السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

«فرق تسد».. ترامب يعول على سياسته في الشرق الأوسط لاحراز مكاسب داخلية

الرئيس نيوز


قالت مجلة The Strategist الصادرة عن المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى بشكل عام سياسة خارجية مليئة بالتناقضات، لكن هذا لا ينطبق على سياسته تجاه الشرق الأوسط، فقد دأب على استهداف إيران كتهديد وأقام تحالفًا عربيًا إسرائيليًا مناهضًا لإيران لمواجهة طهران وحلفائها، متسائلة هل بدأت استراتيجيته تؤتي ثمارها؟


رجح تقرير المجلة الأسترالية أن نجاح ترامب في التعامل مع الشرق الأوسط جاء مستندًا إلى سياسة "فرق تسد" في الداخل والخارج، موضحة أنه أول رئيس أمريكي يحرز نتائج جيدة في إغراء بعض دول الخليج العربية للتعاون مع إسرائيل لمواجهة "التهديد الإيراني"، حيث  توسط ترامب في إبرام اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين.

وكشف الصحيفة أن ترامب يريد من طهران إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015، وهي خطة العمل الشاملة المشتركة، التي انسحبت منها الولايات المتحدة في عام 2018، كما يسعى لتخفيض القدرات العسكرية لإيران ونفوذها الإقليمي وفقًا للمصالح الأمريكية، مشيرة إلى أن إدارة ترامب اخضعت طهران لسياسة "الضغط الأقصى" للعمل على إنهيار الصلف الإيراني تحت وطأة العقوبات الأمريكية المتزايدة في وقت تعرضت فيه إيران لضربة بسبب جائحة كوفيد-19، وعلى الرغم من أن طهران ظلت محتفظة بموقفها المتحدي للإرادة الأمريكية، إلا أن الضغط زاد من خلال السعي لاستخدام بند "SNAPBACK" في خطة العمل الشاملة المشتركة لتجديد كافة العقوبات الأممية السابقة على إيران، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تعد طرفًا في الاتفاقية بعد الآن.

وفي الوقت الذي انتقدت إدارة ترامب طهران على خلفية تهربها من بعض التزاماتها بالاتفاق ردًا على أفعاله، قاوم ترامب مواقف بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ودعمهم للإبقاء على الاتفاقية كإجراء مهم من أجل الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي، حيث يرى ترامب أن إجراءاته السياسية ضرورية لبناء شرق أوسط يسوده السلام والاستقرار، إلا أن المراقبين يعربون عن مخاوفهم من أن سياسة الرئيس الأمريكي قد تأتي بنتائج عكسية على عدد من الجبهات.

اوضحت المجلة أن سياسة الرئيس في الضغط على النظام الإيراني للاستسلام أو الموت تسببت في إلحاق الضرر بالمجتمع الإيراني، في حين يعيش المرشد الأعلى وحاشيته والحرس الثوري بعيدًا عن التأثير المباشر للعقوبات، مشيرة إلى أن الطبقة الدينية الحاكمة في طهران تتقن كيفية الالتفاف والتعامل مع العقوبات الأمريكية لمعظم حياتها منذ عام 1979، حيث طور المرشد ومن حوله جميع الآليات والإجراءات الدينية والبراجماتية والقومية اللازمة للحفاظ على أنفسهم مع القدرة على قمع واحتواء المعارضة الداخلية.

وقالت المجلة إنه رداً على الضغط الأمريكي، عززت إيران علاقاتها الاستراتيجية مع خصوم أمريكا الرئيسيين، الصين وروسيا، وحافظت على حلفائها الإقليميين بتكلفة كبيرة، بما في ذلك حكومة بشار الأسد السورية، والمليشيات الشيعية العراقية، وحزب الله اللبناني، والحوثيين اليمنيين، كجزء من بنية أمان واسعة النطاق.

وأشارت المجلة إلى أن ترامب قد بجد أن من مصلحته استفزاز إيران إلى المواجهة، لكن نهج طهران هو الانتظار حتى نتيجة الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، منوهة إلى تصريحات المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي أكد أنه إذا فاز في الانتخابات فسوف يستعيد مشاركة أمريكا في خطة العمل الشاملة المشتركة، على الرغم من أن ترامب يبذل قصارى جهده لجعل ذلك مستحيلاً عليه.

واستخلصت المجلة أن إدارة ترامب اليوم في عزلة توازي عزلة طهران دوليًا، خاصة بالنظر إلى تباين مواقف واشنطن وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تجاه إيران، ولا يمكن أن يخدم هدف ترامب الواضح جبهة إقليمية معادية لإيران قضية الاستقرار والأمن الإقليميين، ولم تهدأ معاهدتا السلام المصرية والأردنية لعامي 1979 و1994 مع إسرائيل حدة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتقلل اتفاقيات إبراهام الأخيرة بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل من الرفض العربي للتطبيع مع إسرائيل.

وإذا انضمت المملكة العربية السعودية إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وهو أمر مرجح في مرحلة ما، يمكن أن يُنظر إليه على أنه تحالف إقليمي، وهذا ينطوي على مخاطر ليس فقط تعميق الصدع مع الإسلام الشيعي، الذي تدعمه إيران، ولكن قد يؤدي إلى نشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة العنيفة، مثل القاعدة وما يسمى بداعش في استثمار لمزاعم التقارب مع إسرائيل.

واكدت المجلة أن تصرفات ترامب المتسارعة في سياسة الشرق الأوسط، عندما تقترن بإبرام السلام مع العدو الإرهابي السابق لأمريكا، طالبان، لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، تكون موجهة أكثر نحو تمكين ترامب من إحراز الأهداف محليًا أكثر من اهتمامه بالسلام في المنطقة.