السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

«سويسرا الشرق الأوسط».. أزمات كورونا تهدد حياد سلطنة عمان

الرئيس نيوز

نظرًا لموقعها الجغرافي بين المملكة العربية السعودية وإيران، أبدت سلطنة عُمان اهتمامًا بالغًا بحيادها، واكتسبت سمعة واسعة النطاق، حتى عرفت بأنها «سويسرا الشرق الأوسط»، لكن قدرة الدولة الخليجية على النأي بنفسها عن صراعات القوى الإقليمية أصبحت معرضة للخطر بسبب المشاكل الاقتصادية التي تفاقمت بسبب وباء كورونا وتراجع أسعار النفط، ووفقًا لصحيفة فاينانشيال تايمز، يتوقع صندوق النقد الدولي انكماشا اقتصاديا بنسبة 10% هذا العام، وهو أكثر حدة بكثير من المتوسط في الشرق الأوسط.

كانت الأزمة جرس إنذار للسلطان هيثم بن طارق آل سعيد، الذي خلف السلطان الراحل قابوس بن سعيد آل سعيد في يناير بعد وفاة الزعيم الذي صاغ عمان الحديثة خلال نصف قرن على العرش. وفي الوقت الذي يواجه فيه السلطان الحالي، وهو وزير الثقافة السابق البالغ من العمر 65 عامًا عجزًا متضخمًا في الميزانية والديون المتزايدة، عليه أن يقرر ما إذا كان سيلجأ إلى الجيران الأكثر ثراءً لإنقاذ السلطنة أو محاولة موازنة الدفاتر، من خلال وسائل أخرى مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

وتوضح الصحيفة: طإذا أجبره الوضع الاقتصادي المتدهور على اتخاذ الخيار الأول، فإنه يهدد بجر عُمان إلى نزاع طال أمده سوف يضع السعودية والإمارات في مواجهة قطر ويقوض قدرة مسقط على لعب دور الوسيط الإقليمي".


أعباء كورونا
وقال جون سفاكياناكيس، الباحث في جامعة كامبريدج: "بالنظر إلى العبء المالي، سيتعين على عمان اللجوء إلى جيرانها الخليجيين للحصول على دعم مالي مباشر أو غير مباشر"، مضيفًا: "لكن هذا يمثل معضلة - الأموال الإماراتية قد تعرض حياد عمان للخطر لأنها ستجعل مسقط أقرب إلى تحالف أبوظبي والرياض والأمر نفسه ينطبق على قطر".


من المتوقع أن يصل عجز ميزانية السلطنة إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بعد تراجع الإيرادات، وتمتلك عمان حوالي 16 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي و16 مليار دولار أخرى من الأصول الخارجية المتاحة بسهولة، لكن العجز المالي والسندات العالمية المستحقة يصلان إلى أكثر من 13 مليار دولار في السنة على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

ستحتاج السلطنة، التي اقترضت ملياري دولار من البنوك العالمية في أغسطس، إلى سحب الودائع المحلية بما في ذلك من صندوق الثروة السيادية ومبيعات الأصول والمزيد من القروض من أجل استقرار الميزانية. وهي تدرس العودة إلى أسواق السندات لجمع ما بين ملياري و 4 مليارات دولار.

وقال كريسجانيس كروستينس، مدير الهيئات السيادية في وكالة التصنيف فيتش: "حتى قبل فيروس كورونا والصدمة الأخيرة لأسعار النفط، كانت عمان تكافح لتحقيق التوازن بين السجلات.. لكنهم الآن في وضع يتعين عليهم فيه تقليل الإنفاق بشكل أكثر جذرية أو قد ينفذ المال".

وفي العام الماضي، قدمت دول الخليج الأكثر ثراء حزمة بقيمة 10 مليارات دولار للبحرين بعد أن فشلت في جمع المزيد من الديون في الأسواق الدولية. قال مسؤول غربي إن هناك محادثات حتى الآن حول إمكانات الاستثمار الإماراتي في المشاريع العمانية، وليس أي وديعة مالية.
تتعمق الشكوك حول نوايا الإمارات العربية المتحدة بين العديد من العمانيين، وقد ترفض القيادة الشروط المسبقة للدعم الذي قد يقوض استقلال مسقط الثمين. ويقول مصرفيون أيضا إن هناك محادثات سرية مع قطر بشأن المساعدة المالية، حيث تحرص الدوحة على سداد أموال عمان مقابل دعمها اللوجستي في "التغلب على الحصار".


التعاون الصيني 

في غضون ذلك، وسعت الصين عملياتها في الموانئ العمانية واشترت حصة بقيمة مليار دولار في شبكة توزيع الكهرباء العام الماضي. في عام 2017، أقرضت البنوك الصينية الرائدة سلطنة عمان 3.5 مليار دولار. قال جوناثان فولتون، الأستاذ المساعد في جامعة زايد في أبو ظبي، "بالنظر إلى العلاقات الاقتصادية العميقة، قد تكون الصين فرصة جيدة، لكن من المرجح أن يكون للولايات المتحدة اعتراضات".
أينما كان يلتمس المساعدة، فإن الأزمة الاقتصادية ستختبر الدعم الشعبي للسلطان الجديد، الذي ترك بصماته بالفعل من خلال تجديد شامل للأطر البيروقراطية.

وخفض الإنفاق العام بنسبة 8 % في النصف الأول من العام، وخفض الإنفاق على المشاريع الكبيرة والدفاع، مع الحفاظ على فاتورة رواتب القطاع العام الضخمة في السلطنة. أعلنت الحكومة هذا الأسبوع عن خطط لفرض ضريبة مبيعات بنسبة 5 في المائة العام المقبل، وهي مقامرة لزيادة الإيرادات ولكنها تنطوي على مخاطر استياء شعبي.

وقبل عقد من الزمان، اجتاحت الاحتجاجات عمان خلال الربيع العربي، إذ أخمد السلطان الراحل قابوس الاضطرابات وقتها من خلال إقالة الوزراء ومنح حكومية اجتماعية اتسمت بالسخاء. 

هذه المرة، قد يكون الأمر أكثر صعوبة، إذ قال مراقب عماني: "السلطان هيثم يتحكم في السلطة بقوة ولديه الكثير من حسن النية."، لكن كروستينز قال: "يجب أن يكون احتمال حدوث اضطرابات سياسية أو اجتماعية عاملاً مؤثراً على القيادة العمانية، ولا بد أن يكون هناك القليل من الرقابة الذاتية فيما تفعله الحكومة بشأن الإصلاح المالي".