الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

لماذا تصمت القاهرة رسميًا إزاء المغازلات التركية المستمرة؟

الرئيس نيوز

لا تزال القاهرة تكتفي بالصمت إزاء تصريحات المسؤولين الأتراك على اختلاف مستوياتهم، التي تلمح لوجود اتصالات على المستوى الدبلوماسي والاستخباراتي، وتعرب عن تطلعها لانفتاح شامل في العلاقات بين البلدين، بما في ذلك تسوية ملف الترسيم البحري في منطقة شرق المتوسط. 

أمس الجمعة، كان حافلًا بالتصريحات المُختلفة على مستوى القيادة في تركيا. ففي أعقاب صلاة الجمعة في إسطنبول، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده ستبحث مع السلطات السعودية قرارها بشأن إجراء مناورات عسكرية مع اليونان، فيما أكد تواصل التعاون الاقتصادي مع مصر، ونقلت وكالة الأناضول الرسمية التركية، عن أردوغان قوله: "تعاوننا الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي مع مصر متواصل، ولا يوجد أي مشكلة في هذا"، مؤكدًا أنه مستعدًا لتطوير تلك العلاقة إذا ما أثمرت تلك المباحثات عن نتائج إيجابية، وتابع: "العلاقات بين الشعبين التركي والمصري أقرب من العلاقات بين الشعبين المصري واليوناني".  


وتصاعدت حدة التوترات بين تركيا واليونان، على خلفية أنشطة أنقرة في منطقة شرق البحر المتوسط وعمليات التنقيب عن الطاقة، وسط تراشق كلامي مستمر، فضلًا عن التدخلات التركية في ليبيا واحتلالها شمال شرق سوريا، وانتهاك سيادة العراق.



تفاؤل تركي


وفي وقت سابق من يوم أمس الجمعة، قال وزير الخارجية التركي، في تصريحات لشبكة "TRT عربي" ووكالة الأناضول الرسميتين: "ستشهد الأيام المقبلة جولة مباحثات جديدة بين تركيا ومصر على المستويين الاستخباراتي والدبلوماسي"، مشيرًا إلى أن الاتصالات الدبلوماسية بدأت مع مصر.


ولفت وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إلى أن الاتصالات بين بلاده ومصر بدأت دون شروط مسبقة، مشيرا إلى أن البلدين سيعقدان جولة مباحثات جديدة على المستويين الدبلوماسي والاستخباراتي، وقال: "بدأنا اتصالاتنا مع مصر على الصعيد الدبلوماسي، وستشهد الأيام المقبلة جولة مباحثات جديدة بين تركيا ومصر على المستويين الاستخباراتي والدبلوماسي"، حسب قوله، وتابع الوزير التركي: "لدينا اتصالات مع مصر سواء على مستوى الاستخبارات أو وزارة الخارجية"، وفقا للقناة التركية.



تعليق مصري 


مسؤول مصري قال لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه ليس هناك ما يمكن توصيفه بأنه "استئناف الاتصالات الدبلوماسية" بين بلاده وتركيا، في معرض تعليقه على تصريحات المسؤولين الأتراك في الآونة الأخيرة.

نقلت الوكالة عن المصدر قوله: "إن البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال اللذين يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقاً للأعراف الدبلوماسية المتبعة"، معتبرًا أن الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي.


تابع المصدر: "مصر تتوقع من أي دولة تتطلع إلي إقامة علاقات طبيعية معها أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وأن تكف عن محاولات التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة"، إلا أنه استطرد قائلًا: "لابد من التأكيد على أهمية الأواصر والصلات القوية التي تربط بين شعبي البلدين".



صمت مصري


الباحث في الشؤون التركية، أشرف سالم، يقول لـ"الرئيس نيوز": "طبيعي أن تكون هناك اتصالات على مستوى الخارجية والاستخبارات فمصر وتركيا تجمعهما العديد من الملفات المتداخلة، مثل ليبيا وشرق المتوسط، ولابد من التواصل لتفادي الاشتباك أو التصعيد، وهذا عرف متداول عليه بين ألد الخصوم (أمريكا وروسيا) بينهما تنسيق في سوريا". 

