الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

في أغنية نادرة لـ سمير الإسكندراني.. كيف اعترض «حسين السيد» على حروب عصره؟

الرئيس نيوز

يهل علينا شهر مارس، ومعه ذكرى من صاغوا بفنهم معاني الرُقي والإبداع، كلمةً ولحنًا وغناءً، فهو الشهر الذي رحل فيه عميد موسيقى الأفلام، الموسيقار اليوناني المصري "أندريا رايدر" الذي رحل يوم 5 مارس من العام 1971، وذكرى شاعر الحب والرومانسية "حسين السيد"، الذي ولد يوم 15 مارس من العام 1916، وتوفي يوم 27 مارس من العام 1983.


(الشاعر حسين السيد)

اجتمع القطبين في العام 1968، والعالم يئن من ويلات الحروب المريرة الداهسة للأبرياء، وقلبهما ينزف آنينًا وبكاءً مريرًا على ما آلت إليه الأمور على وجه الأرض، شرقًا وغربًا حتى تُرضي الإمبريالية نهمها الاستعماري بإلتهام الجميع.


(الموسيقار أندريا رايدر)

قام "حسين السيد"، بصياغة كلماته الرقيقة المُبكية والمؤثرة لتوثيق بشاعة ذئاب الكرة الأرضية بقصيدة غنائية تحمل اسم "حبايب الحب" توثق لمآسي صراخ الفيتناميين من أسلحة الأمريكان، والنزيف الجاري في كشمير، وآلالام الجنود في سيناء وقت الاستنزاف متأرجحين بين اليأس والرجاء، والصهيونية تلتهم كل ما هو عربي أصيل.

تقول كلمات الأغنية :

أنا الحب اللي بتكلم

أنا الحب اللي بتألم

أنا بسمع الطفولة أنا بسمع الشباب

وبحس بكل أم وكل أب ف كل باب

واقفين يستنوا بكره في عالم فجره غاب

ما بين صراع وحيرة وخوف من العذاب

ويقولوا فين الحب

وفجر يوم الحب

وامتى نور الحب

يفرد جناح الحب 

حبايبي فين …ضحكتهم فين 

حبايب الحب تاهوا في وسط الزحام

حبايب الحب ضاعوا بين حرب وسلام

 

أنا الحب اللي بتكلم

أنا الحب اللي بتألم

يا ساكنين الخنادق في ضلِ الطيارات

يا شايلين البنادق في الصخر وفي الغابات  

يا قاعدين فوق كراسي بتحلوا مشكلات

والحق له ثواني والباطل له ساعات

خاصمتوا ليه الحب

وفين ضمير الحب

وليه حبايب الحب 

نسيوا إبتسامة الحب

حبايبي فين …ضحكتهم فين 

حبايب الحب تاهوا في وسط الزحام

حبايب الحب ضاعوا بين حرب وسلام.

 

كلمات معبرة، عانقت صوت جديد ولد مع لحظات المخاض العصيب لخارطة العالم، وقت هبوب تغيرات السبعينات من رحم أواخر الستينيات وضبابية حلم القومية والوطنية مع سقوط أمطار الحروب، شاديًا بعنفوان وشجن الشباب المتمرد وقت ثوراته التمردية على الحال البائس للبشرية.



(الفنان سمير الإسكندراني)

 

 إنه صوت الوطنية الصادق "سمير الإسكندراني" الذي غرد بصوت عصفور حزين في مهرجان أثينا للأغنية في العام 1968، يشكو فيها العالم من المنظمات الدولية والحقوقية على التجاهل المتعمد لإراقة الدماء بدون أسباب منطقية.

 

لحن "رايدر" القصيدة المتمردة بحس الفنان والإنسان المتذكر لأنات اليونان ومصر من قوى استعمارية مختلفة على مدار عقود أليمة، مُذكرًا كلاهما ألا ينجرفوا وراء تيارات الاستفزاز والانحياز بروح فنية رشيقة مزجت الموسيقى الشرقية بالغربية بتوزيع أوركسترالي مبهر.

 

وثيقة فنية نادرة لم ترى النور كثيرًا لأسباب مجهولة، لكن مرارة صراعات اليوم تحتم علينا استرجاع المتشابهات من القرن الماضي، لاستلهام كيفية الخروج من الأزمة في قرننا الحالي، المترع بالدماء الساخنة أضعاف ما كان موجودًا بالقرن السابق.

 

فازت الأغنية بالمركز الثالث بمهرجان أثينا للأغنية في العام 1968 لتماشيها مع تمردات الشباب بدءًا من فرنسا وانتهاءً بمصر وقت السعي نحو التغيير بصيحات شبابية توجه للأنظمة الوطنية، بعدما وقعت أمام أقدام القوى الاستعمارية الجديدة لاختفاء وردية الحلم الجميل أمام صلابة العدو المتسلط العتيد.

 

لم يفت على صانعي الأغنية بتوثيقها مرئيًا عبر فيديو كليب، صور بسطح إحدى الكنائس القديمة بإيطاليا في العام 1970، وفي نهاية الأغنية المصورة، يقفز الحب (سمير الإسكندراني) من أعلى السطح كناية على انتحاره في ظل التجاهل الدولي لوقف نزيف الكراهية والبُغض بين دول العالم المستمر حتى الآن.