الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف ستدعم مصر السودان بعد صدامه العسكري مع ميليشيات أثيوبيا في الفشقة؟

الرئيس نيوز

بدا واضحًا أن السودان عازم على تطهير أراضي الفشقة المغتصبة من ميليشيات أثيوبية مدعومة رسميًا من حكومة أبي أحمد، رئيس الوزراء الأثيوبي، فيما يترقب الشارع السوداني الدعم المصري الذي ألمح له بيان  الخارجية الذي صدر منذ أيام، عقب تعرض عناصر من القوات المسلحة السودانية إلى كمين من العناصر الميليشياوية الأثيوبية، وقتل على إثره 4 عسكريين وأصيب أخرين.
وعبرت مصر عن خالص تعازيها للسودان الشقيق في ضحايا الاعتداء المؤسف الذي تعرضت له عناصر القوات المسلحة السودانية مساء الثلاثاء الماضي حول منطقة "جبل أبو طيور" المتاخمة للحدود الإثيوبية، والذي أسفر عن استشهاد عدد من الجنود وخلّف عدداً آخر من المصابين في صفوف القوات السودانية إضافة إلى خسائر في المعدات.
وأكدت مصر تضامنها الكامل مع السودان وحقه في حماية أمنه وممارسة سيادته على أراضيه، وشجبها لهذه الاعتداءات غير المبررة، وقالت الخارجية: "نتابع بمزيد من القلق تلك التطورات الميدانية الخطيرة وتأثيرها على الأوضاع الأمنية بالمنطقة، ونؤكد على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الممكنة لعدم تكرار وقوع مثل تلك الأحداث مستقبلاً بحق السودان الشقيق".

تقدم ميداني
على الأرض، واصلت القوات المسلحة السودانية تقدمها في الخطوط الأمامية داخل الفشقة (المتاخمة للحدود مع اثيوبيا)، وذكرت وكالة السودان للأنباء (سونا) مساء أمس السبت أن هذا التقدم يهدف إلى "إعادة الأراضي المغتصبة والتمركز في الخطوط الدولية وفقا لاتفاقيات العام 1902".
أكدت الوكالة السودانية أن القوات المسلحة أرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة للمناطق الأمامية بالشريط الحدودي، مع إثيوبيا، كما استقبلت قيادة الفرقة الثانية مشاة، في القضارف (شرق السودان)، قافلة دعم ومؤازرة قدمتها قبيلتي البنى عامر والحباب بولايتي كسلا والقضارف، برئاسة الناظر علي دقلل ناظر قبائل البنى عامر، ووكيل ناظر الحباب محمد علي.
الناظر دقلل، أكد وقوف أهل شرق السودان، وقبائل البنى عامر والحباب، مع الجيش السوداني لـ "صد العدوان الغاشم الذي يستهدف الأرض والعرض"، مشددا على استمرار عمليات الإسناد والمؤازرة "حتى يتم استلام أراضي الفشقة كافة".

زيارة البرهان
وزار رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، المنطقة العسكرية الشرقية، واستغرقت تلك الزيارة ثلاثة أيام، اختتمت أمس السبت، وعاد إلى الخرطوم بعد أن اطمأن على الترتيبات الأمنية والعسكرية بالمنطقة العسكرية الشرقية بقيادة الفرقة الثانية.
وقتل أربعة عناصر من الجيش السوداني، بينهم ضابط برتبة رفيعة، وجرح 12 آخرون جراء معارك شرسة مع قوة إثيوبية مسلحة على الشريط الحدودي بين البلدين ليل الثلاثاء. وتشهد منقطة الفشقة السودانية، اشتباكات منذ أغسطس الماضي، بسبب توغل قوات من أقلية الأمهرة المدعومة من عناصر الجيش الإثيوبي، في الأراضي السودانية للزارعة.
وبحسب مصادر عسكرية مُطلعة، فإن المعارك اندلعت بمحلية القريشة، في أعقاب نصب مليشيات تابعة لإثيوبيا أكثر من كمين للقوات السودانية، وأن القوات السودانية، نشرت تعزيزات عسكرية مزودة بعربات دفع رباعي، وأن معارك شرسة تدور في الفشقة منذ ذلك الحين.

