الأربعاء 22 يناير 2025 الموافق 22 رجب 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل

«زحف فرس النهر» تكشف أزمة في النيل.. كيف بدأ «سد النهضة»؟

الرئيس نيوز

علا سعدي
منذ عهد الفراعنة تسافر القوارب البحرية بسلاسة من نهر النيل إلى الأقصر وأسوان ولكن الأسبوع الماضي مستويات المياه المنخفضة جعلت القوارب مثل فرس النهر يزحف على الرمال.
بنيت مصر حضارتها على ضفاف نهر النيل وتخشى أن يتسبب سد النهضة الإثيوبي أن يحد بشكل كبير من مياهها ويتركها تحت رحمة الأعداء الجيوسياسية، وفقا لصحيفة “ذا ناشيونال”.
يمثل السد العالي في أسوان الذي تم بنائه في عام 1970 معلما قوميا لمصر، وكان بمثابة قضية سياسية عندما سحبت الولايات المتحدة عرضها بتمويل السد وتوجه الرئيس جمال عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتي آنذاك للحصول على المساعدة وتأميم قناة السويس لجمع الأموال ما أثار أزمة السويس في عام 1956.
وأشارت الصحيفة إلى أن سد النهضة في مرحلة الإنشاء وربما لن يكون له عواقب وخيمة عند اكتمال بنائه ولكنه أحدث جدلا واسعا في حوض النيل، وعند اكتمال بنائه سيكون أكبر محطة كهرمائية في إفريقيا لإنتاج 6450 ميجاواط من الطاقة المولدة، وعلى الرغم من  ازدهار الاقتصاد والسكان في إثيوبيا التي بها 102 مليون نسمة وتعد ثاني أكبر اقتصاد في القارة إلا إن إثيوبيا لديها فقط 4290 ميجاواط مثبتة في اليوم، بينما لدي مصر 38 الف ميجاواط.
ولفتت الصحيفة إلى اتفاق مصر والسودان على مياه النيل ما يجعل مصر تحصل على 55.5 مليار متر مكعب من المياه والسودان 18.5 مليار متر مكعب بموجب اتفاق عام 1959 وهو اتفاق لم توقع عليه إثيوبيا وجعلها في حالة من الاستياء وبموجب هذا الاتفاق يوفر لمصر 80% من تدفق مياة النيل.
وأوضحت الصحيفة أن السد لا يؤثر على النيل الأبيض الأصغر الذي يتدفق مباشرة من جنوب السودان إلى السودان وينضم إلى النيل الأزرق في الخرطوم، ولكن ما يثير اهتمام مصر هو اعتمادها الكامل على مياه النيل وسيحتاج السد الإثيوبي إلى ملئه بـ90 مليار متر مكعب وتأمل إثيوبيا ملئه على مدار 6 سنوات ما يخفض تدفق المياة بنسبة 20% تقريبا.
وأضافت الصحيفة أن مصر تقوم ببناء محطات لتحلية المياه ومحطات لمعالجة مياه الصرف الصحي لتوفير المياه الصالحة للشرب ولكنها مكلفة نسبيا وتستهلك الطاقة، وتعتمد مصر على مياه النيل للري، وليس لدى مصر العديد من البدائل الكبيرة، وبحلول عام 2050 ستحتاج مصر إلى 21 مليار متر مكعب آخر وهو تقريبا سيكون تدفق مياه نهر النيل بالكامل.
ولفتت إلى أنه يجب الانتهاء من الدراسات الفنية حول تأثير السد على دول المصب قبل ملئه ولكن ترى مصر أن إثيوبيا تتجاهل مثل هذه الدراسات وتعمل على اكتمال بناء السد، واتحدت السودان وهي حليف سابق، مع إثيوبيا من أجل صالح الزراعة الخاصة بها.
واقترحت مصر على إثيوبيا أن يتوسط البنك الدولي بينهما كما فعل بين الهند وباكستان في العام الماضي من أجل إعادة التفاوض بشان مياه السد لعام 1960، وتم الاتفاق بين الدولتين على الرغم العداء الذي كان من بينهم.
وترى الصحيفة أن أفضل طريقة لحل قضايا النيل عن طريق التنمية التعاونية لدول حوض النيل بالكامل وعقد اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا و6 الدول الأخرى لدول نهر النيل.
ونوهت الصحيفة إلى أن إثيوبيا تهدف من بناء السد تصدير الكهرباء إلى السودان وكينيا وجيبوتي وربما حتى مصر، وتحدثت المملكة العربية السعودية حاليا عن الربط الكهربائي مع مصر، عن تصدير الطاقة إلى إثيوبيا أيضا، ويمكن استخدام السدود الكهرومائية على امتداد طول النهر لتقاسم الطاقة، والتي تتفاوت موسميا، ودعم موارد الطاقة المتجددة الأخرى الوفيرة في المنطقة، الطاقة الشمسية  المتوفرة في جميع الأنحاء، والرياح المتوفرة في مصر والطاقة الحرارية الأرضية في إثيوبيا وكينيا.
وسيمنع السد الفيضانات والري في السودان، وتقول إثيوبيا إنه بسبب انخفاض التبخر في سد النهضة بالمقارنة بسد اسوان فإنه يمكن منع خسائر المياه بشكل عام، وإن الشكوك بين مصر والمحور الإثيوبي السوداني لا تفيد ونعمل مع السودان على الحد من التبخر في الأهوار الجنوبية ما يمكن توفير 20 مليار متر مكعب سنويا وهو أكثر من ما سيتم استخدامه لملء السد، ويتعين على مصر الموافقة على جدول تعبئة مع إثيوبيا قريبا حتى تتمكن من التخطيط مسبقا لسد أسوان العالي للحفاظ على إنتاج الكهرباء.
وبغض النظر عن كمية مياه النيل التي تحصل عليها مصر، فإن ارتفاع عدد السكان  وزيادة الواردات الغذائية يعني أنها بحاجة ماسة لمعالجة المياه المهدرة والملوثة، والتعلم من المناطق الأخرى التي تقتصد في المياه، ويمكن أن يؤدي إصلاح قطاع الزراعة المهمل إلى تحسين الأمن الغذائي وتحسين حياة سكان الريف.