«حامي الإرهاب».. كيف تدخل أردوغان لإلغاء غارة ضد داعش والإفراج عن قيادات التنظيم
ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية عسكرية سرية كان مخططًا لتنفيذها منذ فترة طويلة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وأصدر تعليماته إلى المخابرات لتأمين إطلاق سراح مقاتلي الدواعش الأسرى في تركيا مقابل رهائن أتراك في العراق.
التفاصيل التي ظهرت حديثًا كشفتها تصريحات أدلى بها ضباط عسكريون خلال جلسات المحكمة التي عقدت أمام المحكمة الجنائية العليا بدائرتها السابعة عشرة في أنقرة، مشيرة إلى قيادة القوات الخاصة شكلت فريقًا لشن غارة ضد داعش في مدينة الموصل العراقية، حيث احتجز 49 رهينة تركية في القنصلية التركية، في 11 يونيو 2014.
شهادات على الفضيحة
وفقًا لشهادة "تورجاء بيرسان"، رقيب أول في القوات الخاصة، تم تشكيل الفريق من عدد من جنود الصفوة وأفضل القوات أداءً وأمر ببدء التدريب سراً لاقتحام القنصلية.
ووفقًا لموقع نوديك مونيتور، أوضح النقيب محمد أمين توزيل، الذي كان قائد فريق هذه الوحدة المختارة، في المحكمة في 13 نوفمبر 2017 كيف تم التحضير للمهمة السرية للغاية، حيث جاء الأمر من هيئة الأركان العامة لإنشاء فريق خاص تم اختيار أعضائه من كتائب مختلفة بناءً على مهاراتهم القتالية القريبة وخبرتهم في الهبوط بالمظلات أثناء الليل.
وأشار الضباط إلى أن نجاح عملية إنقاذ الرهائن، التي كان من الممكن أن تتم دون الإضرار بالرهائن، تطلب اختراق المنطقة المستهدفة دون أن يشعر الإرهابيون، وكان السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو التسلل من خلال عملية هبوط حر بالمظلات أثناء الليل من ارتفاع شاهق.
وفي شهادته أمام المحكمة في 5 مايو 2017 قال العقيد عثمان كيليج، رئيس الأركان السابق إن ما مجموعه 60 إلى 70 شخصًا تدربوا لمدة ثلاثة أشهر، ودرس الفريق مخطط المبنى، وحدد نقاط الإنزال والإغارة، وجمع المعلومات الاستخبارية على الأرض مثل عدد الأشخاص وبأي وسيلة يتم تسليم المواد الغذائية، ودورة نوبة الحرس، وعدد الدواعش وأسلحتهم وذخائرهم والمتفجرات في المنطقة.
مؤامرة حكومية
وتمت معظم عمليات المحاكاة في منشأة تحت الأرض في مقر القوات الخاصة في سرية تامة، وتم قطع أعضاء الفريق تمامًا عن أي اتصال مع الخارج، ولكن أمرت حكومة أردوغان فجأة الجيش بإلغاء العملية.
واتضح أن الحكومة أمرت جهاز المخابرات بإجراء مفاوضات مع الخاطفين، ومنحت تفويضًا بالإفراج عن ما يقرب من 200 إرهابي من داعش، وعقدت سلسلة لقاءات بين عناصر داعش وضباط المخابرات التركية.
شهادات الدواعش
وقال إلياس أيدين، أحد كبار مقاتلي داعش التركي الذي أسره مقاتلون أكراد في سوريا، لبي بي سي إنه في الاجتماع الأول كان فريق داعش بقيادة الدكتور وائل عادل حسن سلمان الفياض (المعروف أيضًا باسم أبو محمد الفرقان)، رئيس دعاية داعش وعضو مجلس شورى التنظيم، والشخص الثاني في القيادة في الاجتماع كان أبو محمد العراقي، وهو شخصية بارزة في الدائرة المقربة من داعش كان مسؤولاً عن المناطق الحدودية وعمل سابقًا كحارس شخصي لأبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق.
أما المتشدد الثالث من داعش هو راشد المصري، الذي ادعى أيدين أن الولايات المتحدة أسرته في الفلبين. وعُرض في الاجتماع مواطن تركي من أصل عربي من ولاية هاتاي يُدعى أبو علي التركي كمترجم لداعش.
في اجتماعات لاحقة مع ضباط المخابرات التركية، كان أيدين أيضًا من بين الحاضرين، وطالب التنظيم الإرهابي بالإفراج عن مسلحي داعش المحتجزين في تركيا وطالب بممر آمن للمقاتلين الذين يريدون القدوم من جميع أنحاء العالم للانضمام إلى داعش، وافقت تركيا على تسليم مقاتلي داعش الذين تم أسرهم في سوريا وكذلك في تركيا بمن فيهم مقاتلون أجانب.
كان أحد الدواعش أبو أسامة الغريب، وهو نمساوي من أصل مصري أقام شبكة تطرف في جميع أنحاء أوروبا، لجذب التكفيريين الألمان والنمساويين إلى سوريا. تم اعتقاله في تركيا وواجه طلب تسليم من النمسا عام 2014.
ومع ذلك، تم الإفراج عنه في إطار هذه الصفقة السرية مع وكالة المخابرات التركية. كما زُعم أن اثنين من البريطانيين - شباز سليمان وهشام فولكارد - اللذان أصدرت المملكة المتحدة بشأنهما نشرات حمراء عبر الإنتربول - من بين أولئك الذين سلمتهم تركيا إلى داعش في عملية تبادل الرهائن في سبتمبر 2014.