الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

قبل ساعات من تنصيب بايدن.. استقالة مديرة الاستخبارات الأمريكية

الرئيس نيوز

عندما عين الرئيس الأمريكى الذي سيغادر البيت الأبيض اليوم، دونالد ترامب، جينا هاسبل مديرة للاستخبارات المركزية الأمريكية "سى أي إيه" فى العام 2018، أذهل ترامب الأمريكيين والعالم بهذا القرار لأن هاسبل هى أول سيدة يتم اسناد هذا المنصب الخطير لها فى تاريخ الولايات المتحدة.

واليوم، وقبل سويعات قليلة من مغادرته لمنصبه، أذهلت سيدة الاستخبارات القوية الأمريكيين بإعلانها الاستقالة من منصبها، موجهة بذلك صفعة لترامب الذى توترت علاقتها معه على مدار العام 2020، ويتهم ترامب هاسبل بأنها خذلته عندما حجبت معلومات عن خصومه، وهى المعلومات التى كان ترامب يأمل فى توظيفها فى صراعه السياسى والانتخابى مع الديمقراطيين الذين دفعوا بنائب رئيس البلاد السابق جو بايدن فى سباق الرئاسة الأمريكية عام 2020.

ويقول المراقبون إن مديرة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، والتى أمضت 36 عاما فى خدمة هذا الجهاز الخطير حافظت على سمعة هذا الجهاز "كمؤسسة دولة"، بعد أن حاول ترامب التعامل معه كإحدى مؤسسات أعماله الخاصة، معتبرين أن هاسبل قد انتصرت بصمودها أمام ضغوط ترامب لسمعة الاستخبارات الأمريكية عندما رفضت الرضوخ لضغوطه المحمومة التى لم تنقطع لتوظيف ما تحويه خزائن "سى أى إيه" من أسرار توظيفا سياسيا لمصلحة الجمهوريين فى مواجهة خصومهم الديمقراطيين.

ويؤكد هؤلاء المراقبون أن هاسبل بمقاومتها ضغوط ترامب قد أكدت دور الاستخبارات الأمريكية "كمؤسسة دولة لا كمؤسسة فرد"، بعد أن اعتقد ترامب أن بإمكانه معاملة هذا الجهاز وكأنه جزء من إمبراطورية أعماله الخاصة.

وتعد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سى أى إيه" درع الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد أنشطة التجسس والاستخبارات الخارجية المعادية، وبإصرارها على موقفها أكدت هاسبل أن "سى أى إيه" لا يجب أن تكون طرفا فى تجاذبات الصراعات الرئاسية والسياسية وتقاطعاتها الشائكة، وهو ما تؤكده القوانين الناظمه لدور الاستخبارات الأمريكية المركزية التى تحظر على الجهاز والعاملين به الانخراط فى أي أنشطة داخلية أو سياسية تتنافى مع قواعد الحيدة العملياتية والسياسية.

وفى العاشرة من مساء أمس الثلاثاء، الرابعة صباحا بتوقيت الولايات المتحدة، كتبت مديرة الاستخبارات المركزية على موقع الجهاز على منصة تويتر: "لقد كان لى عظيم الشرف على مدار حياتى أن أقود هذا الجهاز العظيم.. واليوم وأنا أغادر منصبى، أؤكد افتخارى بما حققناه معا أنا والعاملون فى جهازنا من انتصارات وما تغلبنا عليه من تهديدات، وهو ما أعتبره الاستثمار الأفضل لمستقبل وطننا".

كما وجه العاملون فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كلمة شكر لمديرتهم المغادرة نشروها على حساب "سى أى إيه" على منصة تويتر يشكرونها فيها على ستة وثلاثين عاما كرستها من حياتها فى الوكالة لخدمة الشعب الأمريكى، وقالوا: "لقد حطمتى كل العراقيل وأعطيتى القوة لجيل جديد من العاملين فى جهازنا العظيم".

