بعد نقله من جنيف لتونس.. هل تنجح ألاعيب الإخوان في التأثير على الحوار الليبي الشامل؟
بعدما ظلت عاصمة استضافة منتدى الحوار الليبي حائرة بين عدة عواصم دولية أبرزها جنيف، اختارت البعثة الأممية للدعم في ليبيا مدينة جربة التونسية لاستضافة الحوار الليبي الشامل، بهدف تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة، وطي صفحة الحرب الليبية المستمرة منذ 2011.
نقلت وسائل إعلام دولية عن مصادر، أن
دوافع إقليمية ودولية منها انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات الأمريكية، والاتفاق
على المسار الدستوري وموعد الانتخابات، والمسار العسكري والضغط من أجل سحب الجيش
الوطني قواته من منطقة سرت والجفرة والهلال النفطي ومنابع الثروة في البلاد قادت
إلى نقل اجتماعات جنيف إلى تونس.
وقررت البعثة الأممية اقصاء المشاركين
في حوار "جربة" من الامتناع عن تولي أية مناصب
سياسية أو سيادية في أي ترتيب جديد للسلطة التنفيذية، وهو ما يراه المراقبون أن المشاركين لن يكونوا من أصحاب
القرار النافذ وإنما سيكتفون بإصدار توصيات قد تصطدم برفض القوى السياسية الفعلية،
وهو ما يعني الاتجاه إلى جولات أخرى من الحوار بما يطيل من عمر الأزمة المستفحلة
في البلاد منذ 9 سنوات.
ويتزامن الإعلان
عن اختيار تونس لاستئناف الحوار الليبي مع تقديم سفير تونس الجديد لدى ليبيا،
الأسعد العجيلي، أوراق اعتماده لرئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، وهو أول سفير
لتونس لدى ليبيا منذ غلق السفارة التونسية في طرابلس عام 2014.
من جانبه، أسمى المحلل السياسي التونسي،
محمد الهادي غابري، بشأن الحوار الليبي المزمع عقد مطلع شهر نوفمبر
المقبل في مدنية جربة التونسية بالمفاوضات المخنوقة في المنطقة المغدورة.
وأضاف غابري في تصريحات لــ"الرئيس نيوز": " يعلم الجميع
نسق المفاوضات السياسية المراثونية بين مختلف الفرقاء الليبيين، ويعلم الجميع هول
التدخل الخارجي الذي أحاط بهذه المفاوضات منذ بداياتها حتى بات كل مفاوض عبارة عن
سمساراً لجهة أو محور دولي ما مما عطل الكثير من المبادرات ووأد كل المساعي لإحلال
السلام في الشقيقة ليبيا".
وتابع: "ما يهمنا هو الحلقة الجديدة من المفاوضات تحت الإشراف الأمي
بداية من جنيف والمغرب ثم استقرار الأمر باجتماعات مباشرة في جربة تونس، فأغلب
القوى السياسية في تونس كانت تنادي باستمرار بأن تتكفل دول الجوار الليبي بلعب
الدور السياسي اللازم للتقريب بين كل الأطراف الليبية لحل الأزمة سلمياً وللمساعدة
على انبثاق حل ليبي ليبي درءاً لأي تدخل أو ضغط خارجي قد يفوت على ليبيا استقلال
قرارها الوطني أو حماية ثرواتها الوطنية أو أن تكون آمنة ومؤتمنة على اجوارها".
ويرى غابري أن "اختيار (جربة) ليس عشوائياً، بل هو مدروس بعناية حيث
لبى نسبياً طلب هذه القوى الوطنية، لكني اعتقد أن حركة النهضة الحاكمة في تونس
تريد أن يتم الحوار السياسي المباشر بين الأشقاء الليبيين تحت أنظارها وبقرب منها".
أهداف حركة النهضة
ويفسر المحلل السياسي التونسي الغرض من رغبة حركة النهضة بأنها "محاولة
للتحكم في وجهة بعض الاتفاقات بحضورها المباشر أو غير المباشر في الغرف الخلفية
لإنقاذ ما يمكن انقاذه من مشروع الإسلام السياسي في ليبيا. فقادة النهضة يدركون
جيداً أن إضعاف التيار الإخواني في ليبيا حتما سيؤثر في عمر مشروعهم في تونس بعد
تهاويه في مصر وسوريا والسودان وولادته المتعسرة في الجزائر، وتخبطه في تركيا".
واستكمل: "مشروع الاخوان في تونس هو الحلقة الوحيدة التي مازالت
قائمة وسليمة، وجميع قيادات الإخوان في الوطن العربي ينظرون بترقب لمصير هذا
التيار في تونس خاصة أمام بداية تغير المواقف الغربية من مشروع الإسلام السياسي
كواجهة سياسية عربية محاورة له، أضف إلى ذلك أن النهضة بصدد الاستثمار في أزمة
حقول النفط بالجنوب التونسي عبر اعتصام (الكامور) بتطاوين، والهدف من ذلك هو الإبقاء
على الجنوب التونسي كمنطقة أمنية رخوة ومأزومة يرتبط الفاعلون فيها في احتجاجاتها
ارتباط وثيقا بتركيا من ناحية وبالناشطين بالغرب الليبي".
وعلى ماسبق، اختتم المحلل السياسي التونسي حديثه بأن "هذه المفاوضات ستكون مخنوقة مجدداً بالتدخلات الخارجية لكن عبر قنوات الوكلاء عن الاعبين الأساسيين (روسيا ألمانيا ايطاليا فرنسا الولايات المتحدة انجلترا)، فاستمرار محاصرة المفاوضين يعني استمرار الأزمة في ليبيا وفي تونس واستمرار التهديد لمصر والجزائر. وستظل المنطقة برمتها مغدورة من طرف بعض أبنائها الذين تشدهم خدمة المشروع الخارجي أكثر من خدمة المشروع الوطني الداخلي".