ما وراء التحشيد العسكري الأمريكي في الخليج؟
حالة من التحشيد العسكري الأمريكي في منطقة الخليج، تنذر بأن شيء ما يدور في الغرف المُغلقة، وربما تكون إيران هي المستهدفة من ذلك، وسط تقارير تتحدث عن رغبة إدارة الرئيس ترامب توجيه ضربة إلى طهران، في محاولة منه توريط خلفه الديمقراطي جون بادين في تلك الحرب.
ووصلت منذ أيام حاملات طائرات أمريكية عملاقة إلى الخليج، فضلًا عن سفن حربية، وقاذفات عملاقة من طراز "B52"، وفي 17 نوفمبر الماضي، تحدث مصدر أمريكي مسؤول لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصرًا على افتعال الأزمات قبيل مغادرته البيت البيضاوي؛ وأنه يسعى لما هو أكثر من فرض العقوبات على إيران، إذ طلب خيارات لمهاجمة مواقع نووية إيرانية.
بحسب المسؤول الأمريكي، فإن ترامب تقدم بالطلب لكبار مساعديه للأمن القومي، بمن فيهم نائب الرئيس مايك بنس، والقائم بأعمال وزير الدفاع كريستوفر ميلر، والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة، يستطلع رأيهم في إمكانية التحرك في غضون أسابيع ضد موقع نووي إيراني، لكنهم أقنعوا الرئيس بعدم المضي قدماً في شن ضربة عسكرية ضد طهران خوفاً من أن تؤدي إلى نزاع واسع النطاق.
المثير للدهشة أن حالة التحشيد، تتزامن مع زيارة مفاجئة لصهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، إلى قطر والسعودية، وعلى الرغم من أن صحيفة "الفايننشال تايمز" قالت إن الزياة محاولة أمريكية لتقريب وجهات النظر بين السعودية وقطر، وإنهاء الأزمة الخليجية، إلا أن تقارير أخرى قالت إن الزيارة مرتبطة بحالة الحشد العسكري في منطقة الخليج، خاصة أن تقارير أشارت إلى أن الرد الإيراني على اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، ربما يشمل المصالح والقواعد الأمريكية في الخليج.
توريط بايدن
وكشفت تقارير عديدة عن رغبة الرئيس دونالد ترامب، إرباك غريمه الفائز بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، جون بادين، خاصة أنه يميل إلى المقاربة مع طهران، والعودة إلى الاتفاق النووي الذي قرر ترامب الانسحاب منه في مايو 2018.
بايدن من جانبه، أعرب عن استعداده للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، وأوضح أن مراقبة البرنامج النووي الإيراني أفضل أداة لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، موضحًا في حوار مع صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه بدون اتفاق نووي مع إيران "قد نكون أمام وضع تسعى فيه السعودية وتركيا ومصر ودول أخرى في المنطقة إلى تطوير أسلحة نووية".
وقال في معرض جوابه عن سؤال ما إذا كان مستعدا للعودة إلى الاتفاق النووي: "إن الأمر لن يكون سهلا، لكن نعم"، وأضاف أن "الإدارة المستقبلية تعتزم، بالتعاون مع الحلفاء والشركاء، المشاركة في مفاوضات ووضع اتفاقيات إضافية من شأنها تعزيز وتوسيع القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، وكذلك تتعلق ببرنامج طهران الصاروخي"، مشددًا على أن "بناء القدرات النووية في هذا الجزء من العالم هو آخر شيء نريده".
اغتيال زاده
وربط مراقبون بين اغتيال العالم النوي محسن زاده، والحشد العسكري في المنطقة، وأنه محاولة إسرائيلية أمريكية، لاستفزاز إيران لجرها إلى صدامات عنيفة في المنطقة، تكون أمريكا جزء منها.
رجح المراقبون أن تتمهل طهران في الرد على مقتل زاده، حتى لا تعطي الإدارة الأمريكية المُبرر لتوجيه ضربة عسكرية لها، لكنها في الوقت ذاته تحتفظ بحق الرد، وأنه ربما يكون عبر أذرعها العسكرية في المنطقة (الحشد الشعبي العراقي – حزب الله اللبناني – الحوثيون في اليمن)، وأن المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة ستكون هدفًا إيرانيًا، ولكن لن تتورط طهران في ضربة مباشرة للمصالح الأمريكية أو الإسرائيلية في المنطقة على غرار ما قامت به إبان إقبال أمريكا على اغتيال قائد فيلق "القدس" قاسم سليماني.
الباحث في الشؤون الإيرانية، سالم الصباغ، قال لـ"الرئيس نيوز": "لا أتوقع أن يشن ترامب هجوما على إيران، فلو كان يستطيع ذلك لما تأخر عن ذلك لحظة واحدة"، مبرر موقفه بالقول: "إيران جادة في تهديدها بضرب إسرائيل ضربة مدمرة في حالة أي عدوان عليها، لذلك لن تقبل الإدارة الأمريكية على فعل ذلك".
قال الصباغ: "من شأن أي حرب ضد إيران أن تدخل المنطقة نفقًا مظلمًا، وتجره إلى ما صدامات إقليمية أكبر، وبالتالي سيكون الجميع خاسر فيها".