الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| هيثم الحريري: تجاربنا الحزبية «النفس الأخير» في الحياة السياسية.. ومساعدة السلطة واجبة

الرئيس نيوز

- الحديث عن الأيدلوجيات رفاهية.. ونحتاج لتجديد خطاب السبعينات وضخ دماء جديدة 

- نسعى إلى تبنى قضايا الناس إلى جانب القضايا النخبوية 

- لا أرى أن هناك نية حقيقية فى عملية إصلاح سياسى.. ولابد أن تساعدنا السلطة 

- قانون الانتخابات "شيطانى" وتسبب فى تصدع الأحزاب..والمحليات ليست مجال للسجال السياسى
 - انحسار العضويات هو سبب الصراع فى أحزاب المعارضة


"الأحزاب هى الحل" شعار رفعه هيثم الحريرى متجها إلى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، عقب خسارته مقعده فى البرلمان بالانتخابات الأخيرة، وهو الطريق الذى سبقه إليه زميله بتكتل 25_30 المعارض، أحمد الطنطاوى؛ متجها إلى حزب الكرامة.

وعن الخطوة السياسية يقول هيثم الحريرى أن الاتجاه إلى العمل الجماعى هو أساس الحياة السياسية، ولا يوجد فرد مهما كانت إمكانياته يستطيع التغيير فى دائرة أو محافظة أو دولة بمفرده.

 وفى حواره مع " الرئيس نيوز" يوضح أنهم آخر دفقة أكسجين للحياة السياسية، وعلى السلطة أن تعينهم على منح قبلة الحياة للوسط السياسى، وإلا سيكون ذلك بمثابة القضاء على النفس الأخير، وإصابة الرأى العام بحالة كاملة من الإحباط واليأس. 

 وعن دوافعه لتفعيل مشاركته الحزبية على الرغم من تحقيق حالة من النجاح والزخم كمستقل.. 

يقول: الأصل فى الحياة السياسية هو العمل الحزبى والجماعى، ومنذ نشأتى الأولى وأنا أمارس العمل الحزبى من خلال "طلائع حزب التجمع".. وتقدمت باستقالتى عقب ثورة يناير 2011، وشاركت فى تأسيس حزب الدستور فى 2012 قبل أن أتقدم باستقالتى لاختلاف فى وجهات النظر بين إدارة الحزب والزملاء الذين كنت أمثلهم بالإسكندرية، ولولا ذلك لترشحت فى انتخابات النواب 2015 عن حزب الدستور. 

_هل التفكير فى الانضمام الحزبى جاء بعد الخسارة فى انتخابات البرلمان الأخيرة؟  

التفكير فى المشاركة الحزبية مثار نقاش داخل تكتل 25_30 منذ فترة طويلة، ولكن الائحة الداخلية للبرلمان تمنع تغيير الصفة الانتخابية من مستقل إلى حزبى، وجميع أعضاء التكتل لهم أصول حزبية، ولكن الأمر كان سيمثل مشكلة لنا حال تنفيذه وقتها. 

أما عن عدم إنشاء حزب جديد، فالأمر بمنتهى المصداقية أننا أكثر واقعية من ذلك، فهناك حالة من اليقين أنه لن يتم الموافقة على تأسيس حزب خاصة لأعضاء التكتل، هذا بالإضافة إلى أننا لا نحتاج إلى مزيد من الأحزاب فهناك عدد كبير بينها تقارب فكرى، وما نحتاجه هو منح الأحزاب مساحة للعمل والتنفس وممارسة السياسة. 

_لماذا اتجهت إلى حزب التحالف وليس حزب الدستور الذى كنت واحد من مؤسسيه؟

حزب الدستور به أعز الأصدقاء ورفاق الثورة، ولكن فضلت خوض تجربة جديدة بشكل كامل، وحزب الدستور لديه من الكوادر القادرين على صناعة زخم، ولا مانع أن يكون هناك أكثر من منطقة ساخنة فى الحياة السياسية، ولو جلسنا على طاولة واحدة فإن هناك تقارب فكرى وتوحد فى المواقف يجمعنا. 

_تم انتخابك ضمن المكتب السياسى للحزب رغم  حداثة انضمامك

كان والدى أبو العز الحريرى هو أحد مؤسسى الحزب، كما أن أي شخص ملم بالعمل الحزبى يعرف أنه عندما يكون هناك شخصية عامة أو نائب أو شخصية سياسية؛ يتم توظيفها في الأمانة العامة أو المكتب السياسي للحزب، وبالتالي كان من الطبيعي أن يتم انتخابي فى المكتب السياسي للحزب. 

