«ما وراء الطبيعة».. تحول في صناعة الترفيه وآمال لإحياء أمجاد السينما
يتضمن مسلسل "ما وراء الطبيعة" مشاهد لمومياوات قاتلة، ومنزل رعب، ومؤثرات خاصة رائعة، وموسيقى تصويرية موحية، حيث تعتمد شبكة نتفيلكس العملاقة لخدمات البث على المسلسل المصري الرائج الجديد الذي حقق نجاحًا عالميًا في أن ينجح في اجتذاب الجمهور العربي الواسع.
واجتذب المسلسل اهتمام صحيفة Straits Times السنغافورية التي سلطت الضوء على محتواه الدرامي المغرق في الغموض والإثارة استنادًا إلى روايات الشباب الخيالية الأكثر مبيعًا للكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق، وبدأ بثه الأسبوع الماضي بتسع لغات للجمهور في حوالي 190 دولة.
وقال أحمد الشرقاوي، مدير المحتوى العربي والأفريقي الأصلي في نتفليكس، لوكالة فرانس برس: "بوجود مثل هذه القاعدة الجماهيرية الضخمة، كان مشروعًا منطقيًا بالنسبة لنا.. نحن متحمسون لأن يرى المعجبون بالروايات شخصياتهم المفضلة وأن يشاهدوا الوحوش والأشباح تنبض بالحياة."
لكن "ما وراء الطبيعة"، المسلسل المصري الأول على نتفيلكس، يمثل تحولًا في صناعة الترفيه في مصر، والعالم العربي الأوسع، ولفت التقرير بالصحيفة السنغافورية إلى أنه لطالما كانت مصر قوة ثقافية مؤثرة في المنطقة، حيث تنتج عشرات الأفلام بالإضافة إلى الدراما والمسلسلات الكوميدية كل عام، لكن بعد عصرها الذهبي في الأربعينيات إلى الستينيات من القرن الماضي، يقول النقاد إن الإنتاج السينمائي قد فقد زخمه في السنوات الأخيرة.
يأمل الكثيرون أن يؤدي نمو خدمات التلفزيون عبر الإنترنت إلى ضخ دماء جديدة في صناعة السينما والترفيه وجلب جمهور أكبر بكثير للفنون التمثيلية في مصر.
وقال الدكتور مروان كريدي، خبير الإعلام العربي وعميد جامعة نورث وسترن: "لقد بدأنا نرى بعض صانعي الأفلام يتخطون هياكل التمويل الحكومية والخاصة، ويتجهون مباشرة إلى نتفيلكس، ويبدو أن هذا النموذج يكتسب قوة في العالم العربي".
تدور أحداث المسلسل الجديد في ستينيات القرن الماضي، ويتابع مغامرات اختصاصي أمراض الدم، رفعت إسماعيل، الذي يلعب دوره أحمد أمين، ويواجه أحداثًا خارقة للطبيعة، جنبا إلى جنب مع صديقته المخلصة، العالمة الاسكتلندية ماجي ماكيلوب، التي تلعب دورها الممثلة البريطانية اللبنانية رزان جمال، وقوما بحل ألغاز غامضة، وينتقلان إلى ما وراء روعة القاهرة وعمق الصحراء الليبية.
وقال المخرج عمرو سلامة: "أردنا إنشاء محتوى عالي الجودة دون فقدان الروح المصرية للعمل، لم نكن نريده أن يبدو كمسلسل أمريكي مدبلج بالعربية. حتى مع المؤثرات الخاصة والأساطير والحكايات المخيفة، أردناها أن تكون مصرية أصيلة".
على وسائل التواصل الاجتماعي، تباين الاستقبال المصري لما وراء الطبيعة حيث سخر الكثيرون من استخدام العرض للمؤثرات الخاصة، بينما أشاد آخرون بالتمثيل المتقن وأداء أحمد أمين. الممثل الذي يرتدي نظارة طبية ويتحدث بصوت خافت، والذي اشتهر في مصر بمشاهده الكوميدية على الإنترنت، والذي يتحدث بشغف عن المواهب المصرية.
وقال لفرانس برس "بطولة وراء الطبيعة تأتي مع تحدي نقل الدراما المصرية الى الساحة الدولية، إنه اختبار لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا المنافسة وجذب الجماهير خارج العالم العربي، ولا شك أن المسلسل يحاول أن يساهم في تقريب وجهات النظر".
ويشبه الدكتور كريدي دخول نتفيلكس إلى السوق العربية بكيفية نجاح شبكة HBO التلفزيونية في الولايات المتحدة في جذب الأسر لقصص متباينة في برامج بارزة مثلThe Sopranos وThe Wire في 2008.
أوضح الدكتور كريدي كيف أن خدمات البث قد خلقت طبقة وسطى ذكية من مستهلكي الترفيه ذوي الأذواق المتطورة. وأضاف أن "التغيير الكبير.. هو محو إيقاع الاستهلاك التلفزيوني وتفتيت وحدة المشاهدة من الأسرة إلى الفرد، والآن يشاهد الجميع ما يريدون، عندما يريدون... على مجموعة من الأجهزة بدلاً من جهاز واحد يجمع الأسرة، كما كانت الإشادة النقدية بالممثلين العرب الأمريكيين هوليوود مؤخرًا عاملاً مساهماً في نجاح المسلسل المصري ولفت الانتباه إليه".
فاز الممثل المصري الأمريكي رامي مالك بجائزة أوسكار لأفضل ممثل العام الماضي عن دوره في فيلم Bohemian Rhapsody ، وتبلغ قاعدة مشتركي نتفيلكس في المنطقة أقل بقليل من خمسة ملايين، لكن موقع البث يأمل في مضاعفة ذلك بحلول عام 2025 بمجموعة كبيرة من عروض المحتوى العربي، بما في ذلك عرض موسيقي للمغني المصري الأسطوري عمرو دياب في وقت لاحق من هذا العام.