الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

أحمد الطنطاوى: "الكرامة" لديه مشروع طَموح لكنه عاقل.. ولن ندخل فى صدامات ليس لها داعي

الرئيس نيوز


- نسعى لبناء أكبر حزب يمثل المعارضة الوطنية ومنفتح على تحالفات متعددة


- لن نستسلم للحصار فى مقراتنا كما أننا لن نغامر بأعضائنا


- نطرح أنفسنا كبديل وليس كتابع


- "الكرامة" يسعى لخوض الاستحقاقات الانتخابية القادمة فى تحالف يضمن "تكاتف الشركاء وليس قسمة الغرماء"


- أدعو مجلس الشيوخ إلى تبنى حوار سياسي حقيقي وبناء


انشغلت الأوساط السياسية، خلال الأيام الماضية، بالنتائج النهائية لانتخابات المرحلة الثانية، والتي حملت عدد من المفاجآت على رأسها خروج النائب أحمد الطنطاوي عن دائرة بندر ومركز كفر الشيخ ومركز قلين، وعضو تكتل 25_30 المعارض، من السباق الانتخابي في جولة الإعادة على الرغم من تصدره نتيجة الجولة الأولى بفارق يقارب ١١ ألف صوت عن أقرب منافسيه.

وفى خضم الجدل الدائر عن دقة ما تم إعلانه من نتيجة من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات، ووضع الأمر برمته قيد نظر القضاء أمام  محكمة النقض، إلا أن الطنطاوي قرر ألا يبقى رهن الفصل فيما أثاره، و سارع باتخاذ خطوة سياسية فى اتجاه المستقبل السياسي؛ معلنا عودته إلى حزب الكرامة والذى كان قد انفصل عنه منذ ست سنوات، قبل أن يتقدم من خلال المؤتمر العام للحزب لمنصب رئيس الحزب ويفوز بالتزكية.

تلك التحركات السريعة والتى أثارت ردود واسعة فى الأوساط السياسية بين الإشادة، داعمين إصراره على الاستمرار متمسكًا بالأمل، وبين منتقدين لربط تجربته السياسية بحزب بعينه قد يفقده زخم شعبيته.

وبين أولئك وهؤلاء، جمعنا لقاء مطول برئيس حزب الكرامة أحمد الطنطاوى، وعن قراره بالعودة إلى الحزب وليس محاولة إنشاء حزب جديد..

يقول: كنت أمام خيارين لا ثالث لهما: الابتعاد أو المعافرة، وقد قررت أن أكمل إما من خلال حزب قائم أو إنشاء حزب جديد، وإنشاء حزب جديد هو أمر محكوم عليه بالفشل، ليس لأننا عاجزين عن استيفاء الشروط القانونية، وتوفير التوكيلات اللازمة لتأسيس حزب، ولكن لأن المناخ السياسي يشير بوضوح إلى ذلك، ولذلك قررنا أن نوفر على الناس تجربة تصدر لهم المزيد من الإحباط، فكان التفكير العملى هو استثمار ما هو متاح، بالبحث عن حزب يكون قابل وقادر: قابل لوجودي، وقادر أن يلبى التطلعات التى نتمنى الوصول إليها سياسيًا.

ولماذا وقع اختيارك على حزب الكرامة؟

لأنه توفر فيه هذين الشرطين، بالإضافة إلى أنه التجربة الوحيدة في حياتى الحزبية، وكنت أحد مؤسسيه، وأمين له فى مركز قلين ثم عضو هيئة عليا وأخيرًا عضو مكتب سياسي، قبل أن أترك الحزب في ٢٠١٤ مختلفًا، وإن بقيت محترمًا.

وقد قدمت إدارة الحزب وجيل المؤسسين نموذج راقي جدًا، ويجب أن يُحتذى به في الحياة العامة المصرية فى الأحزاب وغيرها، بالمعارضة والسلطة، من خلال عملية تداول ديمقراطي.

هناك قطاع من المؤيدين لك يرون أن ربط تجربتك الحزبية بالكرامة سيكون له فاتورة سياسية ارتباطًا بتجربة حمدين صباحى؟

أولًا لابد أن نتفق أن اتخاذ أي سياسي لموقف يختلف عليه البعض ليس مبرر لتشويهه أو الإساءة له، خاصة لو كانت حملات ممنهجة، وأعتقد أن الأولى الآن أن يذكر الرجل بالخير هو ورفاقه وأبناء جيله المؤسسين للحزب وهم يأخذوا هذه الخطوة، ليس هناك منطق فى الهجوم على ناس تحترم طبيعة الأشياء وسنة الحياة وتبادر طواعية أن تنقل المسئولية وتقف فى الصفوف الخلفية وتساند وتشجع دون المشاركة فى اتخاذ القرار.


