جعلته يبحث عن "حصان طروادة الإسرائيلي".. أربع أزمات تطوق أردوغان
بدا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أدرك كم الأزمات التي ألمت ببلاده؛ نتيجة سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وإثارة التوترات في منطقة شرق المتوسط الغنية بالاكتشافات البترولية والغازية، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن "حصان طروادة"، ولم يجد إلا دولة الاحتلال لإنقاذه من تلك الأزمات.
بحسب تقارير أجنبية، أرسل أردوغان، رئيس جهاز الاستِخبارات التركي، هاكان فيدان، إلى القدس المحتلّة لتحسين العلاقات على الصعد كافة التجارية والأمنية، وقد جاهر أردوغان برغبته في التواصل مع دولة الاحتلال في تصريحٍ له في ديسمبر الماضي، إذ قال إنه لا يمانع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
بحسب تقارير فإن دولة الاحتلال وافقت على إعادة العلاقات مع تركيا، وتحسين الأوضاع معها لكن بشروطها، وكان من بين هذه الشروط، قطع أنقرة لعلاقاتها مع حركة حماس، وإغلاق مكاتبها في إسطنبول، ووقف جميع أنشطتها السيبرانيّة التي تشنها خلاياها السرية من الأراضي التركيّة.
قبول تركي
نشرت صحيفة "التايمز" البريطانيّة قبل أسبوعين تقريرًا لمُراسلها في تل أبيب يكشف أن السلطات التركية أبلغت حركة حماس بموقفها الجديد، وطالبت برحيل العديد من كوادرها، وحل بعض الشركات والمنظمات التابعة لها، ووقف جميع أنشطتها انطلاقًا من الأراضي التركيّة، وبلَغ الأمر قمّته عندما احتجزت سلطات مطار إسطنبول مسؤولًا في الحركة، ومنعت دُخوله، وأعادته إلى الجهة القادم منها.
يقول الكاتب، عبد الباري عطوان، في مقال له نشر اليوم الاثنين: "ما يؤشّر على تجاوب السلطات التركية للشروط الإسرائيلية استِئناف شركة (العال الإسرائيلية) رحَلاتها إلى المطارات التركية، وتعيين الدكتورة إيرييت ليليان الخبيرة في الشؤون التركية قائمةً بأعمال السّفارة الإسرائيلية في أنقرة، وتوقفت زيارات قادة حماس إلى إسطنبول، ونقل حِوارات المُصالحة الفِلسطينيّة إلى القاهرة، وغِياب الانتقادات الرسمية والإعلاميّة التركية لاتفاقات التطبيع التي وقعتها دول مِثل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع الاحتلال".
لفت الكاتب المطلع على كثير من الأمور بشأن حركات المقاومة المسلحة، إلى أن من نتائج التقارب التركي الإسرائيلي قبول قِيادة الحركة بالمصالحة مع السلطة في رام الله، والقبول بالانتِخابات الثلاثية التشريعية والرئاسيّة والمجلس الوطني تحت مِظلة اتّفاقات أوسلو، وشُروط رام الله.
مؤكدًا أن نظام اردوغان يواجِه صعوبات داخلية وأزَمات اقتصادية، وأن تجاوز تلك الأزمات يكون بالتقارب مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، حتى لو جاء هذا التقارب على حِساب القضية الفلسطينية.
أزمات أردوغان
عدد الكاتب عبد الباري عطوان الخسائر التي مني بها الرئيس الرئيس التركي خلال الفترة القليلة الماضي، فيقول إن حلفاء أردوغان في ليبيا (السراج – باشاغا – والنمروش) خسروا في عملية التصويت التي تمت برعاية أممية الجمعة الماضية، مما يعني أن حكومة الوفاق الإسلامية الطابع، الحليف القوي لتركيا، والتي وقعت اتفاقات استراتيجية اقتصاديّة وترسيم الحُدود البريّة مع أنقرة خَسِرَت أمرين رئيسيين، الأوّل: صفتها الشرعيّة الدوليّة، والثّاني: تمثيلها للمنطقة الغربيّة الليبيّة حيث العاصمة طرابلس، والحديث باسم البِلاد في المحافل الدوليّة، وحتميّة ترحيل جميع القوّات السوريّة والأُخرى المُوالية لتركيا من البِلاد في المُستقبل المنظور.
أضاف الكاتب الصحيف، أن التغيير المحوري في ليبيا سبقه تغييران على درجةٍ كبيرة من الأهمية في خريطة تحالفات الرئيس أردوغان الإقليمية، الأول اتفاق المصالحة، أو الهدنة، بين قطر والدول الأربع المقاطِعة لها، وخاصةً السعودية ومِصر، وسقوط دونالد ترامب الحليف الأبرز لتركيا، وخروجه من البيت الأبيض، فالرئيس الجديد جو بايدن حليف تاريخي للأكراد والأرمن، ويَكن القليل من الود للرئيس أردوغان.
لفت عطوان إلى أن خسارة تركيا لحكومة الوفاق الليبية التي يُسيطِر عليها إسلاميون من السلطة، واستِحواذ مِصر مجدَدا على مِلف المصالحة بين حركتي "فتح وحماس"، واستِضافة الجولة الحالية من محادثات ترتيب البيت الداخلي الفِلسطيني، جميعها عناوين مهمة لبداية تراجع الدّور التركي في المِنطقة العربية، وهذا ما يفَسِر تحول أردوغان إلى إحياء "القومية التركمستانية" والالتِفات إلى "الحِزام التركمستاني" الذي يمتد من إقليم الإيغور غرب الصين وحتى إسطنبول.
وربما يظن النظام التركي أن العلاقات مع دولة الاحتلال ستساعده على تجاوز تلك الأزمات، خاصة المتعلقة بتلطيف الأجواء مع الأدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدين، فضلًا عن مساعدته على إنهاء أزمته.