السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

من مهاجر غير شرعي إلى إرهابي.. القصة الكاملة لمنفذ هجوم «نيس»

الرئيس نيوز

لم يكن هناك ما يشير إلى أن إبراهيم العيساوي، البالغ من العمر 21 عامًا والمنحدر من عائلة فقيرة، سيحول مصيره من كونه مهاجرًا غير شرعي، يبحث عن حياة أفضل في فرنسا، إلى مشتبه به في هجوم إرهابي.

و يقول سياسيون وخبراء في الجماعات الإسلامية المتطرفة إن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي أعقبت انتفاضة تونس 2011، خلقت بيئة مواتية لتحويل الشباب الباحثين عن حياة كريمة إلى أشخاص يائسين، يمكن تجنيدهم بسهولة من قبل المتطرفين والمجرمين، في جميع أنواع النشاط الإجرامي.

وذكر موقع فرانس 24 أن إبراهيم العيساوي كان مجرد واحد من العديد من المهاجرين غير الشرعيين، الذين قفزوا في مغامرة عبور مياه المتوسط إلى إيطاليا، فيما قالت مصادر إنه وصل قبل نحو شهر إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية قادمًا من صفاقس في تونس، وبعد الحجر الصحي، انتهى به الأمر في مدينة نيس الفرنسية، عشية هجومه الشنيع.

في السايق نفسه،  قالت عائلته إنه تحول إلى التطرف منذ حوالي عامين، لكنه لم يظهر أي أفكار أو مواقف متطرفة، موضحين: "بدأ إبراهيم بالصلاة قبل عامين ونصف.. وأصبح وحيدًا يتنقل فقط بين العمل والمسجد والمنزل".

ونقلت فرانس 24 عن والدته "قمرة": "لم يكن لديه معارف.. وقبل ذلك كان يشرب ويتعاطى المخدرات.. كنت أسأله لماذا يهدر ماله عندما نكون في حاجة، وكان يجيب إذا هداني الله، فسوف يهديني لنفسي".

حاول إبراهيم الهجرة بصورة غير شرعية عدة مرات، من قبل حتى نجح قبل نحو شهر ونصف، عندما وصل إلى لامبيدوزا، حيث أخبر أسرته أنه كان يعمل في قطف الزيتون، وقالت والدته: "عندما ترك المدرسة، عمل في ورشة لتصليح الدراجات النارية وكان يوفر ما بين 1100 و1200 دينار (حوالي 400 يورو) وأنشأ كشك لبيع البنزين (المهرّب) مثل العديد من الشباب في المنطقة الذين كانوا يكسبون لقمة العيش من مثل هذا المشروع غير القانوني".


وُلد مرتكب هجوم نيس في عائلة مكونة من سبع فتيات وثلاثة أولاد، تعيش في حي فقير، لا توجد به بنية تحتية، بالقرب من منطقة صناعية في محافظة صفاقس، ويقول المحللون وعلماء الاجتماع إن الظروف الاجتماعية مثل تلك التي كان يعيش فيها إبراهيم العيساوي، تمثل أرض صيد مثالية للجماعات الإسلامية المسلحة، وقبل بضع سنوات، كانت هذه الجماعات تستهدف الشباب والشابات الذين يعيشون في مثل هذه الظروف، وتغسل أدمغتهم بأيديولوجياتهم المتطرفة وترسلهم إلى مناطق الصراع في سوريا وليبيا.

كان لدى الشباب التونسي آمال كبيرة في انتفاضة 2011، لكن النتائج الكئيبة للسنوات العشر الماضية أدت إلى أكثر من خيبة الأمل.. بدأ القضاء التونسي التحقيق مع عائلة المشتبه به في هجوم نيس، وقال المدعي العام بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، محسن الدالي، إن المشتبه به "لم يتم تصنيفه كإرهابي لدى السلطات التونسية وغادر البلاد بشكل غير قانوني في 14 سبتمبر، وله سوابق قضائية في أعمال العنف والمخدرات".

سلط مازن شريف، المتخصص التونسي في شؤون الجماعات الإرهابية، الضوء على دور الجماعات الإرهابية التي تستغل دائما لمصلحتها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة وانعدام الأمن في البلاد، فضلا عن دور الخطاب التحريضي الصادر عن بعض رجال الدين.

وقال شريف لصحيفة "جلوبال نيوز" الكندية إن الوضع السيئ لم ينجم عن الخطاب المتطرف فحسب، بل من وجود فراغ أخلاقي وديني مصحوب بالإحباط والصدمة والفقر واليأس. كل هذه العوامل حولت البلاد إلى ما يشبه السجن في عيون هؤلاء الشباب اليائسين وخلقت لهم بدائل زائفة.

من جهته، قال زهير مغزاوي، الأمين العام للحركة الشعبية (حزب القومية العربية)، إن "الأسباب كثيرة، منها حالة الإحباط العامة التي تستغلها الجماعات التكفيرية في أنشطتها". كما اعترف بأن "الخطاب السياسي العنيف والمشحون بالغضب يخدم مصالح الإرهابيين".


وأضاف مغزاوي في حديثه مع صحيفة Arab Weekly اللندنية: "لقد ألقت الأزمة السياسية بظلالها - من حيث الخطاب ووسائل التواصل الاجتماعي والشيطنة والكراهية - على مناخ تبرير الإرهاب وخلق غطاء سياسي له".

وتشير إحصاءات وزارة الداخلية التونسية أنه منذ بداية العام الجاري وحتى منتصف سبتمبر، حاول 8581 شخصًا عبور المياه التونسية باتجاه السواحل الأوروبية، بينهم 2104 أجنبيًا.