بعد نقل القمة الخليجية إلى الرياض.. تهدئة أم مصالحة بين الرباعي العربي وقطر؟
على الرُغم من تصاعد مؤشرات حدوث انفراجة في الأزمة المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، بين الرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) من جهة، وقطر من جهة أخرى، لايزال البحث عن إجابات لجملة من الأسئلة يجعل التفاؤل يشوبه قلق وحذر.
وخلال وقت سابق عبرت القاهرة وأبو ظبي عن شكرهما لجهود دولة الكويت في ملف المصالحة مع قطر، وقالت الخارجية المصرية في بيان أصدرته إنها تأمل في هذا الصدد أن تسفر هذه المساعي المشكورة عن حل شامل يعالج كافة أسباب هذه الأزمة ويضمن الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه.
أسئلة مشروعة
ومنذ الإعلان الكويتي عن التقدم في ملف المصالحة مع قطر، وهناك جملة من الملاحظات التي يمكن رصدها في ذلك السياق، بينها أن التغطية الإعلامية لفضائية "الجزيرة" القطرية وطريقة تغطيتها للأحداث، والبرامج التي تبثها، ونوعية الضيوف الذين يشاركون فيها يمكن أن تكون مؤشرات أساسية حول قرب المصالحة أو بعدها، وما إذا كانت ثنائية أم شاملة.
اقرأ أيضاً
ما يمكن قراءته من خلال متابعة الفضائية التي لم تكف لحظة عن كيل الشائعات وقلب الحقائق تجاه مصر تحديدًا، أن هذه المصالحة قد تكون، حتى الآن على الأقل، ثنائية، أي بين السعوديّة وقطر؛ فالفضائية التزمت بهدنة صارمة تجاه المملكة أُسوة بجميع المحطات والصحف والمواقع الأُخرى التابعة بشكل مباشر، أو غير مباشر، لقطر، توقفت عن توجيه أي انتقادات إليها، وتوظيف ترجمات من صحف أجنبية تخدم هذا التوجه، فيما لاتزال، "الجزيرة" تُواصل نهجها في العداء نفسه للدول الثلاث الأُخرى (مصر والإمارات والبحرين).
اللافت أيضًا أن حسابات على موقع "توتير" ظاهر انتمائها للكتائب الإلكترونية لقطر، وأبرزها حساب "ابن قطر"، تؤكد أنه لا صلح مع الإمارات، وأنهم مستمرون في مخاصمتها.
نقل القمة الخليجية إلى الرياض
وخلال وقت سابق، قالت صحف كويتية، إنه تم نقل القمة الخليجيّة من المنامة إلى الرياض، وانه تم تأجيل انعقادها السنوي ما يقرب الشهر، وأنه من المقرر عقدها في 5 شهر يناير المقبل، الأمر الذي يُوحي بأن هناك نوعا من التقدم على صعيد المصالحة بين قطر وباقِي الدول الخليجية المقاطعة لها، وخاصة السعودية، كما يوحي أيضا بوجود بعض القضايا التي ما زالت موضع خلاف.
من جانبه أعرب وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد الناصر الصباح، عن تطلع بلاده للقمة الخليجية المقرر انعقادها في السعودية مطلع العام المقبل، جاء ذلك خلال استقبال الصباح، الخميس الماضي، سفراء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المعتمدين في الكويت، وهو الاستقبال الأول من نوعه لجميع السفراء الخليجيين على طاولة واحدة في الكويت، منذ بدء الأزمة الخليجية، في منتصف عام 2017.
نهج الصباح
شدد وزير الخارجية الكويتي للسفراء المجتمعين أن الكويت ستمضي على نهج أمير البلاد الراحل، الشيخ صباح الأحمد الصباح، بـ"عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والالتزام بالتضامن والوحدة الخليجية"، كما أكد تطلعه لـ"انعقاد القمة الخليجية بضيافة المملكة العربية السعودية، في الخامس من يناير عام 2021".