عندما اتخذت القرار كنت أعرف أنه لن يرضى الجميع وطالبت المقتنع بالخطوة أن يشاركنى فيها، وتمنيت على المختلف معها ألا يستعجل فى الحكم أو التقييم، والدليل على ذلك أنه خلال الخمس سنوات الماضية كان هناك تبدل فى مواقف كثير من المتابعين لى سلبًا أو إيجابًا، فلا داعى للاستعجال بالأحكام على تجربة لم تبدأ بعد.

وللعلم فإني كنت أتوقع نسبة أكبر من الرافضين لهذه الخطوة ولكن رد الفعل الشعبى والسياسى كان إيجابى إلى حد كبير، ونتلقى طلبات بآلاف العضويات عبر الاستمارة الإلكترونية.

ومن حيث المبدأ لا أنتظر أن تكون القرارات التي سأتخذها في الفترة القادمة محل إجماع، ولو أن هناك سياسي تجمع الناس عليه وتقبل كل مواقفه إذن فهناك مشكلة أو شئ خاطئ.

ما أثق فيه أن هناك نية صادقة أن نقدم لمصر حزب قويًا وعصريًا خلال الدورة التنظيمية التى أطلقنا عليها "دورة الأمل"، والتى شرفت بانتخابى فيها رئيسًا للحزب لمدة أربع سنوات ومعى هيئة عليا جديدة وقد تم انتخاب مكتب سياسي جديد للحزب،يمثل تشكيله تجربة شبابية واعدة.

ألا ترى أن أيدولوجية الحزب قد تقف عائق أمام انتشاره جماهيريًا كما تأمل؟

من حيث المبدأ فإن برنامج الحزب متطور ومنفتح، ولا يقول أنه حزب مؤدلج، بالعكس يقول أنه حزب الوطنية الجامعة، وأنه يتنبى المشروع الوطنى المتجدد.

ومن حيث التطبيق، كنت واحدًا من العناصر الرئيسية فى عملية التأسيس، لم نسأل من طلبت منهم المشاركة عن انتمائهم الفكري، ولكن توجهت لمن أثق فى وطنيتهم ونزاهتهم وتقديري السياسي لهم جيد بصفة عامة، ولذلك فإن هناك نسبة كبيرة من المؤسسين أو من انضم إليهم لاحقًا من الأعضاء العاملين من توجهات سياسية وفكرية متنوعة.



إذا كنا نتحدث عن حزب يقوم على برنامج.. فما هو الجديد الذى سيقدمه "الكرامة"؟

برنامج الحزب بالنسبة لى ليس شعارات ولا طرق نظرية وفلسفية ولا استغراق فى الماضي، الذى -بالضرورة- تجرنا العودة إليه إلى الخلاف، ولكن النظر إلى المستقبل الذى يمكن أن نبني على أساسه توافقات.


كل من يحلم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والاستقلال الوطني مرحب به فى حزب الكرامة متى التزم بأحكام الدستور والقانون، وبالنسبة لي فإن "الدستور" هو المرجعية الأعلى لأى حزب سياسي.

الجديد بالنسبة لنا هو الحديث عن برنامج عملي إجرائى وليس نظرى أو فكرى، ومشاكل المصريين معروفة والناس تحتاج لمن يقدم لها حلول علمية وعملية وواقعية.

أطقلت على العام الأول من عمر التجربة "التأسيس الثانى للحزب".. ما هو الهدف الأساسى في الوقت الحالى؟

الهدف الأساسى أن يكون لدينا برنامج يقدم إجابات حقيقية على أسئلة الحاضر ويطرح رؤية صالحة للتطبيق فى المستقبل لحل الأزمات التى يعيشها الناس.

ومن يرى أننا لا نعيش أزمات فلديه "مستقبل وطن" وحلفاؤه، أما من يرى أننا يمكن أن نكون أفضل من ذلك وأننا لا نسير فى الاتجاه الصحيح بالشكل الكافى، فسوف نوفر له وجهة أخرى محترمة هى "الكرامة".


