الخميس 12 ديسمبر 2024 الموافق 11 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«شهادة ميلاد الأحداث».. كيف عرفت الصحافة الصورة الفوتوجرافية لأول مرة؟

مدير البنك الدولي
مدير البنك الدولي يلتقط صورة للزعيم جمال عبد الناصر

في مثل هذا اليوم في الرابع من مارس من العام 1880، نُشرت أول صورة في العالم بصحيفة "ذا ديلي جرفيك" بمدينة نيويورك الأمريكية، مما ساهم في  توثيق الخبر والحوار الصحفي، ومن هنا كانت شهادة ميلاد "الصحافة المصورة" التي غيرت من وجه العالم بتوكيد الحدث عبر اللقطة الفوتغرافية مصداقًا للمثل الصيني "رُب صورة تغني عن ألف كلمة".


(ونستون تشرشل.. رئيس وزراء بريطانيا)

كانت الصورة ترافق الخبر من خلال طرق بدائية، تعتمد على الرسم اليدوي إلى أن سهلت الكاميرا الفوتغرافية المسألة وأخذت الصورة تيمة رئيسية لتأكيد الخبر أيًا كان نوعه وفحواه، مع التطورات التي طرأت على هذا المجال الآن عكس ما كان في الماضي، حيث كانت الكاميرا الملونة عند إلتقاطها للصورة تستغرق في طباعتها من المصور، ثلاثين دقيقة أما الآن فبإمكانك أن تلتقط الصورة من هاتفك المحمول، الحامل لكاميرا رقمية عالية الجودة في دقائق وتبثها في لحظتها.


(مصطفى كامل قبل وفاته بأيام)

في العام 1881 دخل التصوير الفوتغرافي الصحافة المصرية، في عهد الخديوي "محمد توفيق" وكان الأرمن لمدة طويلة محتكرين هذا العالم، إلى أن ظهرت كوادر مصرية عبر أجيال متتالية منهم : "محمد يوسف" كبير مصوري الأهرام والأخبار وهو من أوائل من عملوا بهذا المجال، "أحمد يوسف" كبير مصوري الأخبار، "حسن دياب" المصور الخاص بالرئيس جمال عبد الناصر، و"حسام دياب".


(جنازة مصطفى كامل باشا في العام 1908)

ماذا يحدث لو لم تدخل الصورة عالم الصحافة؟

سؤال تأملي، يجعلنا نبحر في عالم الخيال والواقعية السحرية التي تنعش من تأملاتنا ومن خيالات المبدعين، فبدون التصوير لفاتنا الكثير والكثير على مستوى العالم، فالصورة تسبق الكلمة في نقل الخبر وعبر تفاصيلها تنسج الكلمات الحالية بمداد إعلامي، سيصبح في يوم من الأيام دليل توثيقي يعتمد عليه المفكر والمؤرخ والباحث والصحفي عند الشروع في تقييم الأحداث على مختلف الأصعدة.


(الرئيس السادات يخطب بالكنيست في العام 1977)

تعتبر الصورة الصحفية، قاعدة رئيسية عند استرجاع الذكريات بنظام "الفلاش باك" إذا جاء ما يستدعي استرجاع ما فات من الأيام، وهي عملية تاريخية أرشيفية تؤكد على أهمية الأرشيف المصور في إنعاش ذاكرة التاريخ والحاضر بكل ما تحمله الأيام من أحداث جسام، ولحظات فارقة في تاريخ الأمم.


(حرب أكتوبر 1973)

الصورة الصحفية، هي التي عرفت العالم بالزعيم "جمال عبد الناصر" عند التقاط "يوجين بلاك" مدير البنك الدولي صورة له، لكي يعرف العالم من قال لمدير البنك الدولي " مش عيب أبدًا إن أنا أبقى فقير وأحاول استلف وأبنى بلدي، أو أحاول أن أجد مساعدة لأبني بلدي، ولكن العيب إن أنا أمتص دماء الشعوب وأمتص حقوق الشعوب.. دا العيب. .. ولـ”أمريكا”: "موتوا بغيظكم".

قام الصحفي الكبير "مصطفى شردي" ابن مدينة بورسعيد، بتصوير بشاعة المجازر البريطانية والفرنسية ببورسعيد، في حرب العام 1956 ودخل على الصحفي الكبير "مصطفى أمين" بمكتبه بالأخبار، مبرزًا له فظاعة تلك الصور ليطوف بها "مصطفى أمين" حول العالم لتوكيد أحقية مصر بقرار التأميم والإبقاء عليه في معركة الصمود والبقاء.

أيصًا ساهمت في توثيق لحظات فارقة من تاريخ الأمة المصرية، وقت جنازات أهم الشخصيات التي أثرت حياتنا كأداة توكيد، على مدى ثراءها مثل: "جنازة مصطفى كامل"، "جنازة سعد زغلول"، "جنازة جمال عبد الناصر"، "جنازة أم كلثوم"، "جنازة عبد الحليم حافظ"، "جنازة سعاد حسني"، "جنازة الشيخ محمد متولي الشعراوي".


(شارل ديجول وونستون تشرشل يمرون من قوس النصر عقب تحرير فرنسا 1944)

أيضًا كان لها الدور الأمثل، في نقل مجريات نصر أكتوبر العظيم وقت منع بث تفاصيله عبر الصورة المتحركة، وهو ما كذَّب الإداعاءات الإسرائيلية في احتلالها للسويس وقت إستجواب الرئيس "أنور السادات" للفريق "أحمد البدوي" في مجلس الشعب مؤكدًا على صمود المدينة الباسلة، مدينة السويس.

تكررت لحظة يوم النصر في تسجيلها فوتغرافيًا، ولكن يوم استشهاد بطل العبور في يوم عُرسه، في العام 1981 وهو يشاهد أخر تطورات الجيش فيما عُرف بـ"حادث المنصة" وسط ذهول الجميع، كما أذهلهم من قبل في العام 1977، عند زيارته المستحيلة لإسرائيل التي شبهت بيوم صعود "نيل أرمسترونج" للقمر في العام 1969.


(حادث المنصة الشهير في السادس من أكتوبر 1981)

كان للصورة الدور الأكبر في تعريف الجميع، بـ"شارل ديجول" الذي لم يقبل هزيمة بلاده فرنسا، في العام 1940 وقت فراره مع مبعوث رئيس الوزراء البريطاني "ونستون تشرشل" الذي إبتكر علامة النصر، بسيجاره الفخم، باعثًا بصوته الجهوري لشعب فرنسا، وللجاليات الفرنسية رسالة تحدي ومقاومة في الثامن عشر من يونيه بتكوين حكومته "فرنسا الحرة" من إذاعة "البي بي سي" ردًا على حكومة "فيشي" بقيادة الجنرال "فيليب بتان" تحت لواء الاحتلال النازي.

التقطت الكاميرات الصحفية، صورًا تاريخية لـ"شارل ديجول"، في أغسطس من العام 1944 وقت عبوره لقوس النصر، بباريس عقب تحريره لعاصمة النور والجمال من براثن النازية وأصبحت تلك الصورة هي اللحظة التوثيقية والتاريخية للأجيال الجديدة كي يحافظوا على الحرية التي جلبها لهم، وبالتالي تعتبرالصورة هي شهادة ميلاد الحدث، ودليل توكيده عند سبك اللحظة الفارقة وذلك لاستعادتها في أي لحظة عند عودة دورية التاريخ مجددًا.