حوار| د.أحمد سيد أحمد: أردوغان فقد مصداقيته لدى حلفائه.. والحرب مع اليونان مستبعدة
تركيا تستخدم سياسة المتناقضات للوصول لمصالحها
فشل الاتحاد الأوربى فى معاقبة أردوغان لانقسام بين أعضائه
أردوغان يستعمل ورقة الإرهاب لابتزاز ألمانيا.. وروسيا لابتزاز أمريكا
فرنسا تسعى لملىء الفراغ الذى تركته أمريكا فى الشرق الأوسط
زادت حدة التوتر بين أنقرة وأثينا خلال الفترة الماضية، نتيجة الخلاف على ترسيم الحدود البحرية، والاستفزاز التركي المستمر بالتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، بما يخالف القوانين والاتفاقات الدولية، ما دفع البعض لتوقع حدوث صدامًا عسكريًا بين الدولتين في القريب العاجل، على وقع "حرب التصريحات" التي يتبادلها الطرفان، والعقوبات التي تسعى أثينا لفرضها على تركيا من خلال الناتو.
في الوقت نفسه، تبقى الكثير من علامات الاستفهام حول عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات حازمة ضد السياسات التركية إلى الآن، فيما يبدو موقف روسيا غير واضح، فضلًا عن سعي أردوغان لاستخدام "قبرص التركية" في الحصول على مكاسب من شرق المتوسط.
خلال حوار "الرئيس نيوز" مع أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام الاسترتيجي، أكد أن احتمالية حدوث صدام عسكري بين تركيا واليونان أمر صعب وغير وارد على الأجندة التركية..
وأوضح ذلك التصور قائلًا: تركيا حريصة على عدم الدخول في صراع عسكري لن يصب في صالحها، خصوصًا مع إعلان دولتي الاتحاد الأوروبي، الوقوف بجانب قبرص واليونان، وعلى رأسهم فرنسا وكذلك دول حلف الناتو وأمريكا.
وكيف أثر الدعم الأوروبي على موقف اليونان وقبرص ضد تركيا ؟
علينا مثلا أن نتذكر عندما أرسلت تركيا سفينة أبحاث للمسح الزلزالي في المنطقة المتنازع عليها شرق البحر المتوسط، في شهر أغسطس الماضي، للتنقيب عن رواسب نفط وغاز محتملة جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، قامت فرنسا ببيع وتزويد اليونان بأكثر من 26 طائرة من طائرات "رافال" المتقدمة، وقامت امريكا برفع الحظر عن قبرص المفروض منذ 32 عاما، وهو حظر شراء السلاح، كما أجرى اليونان مناورات عسكرية مع دول أوروبية مثل فرنسا.
في المقابل.. ما تقييمك للسياسة التركية في شرق المتوسط ؟
تركيا تتبع سياسة تسمى بـ"حافة الهاوية".. والتي تعني التهديد بالعمل العسكري من دون الوصول لنقطة الصدام، وتتبع سياسة التهديد من أجل الضغط على اليونان والدول الأوربية فيما يتعلق بتقسيم ثروات المتوسط، كما تحاول إعادة تقسيم الحدود للحصول على جزء من كعكة شرق المتوسط ، خصوصًا أن القانون الدولي لا يعطيها حق في ذلك.
لكن أردوغان يستخدم أيضًا ما يسمى بـ" قبرص التركية" للحصول على بعض مكتسبات شرق المتوسط
تركيا بقيادة أردوغان تتدعى أن لها حقوق في جمهورية قبرص التركية، ولا يعترف بها أحد سوى تركيا، وقامت تركيا بترسيم الحدود مع حكومة "الوفاق"، الغير معترف بها من البرلمان الليبي، لذلك فجميع الطرق القانونية مغلقة أمام أردوغان ولا يوجد أمامه سوى سياسة الضغط كما ذكرت.
ولماذا سحبت تركيا سفينتها قبل الأخيرة من شرق المتوسط في سبتمبر الماضي؟
حدث ذلك نتيجة للضغوط الكثيرة عليها، وكان هناك ضغوط من الجانب الأوروبي والأمريكي، لذا قامت تركيا بسحب السفينة في 13 سبتمبر الماضي، ودعت للحوار في محاولة لتجنب الضغوط الدولية، لأن الاقتصاد التركي ضعيف ولا يتحمل التوترات أو الصدمات، خلال الفترة الحالية.