وعن صمت القاهرة إزاء التصريحات التركية المختلفة، قال سالم: "ليس هناك ما يستدعي إنكاره أو إخفاءه، فالإدارة المصرية إذا ما رأت تقدم وتحسن في العلاقات مع أنقرة من المؤكد أنها ستعلنها"، مرجحًا أن تكون الاتصالات بين الطرفين تم تتوج بشيء يذكر حتى الآن الامر الذي لم يستدع إعلانه من قبل القاهرة.


ولفت إلى أن مصر ترى أن من شروط قبولها الحل مع تركيا هو توقف النظام التركي عن التدخل في الشؤون العربية وانتهاك سيادة الدول، وإثارة التوتر في شرق المتوسط، ومعالجة ملف استضافة أدروغان لقيادات إخوانية هاربة مدانة في أعمال عنف وإرهاب. 



مستجدات مقلقلة


أما الكاتب الصحفي والباحث في الشؤون الدولية، رئيس التحرير السابق، لصحيفة الأهرام، عبد العظيم حماد، كتب عبر صفحته على "فيسبوك"، تحت عنوان لماذا مصر  و تركيا الآن؟ فيقول: "بعيدا عن المكايدات الصبيانية  في الاعلام والشبكات الاجتماعية فإن تمدد اسرائيل سياسيا واقتصاديا وعسكريا في المشرق العربي والخليج والقرن الأفريقي شاملا  السودان واليمن  وجنوب البحر الأحمر - وهو تمدد  يوشك أن يصبح هيمنة استراتيجية - لابد أن يقلق كلا من مصر وتركيا علي مصالحهما ودوريها في الإقليم  الذي تنتمي اليه الدولتان بأكثر مما تنتمي اليه اسرائيل، وكذلك تمدد إيران السياسي والعسكري وتمدد روسيا السياسي والعسكري   وتمدد الصين الاقتصادي".

يضيف حماد: "أدي القرار الدولي بالتسوية السياسية في ليبيا الي انتفاء احتمالات نشوب مواجهة مسلحة مباشرة أو بالوكالة  بين البلدين، وباستثناء السعودية  لم يبق في الإقليم  دول كبيرة متماسكة  سوي مصر وتركيا، فقد تمزقت سوريا وتقزمت العراق وانكفأت الجزائر".


تابع قائلًا: "مصر  ليست متورطة في نزاع  كبير مع دول أخري في المنطقة باستثناء النزاع مع إثيوبيا حول سد النهضة وهو حتي الآن نزاع سياسي وليس عسكريا، وتركيا ليست متورطة عسكريا الا في شمال سوريا والعراق، ولكن في  حدود عمليات تأمين أراضيها من المسلحين الأكراد أو من تدفق هائل  لللاجئيين".



تحركات أمريكية

تطرق عبدالعظيم إلى التحركات الأمريكية المستجدة في المنطقة، فقال: "تخلق فرصا وتحديات فإما الي تسوية في اليمن وصفقة جديدة مع ايران فتنتقل الجهود الي ترتيبات للأمن الجماعي تقتضي سلسلة من التسويات والتفاهمات في فلسطين ولبنان والعراق والمسألة الكردية وثروات شرق المتوسط وتقاسم النفوذ في سوريا وأما الي  مواجهة اسرائيلية خليجية ساخنة ومباشرة ضد ايران  (وهذا ما آستبعده  لعدم صدور ضوء أخضر من واشنطن) وفِي الحالتين سيكون للتفاهم المصري التركي السعودي أثر قوي  في المسارات والمآلات".

اختتم حماد حيدثه بالقول: "ما تقدم كله ينبئ بأن كلا البلدين تدركان أهمية بعضهما البعض  لذا أتوقع أن تأخذ تركيا في اعتبارها  وبمنتهي الجدية تحفظات مصر علي  تدخلاتها في الشأن الداخلي  وأن تأخذ مصر في اعتبارها القلق التركي من مساندتها لليونان في قضايا شرق المتوسط بصرف النظر عما  يصدر أحيانا من العاصمتين من رسائل  عكسية".