العام الأول نطلق عليه عام التأسيس الثانى للحزب، وخلال الربع الأول من العام سيتم مضاعفة عضوية الحزب وعدد الأمانات المشكلة وعدد المقرات التى سيتم افتتاحها وسنقطع بإذن الله شوطًا معتبرًا فى بناء الحزب كمؤسسة حقيقية وتنظيم سياسى منضبط، وهناك مسودة هي نتيجة لورشة عمل انتهت الجمعة ١ يناير إلى تصور لإطار خطة عمل لعام ٢٠٢١، وهذا ما نسعى لتطبيقه في إطار الرؤية الجديدة، فعلينا تحديد المهام قبل الأشخاص الذين توكل إليهم لتنفيذها بشكل مخطط ويمكن قياسه وتقييمه.

وأملنا قبل تقدم أي من الأعضاء لتحمل المسئولية أن يكون لديه تصور واضح عن تشكيل الأمانة التي يتقدم لها وكيفية تفاعلها مع المحافظات، وعن الخطة المطروحة لها ونسبة تنفيذها، حتى يمكن قياس مستوى التقدم والحكم على مدى نجاح الإدارة.



هل تعتقد أنه سيتم السماح للحزب بالتحرك بحرية فى الشارع؟

لا نتجاهل القيود الموجودة على الحياة السياسية والحزبية المفروضة على العمل فى الشارع وسوف نعمل بشكل طموح ولكن عاقل.

لن نستسلم لأن نكون حزب محاصر فى مقراته ومكاتب أماناته، ولكن بالمقابل لن نغامر بأعضاء الحزب فى صدامات ليس لها معنى.

على الصعيد السياسي.. ما الذى تسعى إلى تحقيقه من خلال تجربتك الحزبية فى  الكرامة؟

الأصل فى الحياة الحزبية أن تقدم نفسك كبديل لا كتابع، ونحن نستهدف فى نهاية العام الأول أن يكون لدينا أكبر حزب يمثل المعارضة الوطنية ولديه شركاء وحلفاء، ليقدم بديلًا لحزب الأغلبية وحلفائه.

هل يمتلك الحزب كوادر تصلح للدفع بها للمشاركة فى العملية الانتخابية؟

الأهم أن يكون لديه برنامج يحوز ثقة الناخبين ومرشحين جادين وقادرين على المنافسة فى كل استحقاق انتخابى.
من بين بنود جدول أعمال أول اجتماع للهيئة العليا بعد إقرار خطة العام ٢٠٢١ وانتخاب المكتب السياسى هو اتخاذ قرار بشأن المنافسة فى الانتخابات التكميلية بالدوائر الثلاث التي خلت لوفاة النواب الذين يمثلونها والذين ندعو لهم بالرحمة ولأهلهم بالصبر والسلوان.

كما نذكر بأن الشعب المصري ينتظر منذ ٤ سنوات قانون الإدارة المحلية من أجل أن يحل مشاكل موجودة فى الجناح التنفيذى، ويسمح بإجراء الانتخابات فى الجناح الشعبي (المجالس الشعبية المحلية).

والشئ بالشئ يذكر، حيث أنه من الغريب أن يظل القانون حبيس الأدراج قرابة ٤ أعوام ثم عندما يتم إدراجه على جدول أعمال مجلس النواب تعطله الأغلبية بمنطق أنانى لا تخطئه عين من خلال المبررات التى قدمها نواب الأغلبية حينها.

وأتمنى أن يتدارك الفصل التشريعى القادم ما تم التقصير فيه فى الفصل الأول ويكون لدينا قانون جيد، لأن أركان العملية الانتخابية هى القواعد التى يجرى فى ظلها التنافس الانتخابى، والتى يجب أن تكون قواعد عادلة وتنحاز لصف بناء مؤسسات تعبر بشكل حقيقى عن احتياج الناس، وعن تنوعهم.


وبعد إقرار النصوص والقواعد يكون هناك إرادة سياسية توفر للانتخابات كل معايير النزاهة والشفافية، وهذه الإرادة تترجم لإدارة محترفة للعملية الانتخابية تقف فيها مؤسسات الدولة على الحياد، لأن كل المتنافسين هم أبناء الدولة أيا كانت اتجاهتهم السياسية، طالما قبلوا الاحتكام لصناديق الاقتراع مرتضين الدستور والقانون.

أخيرا يلتزم الجميع باحترام الإرادة الشعبية أيًا كانت، وتتعامل السلطة مع من يختارهم الناخبون بوصفهم وكلاء عن الأصلاء (الشعب).



