الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| عصام شيحة: الهجوم على المنظمات الحقوقية دون تفرقة ليس في صالحنا.. والدولة تعاملت مع قضية رجيني بحكمة (3-3)

الرئيس نيوز

-  لا توجد دولة في العالم لا يوجد بها تجاوزات

-  الإعلام يشن هجومًا غير مبرر على المنظمات الحقوقية دون تفرقة

- مصر تعاملت مع قضية رجيني بحكمة..  وعلينا الاستعانة بخبراء متخصصين لمخاطبة الرأي العام بالخارج

- لدينا في مصر 4 أو 5 جمعيات حقوقية تتمتع بحسن السمعة.. وهذه ثروة لا يعرف قيمتها إلا الحكماء

-  هناك تغير لدى الدولة في التعامل مع ملف حقوق الإنسان

-  بعض منظمات خرجت من مصر وعملت ضد الدولة نتيجة تضييق القيود في الداخل.. و"التمويل الأجنبي" يحتاج الضبط لا المنع  

-    معظم الهجوم الخارجي على حقوق الإنسان في مصر يعتمد على معلومات مغلوطة.. ودورنا أن نقوم بتفنيدها والرد عليها





خلال الجزئين السابقين تضمن حوارنا مع القيادي الوفدي والسياسي المخضرم عصام شيحة كواليس ما يحدث لحزب الوفد، ورؤيته  للخروج من تلك الأزمة التي يمر بها أحد أهم الأحزاب المصرية، حيث رأى بوضوح أن ذلك الحل يتمثل في «عودة الوفد إلى صفوف المعارضة الوطنية واستعادة استقلاله المادي والسياسي».

انتقلنا بعد ذلك للحديث معه عن الحياة السياسية في مصر بشكل عام، وعودة العمل السياسي في الجامعات، ورد عما يثار  من غياب الكوادر السياسية القادرة على إحداث الفارق والقيام بدورها، وهنا أيضًا قال أن المشكلة في أن «الأحزاب لا تقدم نفسها كبديل»، مشيرًا إلى أن «الخوف من الجماعة الإرهابية ليس مبررًا لإغلاق المجال العام وركود الحياة السياسية في مصر».

في الجزء الثالث والأخير من حوارنا معه، يتحدث بصفته رئيسًا للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ونتطرق للملف الذي يصفه البعض بالـ«شائك»، لكنه يتحدث بثقة واضحة: «مصر إحدى الدول التي صاغت ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. فلماذا الخوف؟».. وفي ظل الظروف المضطربة التي تمر بها المنطقة من صراعات يؤكد: «ليس هناك تعارض بين الأمن وحقوق الإنسان»..

في الوقت نفسه تتعرض المنظمة لهجوم كبير وسط مطالبات بردها على التدخلات الخارجية بشأن ملف حقوق الإنسان.. وعن ذلك يقول:

نتعرض طوال الوقت لهجوم غير مبرر من كل الأطراف، رغم أن مهمتنا الرئيسية هي الدفاع عن كرامة المواطن المصري.. وتوجيه النقد تجاه أي انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر وأي تجاوزات من السلطة أو غيرها تجاه المواطنين وهذا هو دوري كرئيس للمنظمة.

 دورنا أيضا أن نصد أي هجوم علينا من الخارج، ومعرفة مصدر المعلومات لأننا في كثير من الأحيان نجد المعلومات التي يواجهوننا بها غير صحيحة، كما أن أغلبها غير موثقة وتأتي من منظمات مسيسة تعمل ضد الدولة المصرية في الخارج.


في هذه الحالة.. ما دوركم كمنظمة في التعامل مع تلك البيانات المسيسة والمعلومات المغلوطة؟

 المطلوب منا كمنظمة التعامل مع هذه البيانات والتحقق من صحة المعلومات.. فلدينا مشكلات في الحبس الاحتياطي والاختفاء القسري وعقوبة الإعدام وغيرها.. ولكن من يقول أن التعذيب ممنهج هذا غير صحيح.. لأننا لدينا قضايا في مصر تم القبض فيها على ضباط وتم محاكمتهم محاكمة جنائية وتم عزلهم وينفذون عقوبة السجن.. فهذا اتجاه محمود أتمنى أن يكون في كل القطاعات..

