأمريكية على الاقتصاد المصري.
كانت تغريدة الخبير الاقتصادي الأمريكي، روبن بروكس، بداية الحديث عن أزمة تواجه الجنيه المصري مع استعادة الدولار قوته، ما يؤثر بشكل مباشر على استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية كمصدر هام لدعم الاحتياطي النقدي وتمويل عجز الموازنة.
وامتد الحديث عن أن تعويم محتمل جديد للعملة المحلية، قد يرفع أسعارها ما بين 10 و40%، لكن المتفائلون أكدوا أن التحرك سيكون محدود وفقا لآليات العرض والطلب حيث يرتبط بحجم وقوة الاقتصاد.
«الرئيس نيوز» تحدث مع عدد من خبراء الاقتصاد، لمعرفة تفاصيل أكثر عن تأثير تلك الحزم الأمريكية على الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة.د. مصطفى بدرة: قوة الاقتصاد المصري تعوض نسبة المخاطر
أكد د. مصطفى بدرة المحلل المالي، أن الحديث عن تراجع سعر الجنيه المصرى أمام الدولار هو تحرك طفيف، وأن قوة الاقتصاد المصري تجتذب صناديق الاستثمار الأجنبية والأموال الساخنة.
حقيقة تعويم الجنيه مرة أخرى
وأرجع بدره تراجع مؤشر البورصة في الوقت الحالي إلى نزوح دوري من صناديق الاستثمار الأجنبية، كل ربع مالي لضبط ميزانياتها وتحويل أرباحها لشركاتها في الخارج وهذا ما يفسر خروج الأجانب من بورصة الأوراق المالية حاليا.
ونفى بدرة الحديث حول إمكانية التعويم، مؤكدا أن الجنيه بالفعل تم تعويمه وأن انخفاض قيمته أمام الدولار سيكون بشكل مؤقت في ظل الانكماش العالمي.
وأشار بدرة إلى أن المستثمرين الاجانب دائما ما يبحثون عن الدول التي تشهد استقرارا وخطط لمعدلات نمو مستقبلية، بديلا عن الدول ذات العائد الأعلى ونسب المخاطر مرتفعة، موضحًا أن الفائدة في تركيا 19% لكن نسبة المخاطر مرتفعة جدا، وبالتالي فإن مصر تعد ملاذا جيدا للأموال الساخنة.
انكماش محدود لقيمة الجنيه
من جانبها، قالت د.سهر الدماطي الخبيرة الاقتصادية والعضو المنتدب للشئون المالية بشركة مصر الجديدة للتعمير، أن الفترة المقبلة قد تشهد انكماش محدود لقيمة الجنيه المصري بسبب حزمة التحفيز الأمريكية الضخمة والوضع العالمي، لكنه لن يصل لنسبة 40% التي تتحدث عنها بعض التقارير الأجنبية.
وأشارت إلى أنه وضع مؤقت، موضحة: "العالم كله يسرع بعملية التطعيمات للحاق بالموسم السياحي الصيفى وهو ما يعني عودة السياحة العالمية تدريجيا ونشاط حركة السفر والتنقل وبالتالي دعم قطاع الطيران وهما مصدران للعملة الأجنبية".
آثار إيجابية على الصادرات
ترى الدماطي أنه بمنظور أشمل فان تراجع قيمة العملة يسهم في زيادة حجم الصادرات المصرية، وهو ما تعمل الحكومة عليه خلال الفترة الراهنة؛ لتعويض حجم التراجع في مصادر العملة الأجنبية.
وتشير الدماطي إلى أن تخارج بعض المستثمرين الأجانب لتحقيق ارباح في امريكا حاليا سينعكس على تدفقات رؤوس الأموال الاجنبية، مؤكدة أن ذلك يمكن تعويضه بشكل كبير من خلال إجراءات البنك المركزي وتأمين الاحتياطي النقدي.
تأثير مؤقت على التضخم
ارتفاع أسعار الصرف سينعكس بصورة مؤقته على معدل التضخم والأسعار تأثرا بالأزمة العالمية على كافة الدول وليست مصر فقط، بحسب الدماطي، مرجحة أنه بنهاية ديسمبر القادم سيصحح الجنيه مساره امام الدولار مع خطط النمو المستهدفة من الحكومة بواقع 5% في الموازنة الجديدة.
تقلص حقوق السحب بالمؤسسات الدولية
تحركات حكومية لتأمين الدولار
قالت الدماطي أن هناك تحركات حكومية لدعم الصناعة والاستثمار الأجنبي المباشر وتحويلات المصريين بالخارج والاتفاقيات الدولية وطرح سندات دولية، من شأنها تأمين وضع العملة المحلية والوفرة الدولارية.