بحسب ما هو معلن فقد تباحث وزير الخارجية مع السفراء المجتمعين حول التحديات التي واجهت منظومة مجلس التعاون الخليجي خلال هذا العام، وأبرزها رحيل سلطان عمان قابوس بن سعيد، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، إضافة إلى التحديات الناتجة عن مواجهة فيروس كورونا، وذكر موقع وزارة الخارجية الكويتية أن السفراء أقاموا "احتفالية رمزية" بالأعياد الوطنية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تعبيراً عن عمق العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين دول المجلس والوشائج المتجذرة والروابط المتينة والمتأصلة فيما بينها.
ونقلت صحيفة "الرأي الكويتية"، الجمعة قبل الماضية، تصريحات نسبتها لمصادر دبلوماسية رفيعة، أن القمة الخليجية القادمة ستعقد في الرياض بدلاً من المنامة، بحضور جميع قادة المجلس، في الخامس من يناير المقبل، وأكدت أن القمة ستشهد حضور القادة الخليجيين، ولن تعقد بشكل مرئي، لافتة إلى أن من المرتقب أن تكون المصالحة الخليجية على رأس جدول الأعمال بعد التطورات الإيجابية في هذا الملف أخيراً.
تهدئة وليست مصالحة
الباحث في شؤون الخليج، على رجب، قال لـ"الرئيس نيوز": "من المؤكد أننا جميعًا نتطلع إلى إنهاء الخلاف بين الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة، لكن رغم ذلك لن نقبل في مصر بمصالحة لا تضمن لنا شواغلنا التي عبرنا عنها قبل ذلك مرارَا وتكرارًا"، مضيفًا: "حتى هذه اللحظة وفضائية الجزيرة وأذرع قطر الإعلامية تمارس هجمات شرسة على القاهرة، وتحرض على العنف فيها، وتزعم وجود مخالفات وانتهاكات من شأنها تأليب الرأي العام، وتشكيكه في خطوات قيادته، كما أن الدوحة لا تزال تستضيف عناصر مطلوبة أمنيًا، وأخرى صدر بحقها أحكام قضائية في جرائم عنف وإرهاب، وترفض تسليمهم وتوفر لهم الملاذات الآمنة".
رجح رجب أن تشهد القمة الخليجية المقبلة المُقرر عقدها أول يناير، تهدئة وليست مصالحة بمعناها الحرفي، وأن تلك التهدئة ستتضمن فتح الحدود مع قطر، مقابل التهدئة الإعلامية من جانب الدوحة، يتبعها تشكيل لجان لبلورة رؤية يمكن من خلالها إعادة العلاقات كما كانت، وإعادة التمثيل الدبلوماسي، ولفت رجب إلى أنه حتى هذه اللحظة لم يتم تسجيل أي تقدم من الجانب القطري في معالجة شواغل القاهرة وأبو ظبي والمنامة، أما الرياض فهناك تهدئة إعلامية إزائها ما ينذر بأن المصالحة ستكون ثنائية بين (قطر والسعودية) فقط.
تابع: "الرياض ستعمل خلال الفترة المقبلة على تولي ملف المصالحة، والدخول في الملف بصفة وسيط، وليس كطرف في الخلاف، لأنها فعليًا ستكون قد تصالحت مع قطر"، وأضاف: "لايمكن الجزم بالسبب الحقيقي وراء التقدم المفاجئ في ملف الأزمة بين الرباعي العربي وقطر، لكن المؤكد أن الطرف الأمريكي حاضر بشكل كبير، لكن ما المصلحة التي يروجها من ذلك لا يمكن توقعها في الوقت الحالي".
اختتم رجب حديثه بالقول: "البيان المصري على ملف المصالحة واضح تمامًا، إذ أكد أنه مع المصالحة لكن شريطة الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه، ومن شأنه معالجة شواغل مصر".