دعم مصري 
ومنذ أجرت مصر والسودان مناورات عسكرية جوية مشتركة، منذ نحو شهر، ورجحت العديد من المصادر أن تكون تلك المناورات باقورة تعاون مصري سوداني عسكري، لحفظ الأمن القومي للدولتين.
وفي أعقاب المناورة، تقدمت السودان في مناطق داخل منطقة الفشقة لم تدخلها منذ نحو ربع قرن، وربط وقتها مراقبون بين التعاون العسكري المصري السوداني الأخير، والتقدم على الأرض لصالح القوات السودانية لتحرير أراضيها المُحتلة في المنطقة الشرقية المحازية لأثيوبيا.
حقيقة ثابتة
الخبير العسكري، أحد أبطال حرب أكتوبر، والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء جمال مظلوم، قال لـ"الرئيس نيوز": "السودان شقيق لمصر، وأمنه القومي جزء لا يتجزء من أمننا القومي، وبالتالي الدعم المصري لشقيقه السودان ليس مجال شك أو نقاش، بل هو حقيقة ثابتة"، مذكرًا بالتعاون العسكري المصري السوداني في أعقاب هزيمة العام 1967، وقال:"مصر نقلت الكلية الحربية إلى السودان، وبالفعل استأنفت الكلية عملها من قلب الخرطوم، كما أن السودان أرسل لوائين مشاة إلى مصر للقتال على الجبهة إبان حرب 1973".
أشار اللواء المُتقاعد إلى أن الدعم المصري للسوادن سيكون سياسيًا في المقام الأول، وهذا هو دور الخارجية المصرية التي تعمل على تعريف المجتمع الدولي بالأزمة السودانية، وكيف ان أراضيه محتلة من قبل ميليشا أثيوبية مدعومة بشكل رئيس من أديس أبابا، وأن تلك الميليشيات عكفت على سرقة المزارعين السودانيين وقت الحصاد فضلًا عن عمليات القتل الممنهجة والاعتداءات المتكررة.
لفت اللواء مظلوم، إلى أن السوادن يمر بمرحلة جديدة عقب الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، وبالتالي الدولة في مرحلة مخاض ديموقراطي، وتحتاج إلى إعادة هيكلة لمؤسساتها كافة، بما فيما المؤسسات الأمنية والعسكرية، ومصر من المؤكد أنها ستلعب دورًا في تلك الهيكلة، وأن مناورات نسور النيل جزء من ذلك الدور، مرجحًا أن يكون من بين هذا الدعم تقديم القاهرة مُعدات عسكرية وشرطية للمؤسسات.
وبشأن احتمالية الدعم العسكري المباشر المصري للسودان في الأزمة الأخيرة، فهو أمر سابق لأوانة، ولا يمكن الجزم به، وأن مؤسسات الدولة بما فيها البرلمان هي من تقرر مثل هذه الأمور بناء على طلب الخرطوم.

العسكرية السودانية
المستشار في أكاديمة نصار العسكرية، اللواء سامح أبو هشيمة، ذهب إلى ذات الرأي، وقال لـ"الرئيس نيوز": "مصر تعمل في إطار الشرعية الدولية ولا يمكن أن تكون معتدية أو أن يكون سلوكها غير قانوني، وأن مصر إن جاءها طلب رسمي من الخرطوم بالدعم العسكري وفق المواثيق الدولية، وميثاق جامعة الدول العربية واتفاق الدفاع المشترك، فإن مصر لن تتاخر عن فعل ذلك، لكن وفق خبرتي الشخصية وتجاربي مع العسكرية السودانية فإن الجيش السوداني قادر على ردع تلك العدائيات".
ورجح أن يكون شكل الدعم العسكري المصري للسودان خلال تلك المرحلة متمثل في رفع القدرات الدفاعية، وتعزيز الأدوات الرادعة، بما تمتلكه القاهرة من خبرات في مجال الصناعات الدفاعية، مشددًا على أن مصر يحكم تصرفاتها الخارجية ثوابت قائمة على عدم الاعتداء، وعدم التدخل في شؤون أي دولة، لكن في الوقت ذاته تقف قلبًا وقالبًا مع الدول العربية في أزماتها، وما حدث في ليبيا مؤخرًا خير شاهد على ذلك.