الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«خريطة الجينوم».. تفاصيل أكبر مشروع علمي في تاريخ مصر الحديثة

الرئيس نيوز

أعلن الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي، موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، على إطلاق إشارة البدء في تنفيذ مشروع "الجينوم" المرجعي للمصريين وقدماء المصريين، وإنشاء المركز المصري للجينوم، وذلك خلال اجتماعه الأحد الماضي، برئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى، ووزير التعليم العالى والبحث العلمى.

فيما قال الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، إن الأكاديمية أعدت مشروع الجينوم للمصريين وخطته التنفيذية يونيو 2020.

ويعد "الجينوم" أكبر مشروع علمي في تاريخ مصر الحديثة، ويهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للمصريين، ودراسة الجينوم المرجعي للقدماء المصريين، والجينات المتعلقة ببعض الأمراض الشائعة في مصر، مثل أمراض القلب والأورام والأمراض الوراثية.

وفي هذا التقرير، يلقي "الرئيس نيوز" نظرة عن قرب حول الاستفادة التي ستعود على مصر من وراء مشروع الخريطة الجينية، وبعض الدول التي طبقته.

  التنبؤ بالأمراض ودعم النظام الطبي

يقول كيفين هروسوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة "كاليبر لايف ساينسس" الأمريكية لتطوير خدمات المجتمع العلمي: "يمكن لرسم خرائط الجينوم -جنبًا إلى جنب مع التصوير والاختبار التشخيصي- أن تؤدي إلى تغيير طريقة ممارسة الطب. سيصبح الطب رعاية صحية تنبؤية بدلا من رعاية المرضى"، مشيرًا إلى أن معرفة ما إذا كان الشخص معرضًا للإصابة بمرض لن يؤدي فقط إلى إطالة العمر، بل سيوفر قدرا كبيرا من المال لصالح نظام الرعاية الصحية بشكل عام.

ويضيف هروسوفسكي -طبقا للمقال الذي نشره موقع "فوكس نيوز بيزنيس"، في عام 2011- أن تسلسل الجينوم في الخريطة الجينية يسمح للعلماء بعزل الحمض النووي للفرد وتحديد الرموز المختلفة، ثم بعد ذلك، وبناءً على الدراسات العلمية للمرضى المصابين بأمراض مثل السرطان أو أمراض القلب، يمكن للعلماء تحديد رموز أحرف الحمض النووي الشائعة، التي تعمل كمنبئ لأمراض.

على سبيل المثال، إذا كان المريض يتشارك نفس رمز الحرف مع شخص مصاب بسرطان الثدي، فقد يشير ذلك إلى احتمالية عالية لإصابته بسرطان الثدي في غضون 15 أو 20 عامًا القادمة، وبالتالي يسمح ذلك للمرضى بإجراء الفحوصات والاختبارات والعلاج المناسبين إذا لزم الأمر، قبل وقت طويل من ظهور الورم.

 الوقاية من الأمراض وتقييم الاستجابة للعلاج

يقول الخبراء أيضًا، وفقا لتقرير "فوكس نيوز"، إن تحديد تسلسل جينوم كل شخص سيكون مفيدًا للوقاية من مجموعة متنوعة من أمراض القلب وحتى السمنة، حيث تظهر الأدلة المتزايدة أن تسلسلات معينة للحمض النووي تشير إلى الاستعداد للسمنة، وبالتالي فإن مجرد معرفة أن أحد الأفراد لديه مخاطر أعلى للإصابة بالسمنة يمكن أن يكون دافعًا كافيًا لاتباعه نمط حياة أكثر صحة أو اتباع نظام دوائي مناسب.
 

كما يمكن أن يحدد اقتران تسلسل الجينوم بالاختبار التشخيصي ما إذا كان المريض سيتفاعل مع علاج معين، وبالتالي سيؤدي ذلك لاستخدام عقاقير جديدة.

أول خريطة جينية لشعوب الأرض خلال 4000 عام

في عام 2014، أعلن فريق علمي دولي عن نجاحه في وضع أول خريطة للتاريخ الجيني للمجموعات البشرية والشعوب حول العالم، التي تشير إلى التداخلات الجينية الناتجة عن اختلاط الأعراق والشعوب نتيجة الحروب الاستعمارية وتجارة العبيد وغزو جحافل المغول، بالإضافة إلى تمازج دماء التجار الأوروبيين مع شعوب الصين.

وتقدم الخريطة الجينية لشعوب الأرض -التي توصل إليها باحثون في جامعتي أكسفورد البريطانية و"يونيفرسيتي كوليدج لندن" ومعهد "ماكس بلانك" الألماني للأنثربولوجيا الارتقائية- تاريخ التمازج الجيني الناجم عن الاختلاط بين 95 من المجموعات البشرية والشعوب حول العالم في أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، على مدى الـ4 آلاف سنة الماضية.

وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط"، نشرت الدراسة التي تحمل اسم "الأطلس الجيني لتاريخ الاختلاط البشري" في مجلة "ساينس" العلمية المشهورة، وتم بالدعم المالي من مؤسسة "ويلكم تراست" و"الجمعية الملكية البريطانية" و"مؤسسة جون فيل" بجامعة أكسفورد، ومعاهد الصحة الوطنية الأمريكية.

ترصد الدراسة تواريخ وخصائص التمازج الجيني بين مختلف الأقوام، وذلك بعد أن تمكن العلماء من تطوير طرق إحصائية متقدمة لتحليل الحمض النووي المستخلص من عينات 1490 شخصا، تم انتقائهم من 95 مجموعة بشرية حول العالم.

وحللت الدراسة البيانات الجينية لبعض الشعوب القاطنة في المنطقة العربية، ووجدت أن العينات التي أخذت من المصريين تشير إلى أن جيناتهم تمازجت بنسبة 17.7% مع الأردنيين، و11.5% مع المغاربة، و9.4% مع الإيرانيين، و8.9% مع السوريين، و8.5% مع الإثيوبيين، و6.5% مع القبارصة، و5.7% مع الإيطاليين الجنوبيين، و4.8% مع الأتراك، و3.4% مع الأرمن، و3% مع بدو سيناء، و2.9% مع السعوديين، و2.5% مع اليونانيين.

خريطة جينية لمصر والكويت ولبنان وتونس

في عام 2017، ظهرت نتيجة المشروع الذي أطلقته "ناشيونال جيوجرافيك" عام 2005 باسم "جينوجرافيك" لاستخدام العلم للإجابة عن أسئلة عديدة حول العرق وأصل البشر، وكيفية استيطان الأرض، وتوصل الباحثون إلى اكتشافات مثيرة للدهشة حول التركيب الوراثي لـ4 بلدان عربية.

وبحسب موقع "روسيا اليوم"، زعمت الحراسة أن التركيب الجيني للمصريين الأصليين يشمل أيضا 4% من اليهود المشتتين في العالم، و68% من شمال إفريقيا، و17% من العرب، و3% من كل من شرق إفريقيا وآسيا الصغرى وجنوب أوروبا.

واكتشفت الدراسة أن صلة مصر بشمال إفريقا تعود لأول هجرة للسكان القدماء من القارة السمراء، عبر الطريق الشمالي الشرقي باتجاه جنوب غرب آسيا، حيث أدى انتشار الزراعة إلى زيادة الهجرة من الهلال الخصيب والعودة إلى إفريقيا، تماما كما كانت الهجرة جراء انتشار الإسلام انطلاقا من شبه الجزيرة العربية في القرن السابع.

كما أظهر التركيب الجيني للمواطنين الكويتيين الأصليين أن 84% منهم عرب، و7% من آسيا الصغرى، و4% من شمال إفريقيا، و3% من شرق إفريقيا.

فيما قالت الدراسة إن التركيب الجيني للمواطنين اللبنانيين يعد الأكثر تنوعا بين الجنسيات العربية الأربع، فيشمل 44% من العرب، و14% من اليهود، و11% من شمال إفريقيا، و10% من آسيا الصغرى، و5% من الجنوب الأوروبي، و2% من شرق إفريقيا.

أما في تونس، يوجد 88% من شمال إفريقيا، و5% من دول أوروبا الغربية، و4% من العرب، و2% من غرب ووسط إفريقيا، حيث ساهم موقعها على البحر المتوسط لحد كبير في التنوع الوراثي الواسع النطاق.


مقر مشروع الجينوم المصري

سيتم اختيار "مركز البحوث والطب التجديدي" التابع لوزارة الدفاع، مقرا للمشروع، بمشاركة علمية من الجامعات والمراكز البحثية المصرية ومعاهد وزارة الصحة ذات الخبرة في علم الجينوم، بموجب اتفاقية تعاون ثلاثية بين الأكاديمية ومركز الطب التجديدى بوزارة الدفاع والجهات المنفذة، وسيصبح المركز منارة لكل الباحثين المهتمين بأبحاث الجينوم داخل مصر وخارجها، ويسهم في رفع قدرات الباحثين وبناء كتلة حرجة من العلماء المصريين في هذا المجال الهام، وإتاحة الفرصة لدراسة العينات داخل مصر دون الحاجة للإفصاح عن أي بيانات تتعلق بالأمن القومي.

آلية العمل في مصر

أطلقت وزارة التعليم العالي المصرية، المبادرة الخاصة بهذا المشروع، ممثلة في أكاديمية البحث العلمى، بالتعاون مع وزارات الدفاع والصحة والاتصالات وأكثر من 15 جامعة ومركزًا بحثيًّا ومؤسسة مجتمع مدني، ومن المتوقع الانتهاء منه بداية عام 2025، بتكلفة 2 مليار جنيه.