_ولكن هناك أزمة في تقبل الشارع لأيدولوجيات حزبية  خلال الوقت الراهن 

 الحقيقة أن الأيدولوجيات والخلافات بينها تعد من الرفاهية فى الوقت الحالى، ليس لدينا رفاهية نفرش الشقة كلاسيك ولا مودرن، نريد أن نبنى البيت  أولاً، وعندما نصل إلى درجة بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، نبدأ نتكلم فى الأيدولوجيات واختلافاتها.
ودعينى أوضح الناس وقفت معنا من أجل مواقفنا، وهى مواقف دعمتها الأحزاب التى انضمينا إليها سواء التحالف الشعبى الاشتراكى أو الكرامة.
ما نسعى إليه فى الوقت الحالى هو خروج الناس من فكرة العمل الفردى إلى العمل الجماعى والحزبى.. لو نظرنا إلى التجارب فى الدول الأخرى   فإن أى شخص لا يستطيع الوصول إلى منصب فى الدولة إلا من خلال حزب له قواعد شعبية، حتى فى البرلمانات الأخرى لا وجود للمستقلين. 
ونحن نرى أنه إذا كنا نجحنا بقدر ما فى تجربة برلمانية فإننا نستطيع أن  نكمل للنجاح فى الأحزاب. 
_ما الخطة الحزبية المنتظر تطبيقها خلال الشهور القادمة؟
لدينا تصور للشهور القادمة لإعادة بناء الحزب وتغير صورة الذهنية فى الشارع، وحتى المشاكل التى سيتبناها الحزب ستكون متماسة بشكل مباشر مع  حياة المواطنين إلى جانب ما تتبناه من قضايا تهم النخبة، مثل حرية الرأى والتعبير والإفراج عن المسجونين.
المواطن يهتم بمشكلاته الحياتية واليومية بشكل أكبر، جزء كبير من المجتمع لا يشارك فى العملية السياسية، لعدم ضمانة نزاهة الإجراءات، ولأنه لا يرى الأحزاب قريبة منه، والأحزاب فى  الشارع إما تتقارب مع المواطن بالكراتين والزيت والسكر، أو تتحدث بصبغة نخبوية.

_هناك حالة تفتت وأحيانا صراعات داخل أحزاب المعارضة..فما سبب ذلك؟ 

قد يكون هناك صراعات فى  بعض الأحيان نتيجة انحسار العضويات، لكن لو هناك عدد كبير من العضويات فإن الانتخابات هى من تفرز قيادات الأحزاب، وذلك يرجع لعملية الخوف من الانضمام للأحزاب.
لكن لو تصورنا الصورة بشكل مختلف، وأصبح لدينا مساحة للعمل فى الشارع وكوادر حزبية وانتخابات نزيهة تفرز الأحزاب الحقيقية من الكرتونية، فإن العضو الذى لا يجد حالة من القبول الجماهيرى لحزبه فإنه سينضم لحزب آخر وهكذا، أما دعم حزب وحيد على الساحة السياسية فإن ذلك يتسبب فى حالة تهميش كاملة لباقى الأحزاب. 

_هل هناك حالة صدع فى أحزاب الكتلة المدنية نتيجة اختلافات وجهات النظر فى المشاركة ضمن قائمة مستقبل وطن؟ 
لا يوجد صدع  بين الأحزاب فى الكتلة المدنية، وليس هناك مشكلة مع  الأحزاب التى قامت بالمشاركة، والمشكلة فى "القانون الشيطانى" الذى تم إجراء الانتخابات به والذى تسبب فى صدع كبير بالأحزاب.
كان من غير المعقول أن تختار الأغلبية معارضتها، التى تشارك معها فى القائمة، ولا أستطيع أن أختلف مع الأحزاب التى قبلت الأمر على مضض، فهذا القانون يفرض نوع من الجمود على الحياة السياسية، وبالتالى الشارع لن يشعر بأن هناك من يمثله تمثيل حقيقى في البرلمان أو النقابات.