وأخيرًا شاهدنا مرافعة النيابة وهي تقول لأول مرة في تاريخ مصر أن هؤلاء الضباط والجنود الذين اشتركوا في تعذيب "ماكين" قالوا أنهم أساءوا إلى أنفسهم وأساءوا إلى الإنسانية وإلى الجهة التي يمثلونها.

كما أن هناك قضايا نواجه بها الدولة كمنظمة مصرية والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وأرسلنا قائمة بالمختفين قسريا وأعطوا لنا كشف بالاسم ورقم القضية عدا بعض الحالات تعد على أصابع اليد الواحدة.

 فعلي أقل تقدير أستطيع أن أقول أن هناك تغير لدى الدولة في التعامل مع ملف حقوق الإنسان، حيث أنها قضية مستمرة ولا توجد دولة في العالم لا يوجد بها تجاوزات، ولكن يكفي أننا نقول أن هناك رغبة في تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر، وأن هناك تحسن ملحوظ ونسعى أن نكون أفضل من ذلك.

ولدينا عشرات الشكاوى الواردة إلينا بشأن حالة السجون في مصر.. و حاليا لأول مرة تأتي لنا دعوت من وزارة الداخلية للمنظمات الحقوقية لزيارة السجون ومن خلال زيارتي لسجن القناطر، أرى أن حالته جيدة وأتمنى أن تكون حالة كل السجون في مصر مثله تماما.

لا يمكن الحديث عن التدخلات والضغوط الخارجية في ملف حقوق الإنسان من دون  التطرق إلى قضية ريجيني ..كيف ترى تلك القضية وتطوراتها حتى الآن؟

 مصر تتعامل مع هذه القضية بحكمة مثلها مثل قضية سد الإثيوبي، لأننا نعلم أن هناك من يصطاد في الماء العكر.
وبالمناسبة هناك 6 مصريين مختفيين في إيطاليا، ورغم ذلك تتعامل مصر مع الموضوع بكل حكمة، ونحتاج أن نخاطب الرأي العام هناك لأن القضية بها مزايدات سياسية شديدة.

 وعلى كل المنظمات الدولية أن تشجب وتدين ما يحدث، فلا يكفى فقط البرلمان ولجنة حقوق الإنسان، وهناك خبراء متخصصين في هذا الأمر يجب الاستعانة بهم لأخذ رأيهم ولا يجب أن نوجه اتهامات لكل المنظمات الدولية.

صف لنا طبيعة العلاقة بين الدولة أو السلطة والمنظمات الحقوقية؟
أود أن أنوه في البداية إلى أن الإعلام المصري يشن هجومًا غير مبرر في بعض الأحيان تجاه المنظمات الحقوقية مجمعة، دون التفرقة بين الصالح والطالح.. ويتهم المنظمات بالتمويل الأجنبي وأنها تتبنى أجندة خارجية.. وقد يصل الأمر إلى أن نصف المنظمات الحقوقية وكأنهم عملاء لجهات أجنبية تعمل ضد الدولة فتم عمل غسيل لمخ المواطن البسيط تجاه تلك المنظمات.

 لذلك نقابل صعوبة شديدة جدا في التعامل مع المواطنين أنفسهم، فتجد نفسك كمنظمة بين شقى الرحي بين صعوبة التعامل مع الدولة ومواجهتها بالانتقادات وبين التعامل مع المواطنين بالصورة المتبلورة من الإعلام.

 وكان هناك بديل ثالث وهو أن بعض المنظمات التي تعرضت لهجوم شديد توقفت واتجهت للخارج دون قيود أو توازنات وأصبحت تهاجم مصر، وهناك منظمات حاولت الحفاظ على بقائها فأصبحت تؤيد بل وتزايد في التأييد أيضا ففقدت مصداقيتها في الشارع.

وهناك منظمات قليلة حاولت أن تحقق نوع من التوازن فلا تصطدم الصدام الكبير ولكن على الأقل في القضايا الفردية طوال الوقت تؤكد أن هناك تجاوزات في بعض الأمور، وهناك أزمة حقيقية وهي أزمة التمويل حيث أننا ننتقد طوال الوقت التمويل الأجنبي فلا توجد شركة أو منظمة أو حكومة تمول المنظمات الحقوقية وأصبح هناك خوف دائم من رجال الأعمال من فكرة التمويل.