بعد الضغوط فرنسا وأمريكا التي ذكرتها.. أعادت تركيا سفينتها للتنقيب في شرق المتوسط بداية أكتوبر
ما قامت به تركيا من إعادة سفينة التنقيب لشرق المتوسط ، هو نوع من التناقضات فى السياسة الأردوغانية، فكيف دعت لحوار ثم تعود بإرسال سفينة تنقيب لرفع حدة التوتر.. وتلك التصرفات أفقدت تركيا مصداقيتها لدى أوربا وأمريكا، وأدى ذلك بلا شك إلى استنفار أوروبي.
لكن بالرغم من هذا الاستنفار الدولي ضد تركيا.. لم يتحرك الاتحاد الأوربي بقرار فعلى ضد سياساتها
في الواقع حتى اللحظة الاتحاد الأوربي لم يتخذ موقف موحد تجاه استفزازات تركيا والتنقيب الغير مشروع في المياه الإقليمية لليونان، رغم إعلانه بشكل صريح تضامنه الكامل مع اليونان وقبرص ضد الانتهاكات التركية، كما أقر بوجود خطوط حمراء على تركيا عدم تعديها ومنها انتهاج سيادة دولة عضوة في الاتحاد، ولوح بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا إذا لم تتوقف.
وفى القمة الأخيرة له، قام الاتحاد الأوروبي بتخيير تركيا بين العقاب والحوار، ولكن المشكلة أن هناك انقسامات داخل الاتحاد الأوربي حول تركيا، حيث تقود فرنسا الحلف المطالب بتوقيع عقوبات على تركيا وهم دول اليونان وإسبانيا وإيطاليا، بينما تقود ألمانيا الحلف الرافض لعقوبات على تركيا وتطالب بالحوار، وهذا السبب وراء عدم فرض عقوبات على تركيا رغم ما تفعله.
وما سبب ذلك الموقف الألماني الداعم لتركيا داخل الاتحاد الأوروبي؟
لأن أردوغان يلوح بورقة المهاجرين والإرهاب لابتزاز ألمانيا، ويهدد الألمان بفتح الباب للمهاجرين إليهم وهو ما يؤثر بدوره استقرار المانيا، لذا هناك مواقف ومصالح متباينة بين الدول الأوربية تقف ضد فرض عقوبات عليها حتى اللحظة.
أعلنت فرنسا بشكل مباشر تصديها للسياسات التركية في المنطقة.. كيف ترى تدخل ماكرون في الشرق الأوسط؟
هناك آثار ترتبت على الانسحاب الأمريكي الجزئي من الشرق الأوسط، تسعى فرسا لتكمل هذه الفجوة، لفرض رؤيتها السياسية على المنطقة، وقد حاولت بالفعل فرضها على لبنان لكن النخبة السياسية هناك رفضتها بعد أزمة تفجير مرفأ بيروت، وكذلك من خلال عقد صفقات مع الحكومة العراقية ضد داعش.
كما أعلنت فرنسا دعمها السياسي والمعنوي لقبرص ضد تركيا، وسعت لفرض عقوبات، وفى ليبيا من خلال دعم الجيش الوطني الليبي.
كل ذلك يعني أن فرنسا تحاول تعظيم دورها في الشرق الأوسط لموازنة الدور الأمريكي والروسي، وهذا يصب لصالح المصالح السياسية الفرنسية والاقتصادية.
وسط ذلك الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي.. لماذا يتسم الموقف الروسي من تركيا بعدم الوضوح إلى الآن؟
كما تعتمد تركيا على ابتزاز ألمانيا بورقة المهاجرين والإرهاب، كذلك تبتز روسيا بورقة أمريكا وأن تتجه لصالح أمريكا، الخصم الشرس لروسيا.
و تحاول تركيا اللعب على ورقة مصالح أمريكا من خلال موازنة الدور الروسي في الشرق الأوسط.. وبالتحديد ليبيا وسوريا والعراق، حيث تعتبر أمريكا، روسيا خصم استراتيجي، ووجود روسيا في ليبيا يهدد مصالح الناتو وأمريكا.. وبالتالي فإن التدخل الأمريكي من خلال تركيا لموازنة الدور الروسي، وتصب تلك الخلافات كلها في مصلحة أردوغان حتى هذه اللحظة.
هل يستطيع أردوغان حصد المكاسب من وراء تلك الخلافات لوقت طويل؟
فى اعتقادي أن سياسة أردوغان في اللعب على المتناقضات والجمع بينهما أفقده مصداقيته مع أمريكا، خصوصًا بعد أن قامت تركيا بتجريب صفقة الصواريخ الروسية "اس 400 ".. ما لاقى رفضًا من قبل الناتو والأمريكان.. وهناك تهديد بفرض عقوبات على تركيا قريبًا بسبب ذلك، لأن ذلك سيحدث انقسامات كبيرة داخل الناتو.