عمرو غلاب يكتب: الموازنة التشاركية وبناء حياة كريمة
عندما تحصل على راتبك الشهرى، غالبا ما تعرف أين ستنفق الجانب الأكبر منه ما بين سداد الفواتير والإيجار ومصاريف المواصلات والأقساط وغيرها من المصروفات الحتمية المعروفة مسبقا، وما يتبقى من الراتب بخلاف ما سبق تبدأ التفكير أين ستنفقه: هل تشترى قطعة أثاث جديدة بالمنزل لاستبدال أخرى قديمة أو تالفة؟ أم تقرر السفر مع الأسرة فى نزهة؟ أم تصلح أعطال السيارة التى تؤجلها منذ شهور لحين توفير الميزانية؟ ...إلخ
إذا اتخذت بنفسك القرار وجاء على غير رغبة باقى أفراد الأسرة سيصيبك الكثير من اللوم، أما إذا قررت أن تضع أمامهم الخيارات وتحددون بشكل جماعى أولوياتكم في الإنفاق في هذا الشهر في حدود ما تملكونه من مال، بهذا سيتم إنفاق هذه الموارد في أشياء تلبى احتياجات الغالبية منكم.
ما سبق بشكل مبسط جدا هو ما تعنيه الموازنة التشاركية، حيث يتشارك أفراد المجتمع في تحديد أولوياته في الإنفاق في ظل الموارد المحدودة، فقد تنفق الحكومة مليارات الجنيهات في مشروع ضخم تعتقد من جانبها أنه يفيد هذا المجتمع الذى قد يكون قرية صغيرة، في حين أنه إذا تم سؤال المواطنين من أهل القرية عن أولوياتهم قد تكون شيئا آخر تماما وقد تكون تكلفته أقل كثيرا، وبهذا يكون تم إهدار مبالغ كبيرة في مشروعات لم تلبى رغبات المواطنين الحقيقية واحتياجاتهم في مكان ما.. ولهذا ظهرت الموازنة التشاركية من أمريكا الجنوبية وتحديدا البرازيل في سبعينيات القرن الماضى، لتنتشر في عدد كبير من دول العالم بهدف رئيسى وهو تحقيق أفضل استفادة ممكنة من المال العام من خلال توجيهه لتلبية احتياجات المواطنين ذات الأولوية لهم.