هل لديك تصور عن ما يمكن أن يحصده "الكرامة" من مقاعد في انتخابات المحليات القادمة؟

حتى نكون واقعيين ونتكلم بما سوف نسأل ونحاسب عليه فيما بعد، فإن الأمر سيتوقف على النظام الذى سيجرى على أساسه الانتخابات، فالنظام الفردى غير القائمة النسبية غير المختلط بين الاثنين، هذا يختلف تماما عن نظام القائمة المغلقة المطلقة الذي أجريت في ظله انتخابات البرلمان بغرفتيه، وهو النظام الذى هجرته كل دول العالم عدا ثلاثة تقريبًا، وإذا تكرر ذلك فى الانتخابات المحلية سيكون له تداعيات شديدة السلبية.. كما سيؤثر في ذلك قرار "الكرامة" إذا ما كان سيخوض الانتخابات منفردا أو فى إطار تحالف على أساس من تكاتف الشركاء وليس قسمة الغرماء، ومن حيث المبدأ فإننا لا نقبل أن نكون تابع أو نلتحق بقوائم تشكلت بطريقة لا نرضى عنها.

يوجد بالحياة السياسية أكثر من  ١٠٠ حزب.. هل هناك من هو الأقرب للدخول معه فى تحالف؟

من يتفق معنا على برنامج عام ويحترم أننا عندما نجلس على مائدة كل واحد فينا يملك إرادته ويعبر فيها عن حزبه لا ينتظر تصريح من جهة ما ولا وصاية من أحد، ويتفق معنا فى أفكارنا فأهلا به.

كان هناك تحالف سياسي لأحزاب "الكتلة المدنية" تجمد جزئيا عقب الخلاف على المشاركة الانتخابية بتحالف الموالاة.. فهل هناك نية لإعادة إحيائه؟

لا أحصر أحزاب الحركة الوطنية في الحركة المدنية بأعضائها فقط وأرى أن هناك أحزاب أخرى يمكن لها الانضمام، كما أن هناك أحزاب يمكن أن تخرج، وأنا غير متأكد إذا كانت الحركة المدنية مازالت قائمة أم لا، وإذا دعينا لإعادة إحيائها سنحدد موقفنا من ذلك في إطار قرار مؤسسي للحزب.


الآن نحن أمام متغير كبير ولدينا متسع لدراسة الاختيارات بشكل أهدأ وأوسع، وحتى الآن لا نعرف كيف سيكون أداء الأحزاب التي دخلت فى التحالف الانتخابى تحت القبة، والأهم من هذا أن نسبة غير قليلة من النواب قد لا يكملون عملهم بالمجلس فى ظل وجود عدد كبير من الطعون المقدمة أمام محكمة النقض.

كيف ستكون علاقة حزب الكرامة بباقى الأحزاب فى الشارع السياسى سواء من موالاة أو معارضة؟

العلاقة بين الأحزاب المتوافقة تبدأ بالتشاور مرورًا بالتنسيق والتحالف، وتنتهى بالاندماج.
التحالف ليس فقط تحالف انتخابى، مصر بها أكثر من ١٠٠ حزب يجب أن يكون بينهم تواصل وتشاور وطرح رؤى وأفكار، فعلى سبيل المثال "الحبس الاحتياطى" وتحوله من تدبير احترازي إلى عقوبة فى حد ذاتها بحيث يستمر المحبوس شهورًا أو سنوات وفي النهاية لا يوجد ما يقدم به هذا المتهم إلى القضاء، إذن فعلينا العودة إلى الحلول القانونية، فمدة الحبس الاحتياطى وحالات اللجوء إليه كإجراء أخير تسبقه إجراءات أخرى ويمكن نظم ذلك فى مشروع تعديل للقانون والتواصل مع الكتل البرلمانية ومن بينها الأغلبية والنواب المستقلين لتقديم هذا المشروع، ويمكن فى مرحلة ما ينشأ قدر من التنسيق فى قضية معينة تتشابه فيها المواقف، وعندما تأتى الانتخابات قد يتطور إلى تحالف انتخابى حسب ما يسمح أو يفرض به المشهد، وأقصى درجات التعاون هو الاندماج  بين حزبين أو أكثر.