_ما المشكلات التي تواجه أحزاب المعارضة على الصعيد الداخلى؟ 
تعانى أحزاب المعارضة من مشكلات مالية، ولا تحظى بدعم المواطنين بسبب تخوفات أمنية، ونحتاج إلى إعادة النظر فى قانون الأحزاب ليسمح بإدارة مشروعات تجارية تدر ربح؛ تسمح باستمرار الحزب ومشاركته السياسية وإقامة الفاعليات.
على مستوى الكوادر فليس لدينا مشكلة ، ولدينا العديد من الأعضاء القادرين على المشاركة الفاعلة، ولكن ما نحتاجه هو السماح بالنفاذ إلى الشارع السياسى. 
ولدينا عشرات فى المحافظات تنضم إلى الحزب يوميا، وهذا معناه أن الشباب كان محتاج أن يرى تجربة جديدة ويشارك فيها أو يرى الأشخاص الذى وثق فيهم وينضم إليهم. 

_ماذا تحتاج الأحزاب لاستعادة الكتلة الشبابية المفقودة فى عملية المشاركة السياسية؟ 

ربما نحتاج إلى أن نراجع أنفسنا داخل الأحزاب ونجدد الدماء، و نحتاج إلى تجديد الخطاب، ونعمل على تحديث الخطاب الموجود من السبعينات، و التعامل خارج إطار الأيدلوجيات. 

وقد كنت ضمن حزب التجمع اليسارى، ثم شاركت فى تأسيس حزب الدستور الليبرالى، والآن فى حزب التحالف اليسارى، فهل الخلل فى شخصى أم فى الأحزاب؟، على المستوى الشخصى فأنا لا أصنف نفسى كيسارى أو ليبرالى بشكل مطلق.. ما نسعى إليه هو إيجاد مساحة من الحرية والتعبير بشكل آمن، فعلى سبيل المثال ولى الأمر الذى يشهد أعمال العنف فى مبارايات كرة القدم يقوم بمنع أبنائه من الذهاب إليها الأمر مشابه لذلك فى السياسة، حالات التخويف وعمليات القبض على أعضاء الأحزاب السياسية، تنشر حالة من العزوف عن المشاركة، فكيف يمكننا إقناع الشباب؟
هنا لابد أن تساعدنا السلطة.. فالناس تخشى من الانضمام إلى الأحزاب رغم شرعيتها. 

_هل ينوى حزب التحالف المشاركة فى انتخابات المحليات؟ 

أحد الأسباب الأساسية التى دفعتنى للانضمام لحزب التحالف، هو سياسة المشاركة التى ينتهجها.
والحزب لديه عدد كبير من الكوادر الشبابية، التى يستطيع الدفع بها فى انتخابات المحليات، ونستطيع التنسيق مع الأحزاب القريبة إلينا. 
ولكن النقطة المفصلية هنا: هل هناك إرادة سياسية حقيقية لعقد انتخابات ديمقراطية، ولا أتكلم فقط عن سلامة الإجراءات، ولكن أيضا عن القانون نفسه، فالنظام الانتخابى على القائمة المغلقة المطلقة هو نظام غير ديمقراطى ويقوم بإهدار الأصوات، ولا يسمح بالمشاركة إلا من خلال قائمة بعينها، قائمة مصنوعة. 
انتخابات المحليات ليست منطقة سجال بين الموالاة والمعارضة، فهى مساحة لا يوجد بها تشريعات ولا قوانين ولا اتفاقيات، ولكنها مساحة خدمية، تقوم على تقديم خدمات للمواطن وحل مشكلاته. 


 _هناك حديث لا ينقطع عن عملية الإصلاح السياسى والاتجاه نحو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة

لا أرى أن هناك رغبة حقيقية فى عملية الإصلاح السياسى، فالأمر لا يحتاج لأكثر من قرار بتحسين المناخ السياسى ليتغير الوضع 180 درجة. 
هل السطة ستسمح للأحزاب بمساحة للحركة فى الشارع؟.. نحن نمثل أخر نفس فى الحياة السياسية، نحاول تقديم أفكار جديدة للناس وخطاب مختلف. 
فهل سيتم السماح لنا؟.. فلو تم القضاء على أخر نفس لن يكون ذلك فى مصلحة الناس أول البلد أو السلطة.
ما نحتاجه هو بعض الأكسجين للتنفس، وفتح المنافذ الإعلامية وتخفيف القبضة الأمنية عن الحياة السياسية. 

_ما المطلوب بالتحديد من السلطة لتحسين المناخ السياسى؟  

نحتاج إلى إعادة إخراج المشهد السياسى بشكل مختلف، نحتاج إلى أكسجين فى الحياة السياسية، ووجود مائدة حوار فى الإعلام تشمل كل ممثلى الأحزاب من كل التوجهات، نحتاج إلى المنافسة العادلة والشريفة ومناظرات، فضلا عن أن نترك الحكم للناس ونحترم إرادتهم واختياراتهم..  فالحياة السياسية متكاملة وليست جزئية، فلا يمكن ان تقوم بتشكيل قائمة من 12 حزب منتقاة ونعد هذا نوع من التنوع.

