الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. شهاب دغيم يكتب: أسباب نقل الحوار الليبي إلى جزيرة جربة وتأثير حركة النهضة

الرئيس نيوز

تستضيف  جزيرة جربة التونسية القريبة من الحدود الليبية مطلع شهر نوفمبر القادم الاجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي، وفق ما أعلنت عنه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان لها السبت الماضي.

الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، أعلنت وفق نصّ البيان، استئناف المحادثات الليبية وأوضحت أنّ ملتقى الحوار السياسي الليبي سيعقد وفق صيغة مختلطة بسبب جائحة كورونا من خلال سلسلة من الجلسات عبر الاتصال المرئي وكذلك عبر اجتماعات مباشرة، معربة عن امتنانها للحكومة التونسية لاستضافتها الاجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي مطلع شهر نوفمبر المقبل عقب إجراء المحادثات التمهيدية عبر الاتصال المرئي، وتدخل مشاورات الحل الليبي مرحلة الحسم الذي ينتظر أن يكون خلال أكتوبر الحالي، الذي سيكون امتداداً لمؤتمر برلين المنعقد في 19 يناير 2020.

اختلفت  الأراء حول استضافة تونس المشاورات فتذهب بعضها  إلى أن تغيير مكان اللقاء إلى مدينة جربة اختيار براجماتي وواقعي نظراً لقرب المسافة بين جربة التونسية وليبيا، وبالنظر إلى سهولة الإجراءات والترتيبات وتؤكد أن هذا التغيير كان لأسباب لوجستية تزامناً مع الوضع الصحي العالمي اللوجستية المُرتبطة بالمحادثات، منها سهولة التنقل والحصول على التأشيرات في هذا الظروف الصحي العالمي، لكن مصادر سياسية ليبية أخرى أكدت أن تغيير مكان انعقاد الحوار كان نزولاً عند رغبة أطراف ليبية وأخرى إقليمية متخوفة في الآن نفسه من أن يكون النظام التركي والإخوان في ليبيا أثرا على اختيار تونس عمداً ويعتقدون أنهما قد يتجهان لعرقلة مسار برلين في طريق الحل السياسي لاصرار تركيا المتواصل على التدخل في غرب البلاد ووضع اليد على ثرواتها.

ويشارك في الاجتماع ممثلون عن الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والجامعة العربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والصين وتركيا والإمارات والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر، وسيكون الاجتماع تحت إشراف الأمم المتحدة وألمانيا للنظر في مختلف المسائل المتعلقة بالحل السياسي ومواصلة مسارات مخرجات مؤتمر برلين.

دور تعديلي للرئيس التونسي

بعد الندوة الصحفية المشتركة  في باريس مع الرئيس ماكرون أخذ قيس سعيد كما أكدناه  في العديد من المناسابات مسافة من سلطة طرابلس الحالية واصفاَ اياها بالشرعية المؤقتة، خاصة بعد سنوات من الانبطاح التونسي  لحلف الإخوان الذي يتزعمه أردوغان، ومواقف الرئيس سعيد غير بعيدة عن المواقف الجزائرية، إذ يريد الرئيس التونسي أن يقوم بدور تعديلي بين الفرقاء الليبين.

وفي الندوة الصحفية كان الرئيس قيس سعيد خلال استقباله لـــ"ستيفاني وليامز" شهر سبتمبر الماضي، أكد على احتضان تونس مؤتمراً للحوار الوطني بين مختلف الفرقاء الليبيين، تحت رعاية الأمم المتحدة. وأعرب خلال اللقاء "إن الموقف التونسي ثابت من المسألة الليبية" داعياً إلى إيجاد تسوية سياسية شاملة لهذه الأزمة تحفظ وحدة ليبيا وسيادتها في إطار حوار "ليبي ليبي" جامع تحت مظلة الأمم المتحدة.

كما أكد عند استقباله لممثلي المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية في شهر ديسمبر الماضي، على استعداد تونس لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء الليبيين للدفع نحو تحقيق الاستقرار في هذا البلد الشقيق.

 هل من  دور موثر لراشد الغنوشي في حوار جربة المرتقب؟

العديد من الأطراف الليبية تؤكد على أن تونس كانت وستبقى قبلة الاخوة الليبيين بفضل العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين، لكنها لم تخفي قلقها المشروع من دور محتمل وتاثير لرئيس حركة النهضة الاخوانية راشد الغنوشي ورئيس مجلس النواب التونسي  والذي لا يخفى على أحد انحيازه إلى جماعة السراج وحلفائه و الذي يُسيطر عليه الإخوان في ليبيا.

الخوف من اصطفاف الغنوشي الذي عبر في مناسبات دعمه لحركة الاخوان في ليبيا منذ سيطرة عبد الحكيم بلحاج ومن بعده  السراج، الغنوشي الذي يرأس حالياً البرلمان التونسي، يقف دائما في صف الإخوان ويأتمر بالأجندات التركية الأوردوغانية.

موقف الغنوشي أدخل الشك وزعزع ثقة بعض القوى الوطنية في ليبيا من انعقاد المحادثات في تونس وخاصة الدور التونسي في الملف الليبي وانحيازه المفضوح لطرف واحد، و تتصاعد مخاوف الاطراف المحاورة من سيطرة إخوان ليبيا وتونس الذين تربطهم علاقات متطورة على مسار التسوية السياسي برغم تأكيد ستيفاني ويليامز على أنّ الحوار المُرتقب في تونس سيجري بالاستناد إلى قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص ليبيا، ومخرجات مؤتمر برلين فان مخاوف بشأن بعض الأسماء  المقترحة والتي دعيت إلى المشاركة في الحوار في جربة  بل تذهب أطراف أطراف ليبية إلى أكثر من هذا فتعتبر أنّ بعثة الأمم المتحدة مُخترقَة من جماعات الإخوان والمستفيدين منها والذين يدورون في فلكها حسب تصريح عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي لجريدة العرب اللندنية.

لكن الكثيرون يعتقدون أن هامش المناورة ضيق جداً ولا امكانية التأثير عليه لأن محاور النقاش قد وُضعت مسبقًا بالاستناد إلى مخرجات برلين، كما أنّ حوارات بوزنيقة المغربية والغردقة المصرية لم تترك  لأحد أيّ امكانية لتغيير أطر ومخرجات  الحوار.

الخوف يسيطر على  التأثيرات التركية لمسار المشاورات الليبية في جربة فيرى المراقبون أن أطرافاً داخلية وخارجية من بينها قوى الإسلام السياسي وقادة الميليشيات والنظام التركي ليس من مصلحتها التوصل إلى حل سياسي سيفقدها سيطرتها على مفاصل الحكم في طرابلس وعلى وجودها المتواصل في الموسسات الليبية، مشيرين إلى أن النظام التركي وجماعة الإخوان يتجهان لوضع العديد من العراقيل في طريق الحل بسبب حرص على استمرار تدخلها  السياسي والعسكري  في غرب البلاد والسيطرة على مراكز النفوذ.

في نفس السياق أعلن السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، أنه سيتوجه إلى تركيا، الخميس، للتشاور حول أفضل السبل لدعم الحوار السياسي الليبي وخفض التصعيد، في  تغريدة على تويتر قال : "أسافر إلى أنقرة اليوم للتشاور مع تركيا حول أفضل السبل لخفض التصعيد والحوار السياسي الليبي، في طريقة بناءة تعيد السيادة الكاملة إلى ليبيا"، حرصاً من الأطراف الغربية على تحييد التاثير التركي والحد منه في المنطقة.