تراجع استنزاف العملة
أكدت الخبيرة الاقتصادية أن للأمر منظور آخر، إذ أن المصريين كانوا يستهلكون 4مليارات دولار سنويا على السفر للسياحة والدراسة في الخارج، ومع وجود قيود على السفر التنقل تم توفير تلك القيمة بخلاف رحلات الحج والعمرة.
وسجل الدولار الأمريكي ارتفاعا ملحوظا خلال تداولات أمس الأربعاء، واستقر قرب مستويات 91.50 نقطة، مع تزايد الإقبال على العملة الأمريكية في ضوء تفاؤل المستثمرين حيال قدرة الاقتصاد الأمريكي على التعافي من تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد خلال العام الحالي، وهو ما يعزز إنهاء التيسير النقدي تدريجيا داخل الولايات المتحدة.
كما أكد على أنه ليس لديه دلائل تؤكد أننا سنرى ارتفاع قوي ومستدام في معدلات التضخم بشكل سريع، موضحًا أنه يتوقع نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 6% وأن التضخم سيتجاوز مستهدفات الاحتياطي الفيدرالي خلال العام الجاري.
فيما قال عضو الفيدرالي الأمريكي، جيمس بولارد، توقعاته حول أداء الاقتصاد في الولايات المتحدة، مشيرا إلى احتمالات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.5%. مقابل انخفاض معدلات البطالة إلى النسبة 4.5% خلال عام 2021 الجاري.
وفيما يتعلق بقيمة الدولار الأمريكي، أكد بولارد على نظرته بأن الدولار سيظل عملة الاحتياطي العالمي الأولى لفترة طويلة وممتدة من الوقت.
وعلى الرغم من تشكيك عدد من المحللين الاقتصاديين في هذه التصريحات، خاصة وأن العالم على أعتاب موجه ثالثة لجائحة كورونا إلا أن الانعكاس على سوق الإمدادات وارتفاع سعر الدولار العالمي سيكون له عدة انعكاسات على الأسواق الناشئة ومنها مصر، وعلى الأرجح في حالة استمرار موجة ارتفاع الدولار وتراجع الذهب ستؤدي إلى عدة متغيرات من شأنها دفع أسعار الغذاء وأسعار المواد الخام للارتفاع، مع ارتفاع سعر الدولار عالميا وارتفاع تكلفة استيراد السلع وكذلك المواد الخام.
وشهد سعر البترول تحركا منذ بداية الشهر الجاري؛ مدفوعا بالتحركات في سوق النفط وعودة الطلب العالمي من الدول الصناعية وهو ما سينعكس على تكلفة الانتاج والاستيراد، ما يعني أننا على موعد مع ارتفاع التضخم في حالة استمرار موجة سحب الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة لصالح الاستثمار في شهادات الإيداع الأمريكية التي ارتفع العائد الخاص بها مما أصبح أكثر إغراءا للمستثمرين وصناديق الاستثمار.
وفي السطور التالية نرصد أبرز التغيرات المتوقعة من خلال عدة مؤشرات كالتالي:
سعر الدولار
شهد سعر صرف الدولار صباح اليوم ارتفاعا متواترا منذ بداية الأسبوع الماضي، ليواصل ارتفاعه في تعاملات اليوم مسجلا في السوق المحلية 15.71 جنيها للشراء و15.81جنيها للبيع.
وبلغ سعر صرف الدولار في البنك المركزي 15.69جنيها للشراء و15.82جنيها للبيع.
البورصة
تأثرت البورصة المصرية بصورة كبيرة على مدار الاسبوع الماضي بسبب تراجع التداولات واكتسائها باللون الاحمر مع تزايد مبيعات الاجانب مما دعى بالبنك المركزي وهيئة الرقابة المالية لضخ سيولة بقيمة مليار جنيه لدعم البورصة المصرية
التضخم
حتى الآن يشهد معدل التضخم استقرارا رغم ارتفاعه الطفيف الشهر الماضي، إلا أن استمرار موجه ارتفاع الدولار عالميا ستنعكس بالضرورة على أسعار السلع وتوريدات المواد الخام.
الاحتياطي النقدي
يشكل تراجع أسعار الذهب انعكاسا على الاحتياطي النقدى في مصر، من خلال تراجع قيمة المعدن الأصفر.
أسعار الذهب محليا
تسببت موجة الإقبال على الدولار في تراجع الطلب على الذهب مما دفع بسعر الأوقية عالميا للانحفاض، وسجل سعر الأوقية 1700دولار مما دفع بأسعار الذهب للتراجع مسجلا للجرام 21 مبلغ 768.22 جنيها.