فى ظل هذا الطموح السياسى الذى تطرحه ماهى الضمانات الواجب توافرها فى المشهد لعملية ممارسة سياسية آمنة؟

هناك جانب يخصنا كحزب وآخر يخص السلطة.
ما يخص حزب الكرامة هو النجاح فى إدارة الموادر البشرية المتاحة وتنمية الوارد المادية الشحيحة، ولدينا خطة عمل طموحة ولكن عاقلة نستطيع من خلالها أن نمر لنقدم ما لدينا للناخبين بنية صافية وطريق سليم نعرضه على الأغلبية وإذا أخدت به فإن هذا يسرنا، فنحن لا نتمنى للسلطة الفشل من منطلق أننا نحترم الناخب ونتمنى له الخير، فإذا وفقت السلطة فالمواطن هو من يجنى الثمار، وإذا لم توفق فهو من يدفع الثمن.

إدارة الموارد البشرية تحتاج إلى عمل مؤسسى وتنظيم حقيقى، أما تنمية الموارد المالية فقضية معقدة تحتاج أن يكون لدينا أعضاء ملتزمين فى دفع اشتراكاتهم كجزء من خطة العمل التي قطعنا في كتابتها شوط طويل.

أـما فيما يخص السلطة، فلابد أن تعترف بأن هناك خلل يحتاج إلى إصلاح ، لأن إفقاد الناس الثقة فى المسار السياسى حتى لو حقق ذلك أهداف آنية ولحظية فإنه على المدى الطويل لا يحقق رضا الناس.

كما أن على السلطة تضمن بقاء المسار السياسي مفتوح، ونحن لا نطمح في الوضع المثالى ولكن لا يتم إغلاقه بالشكل الحالى، وليس كافيًا أن يتم استدعاء عدد من الأحزاب فى تحالف انتخابى ويتم ترضية الجميع بعدد من المقاعد ثم نقول أن هذا تنوع سياسى، لذلك يلزمنا الآتي:

- قانون جيد يسمح للناس بالتنافس وأيًا كان من يفوز يتم احترام النتيجة. وأرى أنه لا يمكن عقد انتخابات جيدة لا في النواب ولا الشيوخ ولا المحليات بهذا النظام الانتخابى.
 
- استمرار الإشراف القضائى الكامل، رغم أنه لا يحقق عصمة من الخطأ، ولكن إذا كانت الأخطاء موجودة فى ظل الإشراف القضائى فإنها ستكون أضخم وأفدح في غيابه.
 
- على كل مؤسسة فى الدولة أن تقوم بواجبها لا أكثر ولا أقل.. البرلمان مثلا و بصرف النظر عن رأيي فى تكوينه لكن أتمنى له النجاح، هذا البرلمان لابد أن يمارس كل اختصاصاته دون ضغوط، فالمؤسسات تمثل الأعمدة التى تركن عليها الدولة.
- التخلى عن الإدارة الفردية للمشهد والتى  تقود إلى كوارث، فالدولة تعنى حكم القانون والمؤسسات، والإعلاء من دولة القانون يعزز من كفاءة المؤسسات ومصداقيتها عند الناس.
 
- الحوار الحقيقي بين الأطراف السياسية الفاعلة من نواب ورؤساء أحزاب نحتاج فيه إلى التمسك بثقافة الحوار الفعال.
 
- وأخير توفير قدر من الأمان للممارسة السياسية فهناك شريحة من الناس قادرة على المشاركة السياسية وتخاطر بذلك والأغلبية خائفة، وهذا يجب أن يتغير.

كيف يمكن توظيف مجلس الشيوخ فى إدارة حوار سياسى ومجتمعى؟

كنت ومازلت مقتنع بموقفى من مجلس الشيوخ ولكنه الآن أمر واقع، وعلى هذا المجلس أن يثبت للشعب المصرى أنه يقدم ما يساوي كلفة وجوده سواء من ذهاب الناس إلى صناديق الاقتراع أو كلفته المادية، بالنظر إلى الأهداف العامة التى وردت كاختصاصات له، وأن يبادر بتبني حوار وطني وفق أجندة أعمال واضحة وضمان تنوع المشاركين فيه والانتهاء إلى توصيات محددة مكتوبة، بما لديه من اختصاصات دستورية يتبناها ويدافع عنها.
علينا أن نفعل هذا بإرادتنا الحرة ولا ننتظر فيه إملاءات من أحد، فمصر دولة كبيرة ولها سيادة ودور وعمق حضاري وتاريخى، ولا يجب أن نقبل وصاية من الخارج وفي الوقت ذاته لا يجب أن نُدفع إلى الدخول فى صدام مع المجتمع الدولى الذي نمثل جزء منه وعضو فى مؤسساته، وهناك الكثير جدًا مما يمكن فعله لبناء جسور بين السلطة والناس وليس فقط الأحزاب والنخبة السياسية.