كيف استغل أردوغان "نصرة الرسول" ضد فرنسا سياسيا؟
وسط تصعيد عربي وإسلامي ضد فرنسا، بسبب الرسوم المسيئة للرسول محمد (ص) يرى خبراء أن الأزمة يشوبها استغلال سياسي، مع خلل في ثقافة تعايش ودمج المهاجرين في المجتمع الفرنسي.
وكيلة العلاقات الخارجية بالبرلمان: ماكرون أذكى من ذلك وسيتدارك الخطأ
تقول وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب سوزي رفلة، إن الرئيس الفرنسي إمانويل
ماكرون لم يسء لأي دين من قبل، ولكن خطابه يتعلق بمضايقات تركيا وقطر وفرض نفوذهم
بالمنطقة، مستخدمين الحادث لتأجيج الوضع بفرنسا، مؤكدة أنه "اذكى من ذلك
وسيتدارك الخطأ".
وأعربت النائبة عن إدانتها لاستخدام رسوم تسيء للرموز الدينية، لاسيما أن
علاقة فرنسا بالدول الإسلامية والعربية علاقة جيدة وليست سيئة، مفسرة الموقف
الفرنسي أنه نتاج عمليات إرهاب عديدة في الفترة الأخيرة خاصة أن تركيا تمول
الجماعات الإرهابية.
تشير النائبة إلى أن المهاجرين التونسيين والجزائريين يعاملون كمواطنين
فرنسين في الحقوق والواجبات، وإقامة الشعائر الدينية وبناء المساجد، متابعة
"الإرهاب موجود في كل مكان وغير مرتبط بديانة معينة".
وعن دعوات المقاطعة تعلق رفلة "غير مجدية، وثبت فشلها في مرات سابقة
كدعوات أمريكا لمقاطعة الصين، واعتبرها مجرد رد فعل غاضب تجاه الأحداث لن تستمر أو
تؤتي ثمارها".
ورغم تشبيه الرئيس التركي رجب
اردوغان معاملة المسلمين في
أوروبا بمعاملة اليهود قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن
فرنسا بها 2260 مسجدا، منهم 60
مسجدا بمئذنة، وتضم فرنسا أيضا اكبر مجمع إسلامي في دول الاتحاد الأوروبي.
حقوقي: دستور فرنسا يكفل حرية الرأي والتعبير ولا محاسبة على الرسوم
المسيئة
من جهته، يوضح رئيس المركز العربي لاستقلال القضاة والمحاماة المحامي ناصر أمين، أن القانون والدستور
الفرنسي يكفل حرية الرأي والتعبير دون قيود، ولا يوجد نصوص تجريم أو تعاقب على
الرسوم الكاريكاتيرية
ويشير أمين إلى أنالمحكمة الأوروبية هي الوحيدة التي لها حق في تقديم دعوة
ازدراء أديان أمامها، وهي من تقيم العمل الفني هل سيصل إلى مستوى الازدراء من
عدمه.
وكانت المحكمة الأوروبية قبل عامين
أصدرت في 25 اكتوبر عام 2018 حكما يجرم الإساءة للنبي محمد، واعتبار الرسوم
الكاريكاتورية ليست من ضمن حرية الرأي والتعبير.
ويؤكد أمين أن القضية محملة بأكثر من حجمها الطبيعي خاصة أن فرنسا دولة
ترعى الحقوق والحريات سواء الأقليات أو المهاجرين، مشيرا إلى أن هناك زيادة معدلات
للمهاجرين دون تأهليهم للاندماج مع المجتمع الفرنسي ذو الطبيعة المختلفة عن هؤلاء
المهاجرين.
ويضيف أمين لـ"الرئيس نيوز" "ارتفاع معدلات الهجرة بشكل
متصارع ادى لتكبير الفجوة بين المهاجرين وقبول ثقافة المهاجر للمجتمع الجديد عليه،
فبالتالي يعتبر اي تعبير عن الرأي هو اعتداء عليه وعلى معتقداته".
ويتابع أمين "رغم أن المجتمع الفرنسي قائم على الاختلاف والحرية لكن
حتى هذه اللحظة المهاجرين ليس لديهم القدر الكافي على التكييف والتعايش، وأصبح
الموقف الآن صراع بين الصحافة الفرنسية التي تدافع عن معتقدتها بحرية الرأي، وبين
فصيل يرى فيها ممارسات تتضمن تحقير أديان".
ويعتبر الحقوقي أن فرنسا أمام تحدي شديد القسوة مابين تمسكها بمبادئ الحرية
والعدالة، وبين الواقع الذي قد يضطرها أن تتخذ تدابير التضيق أو المساس بالحريات
مثل قضية منع لحجاب التي كانت مسار جدل الفترة الماضية".
المناوشات الفرنسية التركية لم تقف
على المستوى السياسي والعسكري فحسب، فقبل 4 أشهر تم إدراج اللغة العربية، والإيطالية، والبرتغالية في
مدارس فرنسا بداية من العام الدراسي المقبل، وفشلت محاولات إدراج التركية ضمن
اللغات الأجنبية الدولية في فرنسا بعد استحالة الاتفاق مع الحكومة التركية التي
سعت لفرض لغتها وفق أجندتها، والعمل على افتتاح مدارس دينية تركية في فرنسا، وهو
ما تصدى له وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكر بشكل مباشر وأوقفه في مراحله
الأولى.
عميدة الدراسات الإنسانية الأزهر: نصرة الدين ليست بالقتل
فيما اعتبرت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع
جامعة الأزهر البرلمانية آمنة نصير، أن ما يحدث في أزمة فرنسا والرسوم المسيئة هو
فتنة، خاصة أن الإسلام دين رحمة للعالمين، وسلوك النبي محمد لا يمت لهذه الأفعال
بصلة.
تدلل نصير على قولها بواقعة الرجل الذي تبول في مسجد
الرسول أمامه وأمام الصحابة، وحين حاول الصحابة منعه رفض رسول الله حتى يفرغ الشخص
ما يفعله، فيما جاء القرآن بآية "يا أيها الناس إناخلقناكم من
ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم
خبير".
وتؤكد نصير أن نصرة الدين ليست بالقتل ولكن بإدراك
المهاجر المسلم لأهمية التعايش والإعراض عن الجاهلين والمتطرفين، ومعالجة الأمور
بطرق سليمة، اعمالا بتعاليم الرسول الذي لم ينهر شخص ألقى على عتبة داره روث
الحيوانات يوميا وعندما غاب ذهب الرسول ليسأل عنه.
ووجهت نصير في تصريحاتها لـ"الرئيس نيوز" رسالة للمهاجرين والمغتربين في أوروبا "تركتم بلادكم ووجدتم الأمن والامان والعيش الكريم فيها، لماذا لاتحمدواالله، وأن يتعلم المسلم التعايش والأدب مع الغير وكما قال الرسول لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك".
وكانت الأزمة بدأت بقتل طالب شيشاني لمعلم فرنسي نشر صور مسيئة للنبي محمد
(ص) كانت منشورة سابقا بجريدة شارل إيبدو،
وتوالت بعدها أعمال عنف محدودة وانتهت بتصعيد خطابي بين الرئيس الفرنسي
ايمانويل ماكرون والرئيس الفرنسي رجب طيب أردوغان، فضلا عن تصعيد عربي وإسلامي
متعلق بسحب سفراء فرنسيين، بالإضافة إلى مقاضاة الأزهر الشريف لصحيفة شارل إيبدو
الفرنسية الناشرة للرسوم المسيئة.