والتحقت جينا هاسبل -المولودة فى الأول من أكتوبر 1956- بالعمل كضابطه استخبارات فى العام 1985 وترقت فى مناصب "سى أى إيه"، بعد ذلك فصارت فى العام 2013 مديرة لمكتب العمليات السرية فى الاستخبارات الأمريكية ثم ترقت إلى منصب نائب مدير الجهاز فى فبراير 2017 وشملت مسؤولياتها جمع وتحليل المعلومات والتعامل مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وبعد ذلك صارت هاسبل مديره لوكالة الاستخبارات المركزية اعتبارا من مايو 2018 خلفا لمايك بومبيو مدير الوكالة، الذى عينه ترامب وزيرا للخارجية بعد إقالته لوزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون.

وقضت هاسبل الجزء الأكبر من عملها فى الجهاز مديرة لعملياته السرية خارج الولايات المتحدة وكانت المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخباراتية وتدبير العمليات السرية الخاصة، ولم تكشف وكالة الاستخبارات المركزية عن تفاصيل عمل هاسبل التى اتسم بحساسيته، لكن وسائل الإعلام الأمريكية أطلقت عليها وصف "المرأة المرعبة" بعد انكشاف دورها فى معتقل أبوغريب العراقى أثناء التحقيق مع منتسبى تنظيم القاعدة.

وبرغم ما نسجه الإعلام الأمريكى من أساطير حول سيدة "سى أى إيه" الحديدية فى العراق ووسط آسيا، فإن ذلك لم يمنع امتلاك هاسبل ملفا حافلا بالانجازات فى عالم مكافحة الإرهاب، فهى السيدة التى حققت مع المشتبه فى انتمائهم للقاعدة ومن بينهم قيادات فى التنظيم من أعوان اسامة بن لادن أبرزهم العنصر الإرهابى المكنى أبو زبيدة، وحازت هاسبيل على وسام التميز فى مكافحة الإرهاب من رئيس الولايات المتحدة السابق جورج بوش الابن تقديرا لجهودها فى مكافحة الإرهاب بعد هجمات برجى مركز التجارة العالمى فى سبتمبر 2001.

وكانت جينا هاسبيل مديرة المخابرات المركزية الأمريكية "سى أى إيه" قد هددت قبل أيام بترك منصبها وذلك فى حالة أقدام ترامب على الإطاحة بها، وقد أوفت بقسمها ليلة أمس معلنة استقالتها كنهاية لعلاقات متوترة مع ترامب على مدار العام 2020.

فقد كشفت مصادر إخبارية أمريكية النقاب عن كواليس صراع دار فى الخفاء خلال الأسابيع الماضية بين ترامب وهاسبل، التى هددت بترك منصبها فورا إذا فكر ترامب فى إقالتها، وروت تقارير إخبارية أمريكية كيف كان ترامب مصرا قبل أسابيع من انتهاء ولايته الرئاسية على الانتقام من قادة أجهزته الأمنية وخصوصا مديرة "سى أى إيه"؛ بهدف إرباك المشهد السياسى العام أمام منافسه الفائز فى الانتخابات الرئاسية جو بايدن.

وكشفت هذه التقارير عن عدول ترامب فى الحادى عشر من ديسمبر الماضى عن فكرة إقالة مديرة "سى أى إيه" جينا هاسبل، وتعيين صديقه المقرب كاش باتيل فى المنصب، لكن ترامب عدل عن الفكرة بعد أن حذره مستشاروه من شراسة جينا هاسبل وامتلاكها "للكثير" الذى يمكن أن يحيل حياته إلى جحيم، وكان مايك بنس نائب ترامب ضمن من أشاروا عليه بضرورة تفادى الصدام مع مديرة الاستخبارات الأمريكية التى أقدمت بشجاعة اليوم على ترك موقعها "بيدها لا بيد ترامب".