_هل تعتقد أن الغرفتين النيابيتين ( البرلمان_ الشيوخ) قادرتان على إحداث فرق فى الفترة القادمة؟ 

لا أنتظر أى جديد من الغرفتين عن البرلمان السابق، فمجلس الشيوخ قاصر على إبداء الرأى فيما يتم إحالته له.. فهل يملك الرفض؟ أنا لا أعتقد ذلك، كما أن الحديث عن إجراء حوار مجتمعى، أمر لا يخرج عن كونه إجراء شكلى، ولنا تجربة فى هذا مع التعديلات الدستورية، وقانون الجمعيات الأهلية.

والأغلبية التى تم اختيارها لا تختلف كثيرا عن أغلبية المجلس السابق، فقط تغير فى الوجوه مع الإبقاء على نفس النهج.

أما فيما يخص الأجندة التشريعية للبرلمان، فأنا لا أتمنى إصدار أي تشريعات جديدة، فأغلب ما تم إقراره عاد بأثر سلبى على المواطن، مثل قانون الخدمة المدنية ومخالفات البناء، ما نحتاجه هو مراجعة ما تم إقراره من تشريعات وإصلاحها مثل قوانين الإعلام والضرائب وغيرها.

أيضا برنامج الإصلاح الاقتصادى لم يأت بأثر طيب، وهناك عدم رضا مجتمعي، مازالت الحكومة تحتفظ بأولويات غير متوازنة على حساب الصحة والتعليم. 
بالإضافة إلى أن علانية جلسات مجلس النواب، هى حق أصيل للمواطن والاطلاع على نتيجة التصويت على القوانين، من حق الناخب أن يعرف من وقف إلى جانبه ومن وقف ضده، لندع الناس ترى حتى تكون قادرة على اختيار من يمثلها فى المرات القادمة. 


_ من وجهة نظرك.. كيف يمكن أن تنعكس التغيرات فى المشهد السياسى الخارجى عالميا على الحالة السياسية بالداخل المصرى؟
  
ألخص رأى فى هذا الموضوع فى جملة واحدة موجهة للحكومات والشعوب: "المتغطى بالأمريكان عريان"، أى حكومة تتصور أن دعم أمريكا لها هو طوق النجاة مخطئة، وأى شعب يعول على أن أمريكا أو غيرها ستوفر له حياة ديمقراطية، واهم.

فى النهاية أمريكا تبحث عن مصلحة الشعب الأمريكى، ربما تكون طريقة التنفيذ مختلفة، ولكن النتيجة واحدة، بايدن لايختلف عن ترامب، وأنا كعضو سياسى لا أعول على أى عامل خارجى أو أى إدارة أمريكية لتغيير الواقع السياسى. 

_ لماذا قررت المشاركة رغم كل ما تتحدث عنه من معوقات وسلبيات فى الحياة السياسية؟

لا يوجد أحد يعمل فى المجال السياسى غير متفائل، أنا دائما أرى أنه من الصعب أن تبقى الصورة قاتمة طول الوقت، وعلينا أن نشعل شمعة، وأنا وزملائى ممن اتجهوا إلى الحياة الحزبية، نحاول أن نشعل شمعة ونتمسك بالأمل ونلقى حجر فى المياه الراكدة، ولكنى فى نفس الوقت واقعى، أى  لابد أن أتحدث عن الواقع لإيجاد حلول للمشاكل، وفى ظل واقعيتى عندى أمل وعندى طموح،  يرتبط تحقيقهما بأن توفر السلطة المصرية  تربة صالحة لممارسة الحياة السياسية نزرع فيها الأمل، ولو هذا حدث سننجح وسنساعد، كل ما نبذله من مجهود هو رغبة منا فى إصلاح ما نراه خطأ، وهذا يساعد السلطة، نحن نرى أنفسنا فى موقف الصديق، الذى يقدم نصيحة صادقة ولا نخدع ، ونحن نحب بلدنا..  «اللى مابيحبش البلد هو من يهادن السلطة، وهم كثر ومسيطرين على المشهد السياسى والإعلامى، وهذا لا فى مصلحة السلطة ولا البلد».

قد يهمك أيضا:

هيثم الحريري يعلن انضمامه لحزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»