الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

امرأة المهام الصعبة.. محطات في حياة نوال السعداوي

الكاتبة الراحلة نوال
الكاتبة الراحلة نوال السعداوي

توفيت صباح اليوم، الأحد الموافق 21 مارس من العام 2021، الكاتبة والطبيبة "نوال السعداوي" عن عمر ناهز التسعون عامًا، خاضت في معظمه العديد من المعارك الضارية بكشف النقاب عن المحظورات، والأمور المتحفظ عليها منذ بدايتها بالكتابة في العام 1957 عبر مجموعتها القصصية الأولى "تعلمت الحب"، وأول رواياتها "مذكرات طبيبة" في العام 1958.

تخصصت "السعداوي" في الأمراض الصدرية، وعند نزوحها من القليوبية للقاهرة، تعرفت على الأدب من خلال الطب وذلك عبر علم التشريح، مازجةً بين التشريح الطبي للجسم بمشرط الطبيبة، والتشريح الأدبي للمجتمع بمداد الأديبة.

تعرضت "السعداوي" للاعتقال أكثر من مرة، خاصةً في عهد الرئيس الراحل "أنور السادات" عقب توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وواجهت تيارات الإسلام السياسي منذ عودتهم للساحة السياسية في السبعينات، وكانت من ضمن الأسماء المرصودة في قوائمهم السوداء، لجرأتها الكبيرة في مواجهة خفافيش الظلام.

جسدت حياتها من بين جدران السجون، في العام 1983 عبر كتابها "مذكرات من سجن النساء"، والتي رصدت من خلالها ما حدث لها في السجون، خاصةً وقت حملات إعتقالات سبتمبر في العام 1981، والتي قام بها "السادات" لتقليص الأصوات المعارضة للاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن برحيل الزعيم في العرض العسكري لذكرى السادس من أكتوبر.

ما أودى بها إلى السجن، تأسيسها لمجلة نسوية أعلنت فيها معارضتها لكامب ديفيد، وعقب مجيئ الرئيس الجديد "حسني مبارك"، تم الإفراج عنها في أربعين الزعيم الراحل، وقالت بشكل مُلخص لحياتها المتخمة بالمخاطر: "لقد أصبح الخطر جزء من حياتي منذ أن رفعت القلم وكتبت.. لا يوجد ما هو أخطر من الحقيقة في عالم مملوء بالكذب".

دخلت العديد من المعارك، مع العديد من الشخصيات أشهرها على الإطلاق، خلافها مع الشيخ "محمد متولي الشعراوي" في أمور فقهية، وكان لها دور بارز في مؤازرتها للكاتب الكبير "فرج فوده" وقت معاركه مع التيارات الأصولية طوال فصول تلك المعركة، حتى استشهاده في العام 1992.

أبرزت موضوعات المرأة وحقوقها، على مدار عقود طويلة من خلال أعمال روائية وقصصية وفكرية منها : "سقوط الإمام"، "قضايا المرأة السياسية والجنسية"، "رحلاتي في العالم"، رواية "الأغنية الدائرية"، رواية "امرأة من نقطة الصفر" والتي إستلهمتها من إحدي السجينات بسجن القناطر، "أوراق حياتي"، مسرحية "الزرقاء"، رواية "الحب في زمن النفط".

ترجمت أعمالها لأكثر من عشرين لغة، وهو ما أهلها للترشيح لجائزة نوبل للآداب، وكانت قاب قوسين أو أدنى من الحصول عليها، نظرًا لنظرتها العالمية لهموم المجتمع.

تم رفع قضية سحب الجنسية المصرية منها، في العام 2008 من أحد المحامين بسبب أرائها المثيرة للجدل، ولكن رفضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة القضية في 12 مايو من نفس العام.

من أشهر معاركها، حربها ضد ظاهرة ختان الإناث وجسدت تلك القضية في كتاباتها الروائية والفكرية، والتي أفرزت عدد كبير من الكاتبات اللاتي تأثرن بها مثل : "إقبال بركة"، "عائشة أبو النور"، وابنتها "منى حلمي".

شغلت "السعداوي" العديد من المناصب، مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة بالقاهرة، والأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة، غير عملها كطبيبة في المستشفى الجامعي.

كما نالت عضوية المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. وأسست جمعية التربية الصحية وجمعية للكاتبات المصريات. وعملت فترة كرئيس تحرير لمجلة الصحة بالقاهرة، ومحرره في مجلة الجمعية الطبية.

ستظل "نوال السعداوي" مثيرة للجدل، ومفجرة للتساؤلات ما بين مؤيد ومعارض حتى وهي موارية الثرى من خلال ما تركته بين دفوف الكتب، نفحات من يترك الدنيا منتقلاً لحياة الخلود ودار البقاء.