 فماذا يحدث إذا تم تعديل القانون وتم خصم التمويل من الضرائب؟، ولماذا لا نشجع العمل التطوعي؟، أيضا رجال الأعمال عليهم دور اجتماعي يجب أن يقوموا به.

ما رأيك في أزمة التمويل الأجنبي.. مع الإيقاف أم الضبط؟

لابد أن نوضح أن منظومة حقوق الإنسان منظومة عالمية والتمويل الذي تحصل عليه مصر مكافأة وتقدير لاستمرار الدولة المصرية في اتفاقية كامب ديفيد، وكل التمويل الذي تحصل عليه مصر يتم عرضه على مؤسسات الدولة.

 والمنظمة المصرية تحصل على دعم عن طريق وزارة التضامن، فالأمر ليس سهلا لأن مصر موقعة على اتفاقية الفساد، ولديها قانون لغسيل الأموال، ونحن أخيرا محظوظون باستجابة الرئيس لطلب تعديل قانون الجمعيات الأهلية ومحظوظين أكثر بأنه أصبح لدينا في أواخر العام لائحة تنفيذية، رغم وجود بعض التحفظات ولكنها بنسبة كبيرة مقبول.

 ولدينا في مصر 4 أو 5 جمعيات يتمتعون بحسن السمعة وفي القلب منهم المنظمة المصرية، باعتبارها الأقدم في مجال حقوق الإنسان كما أنها عضو في عدد من المنظمات من بينها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وهذه ثروة لا يعرف قيمتها إلا الحكماء.

هناك رؤية مطروحة حول مقايضة الأمن والتنمية بالديمقراطية.. هل ترى أنها مناسبة في الوقت الحالي؟

اتصور أنه بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها الدولة المصرية من الاستقرار والإنجازات الاقتصادية التي يشهد لها الجميع وتعديل منظومة الدعم.. آن الأوان أن نفتح الأبواب ونعطي الفرصة للناس كي تبدع.

 فالدستور في المادة 47 يتحدث عن حرية الرأي والتعبير بأن تكون مكفولة، فهناك تجاوزات.. ولكن العشر سنوات غيروا منظومة القيم لدى المصريين ولسنا الوحيدين ممن يشتكوا من التجاوزات الموجودة على السوشيال ميديا، وبالمناسبة كل دول العالم بها تجاوزات، لذلك فنحن نحتاج إلى وجود مجرى طبيعي نوجه به الشباب الذي يمثل 60 % ونستثمر فيهم بالتدريب والتعليم الجيد وتحقيق مبدأ العدالة المنصفة وتكافؤ الفرص.

ودعونا نتفق على أنه في أي مكان في العالم، الأمن يسبق كل شئ فالمصريين تقريبا 90% من ثرواتهم بالشارع من بينهم المزارع والصناعات الحرة، فإذا انعدم الأمان لهؤلاء لن يكون هناك استقرار ، ووجود الأمان يعطي فرصة للعمل وإذا سألت أي إنسان الديمقراطية أهم أم لقمة العيش سيجيب بأن عمله أهم، لذا فهناك أولويات كي نعيد بناء الدولة لتحقيق التطور الديمقراطي، والذي يبدأ من المدرسة والجامع والكنيسة لتعليم الديمقراطية الصحيحة للنشئ.

ما الذي تحتاجه الدولة لتحسين المناخ الحقوقي في مصر؟

الدولة عملت استراتيجية لمكافحة الفساد وهي رؤية طويلة المدى نحتاج إلى أن تمارس على أرض الواقع، وأتصور أننا نحتاج إلى رفع أيدينا عن المجتمع المدني وفي القلب منه المنظمات الحقوقية.

لأن إعادة الثقة بين الدولة والمنظمات الحقوقية وفهم كل منهم لطبيعة ودور الآخر مهم جدا، فالحكومة عليها وضع القوانين ومؤسسات الدولة تراقب وتراجع وتنتقد وتلفت نظر الحكومة لأي قصور موجود.