الخط الأحمر لـ«بوتين».. هل يخاطر أردوغان بتحالفه مع روسيا بسبب «ناغورني قره باغ»
قال كريم هاس، محلل الشؤون الروسية والتركية في موسكو، لموقع صحيفة أحوال التركية، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وشك تجاوز الخط الأحمر الذي حدده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن نزاع ناغورني قره باغ، مشيرا إلى أن حسابات أردوغان تتجاهل أن تجاوز الخط الأحم في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان يختلف عن سوريا وليبيا.
وأضاف: "على الرغم من أن الخط الأحمر لم يتم تجاوزه بعد، فإن أردوغان يضرب فوق الأطراف العصبية لبوتين"، في إشارة إلى احتمال كبير بنفاد صبر موسكو حيال تصرفات الرئيس التركي.
وكان أندريه كورتونوف، المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسي، وهو مؤسسة فكرية تابعة لوزارة الخارجية الروسية، قال إن العلاقة بين أردوغان وبوتين أشبه بحقل ألغام، وقد يكون الرئيس التركي لديه النية في تجاوز الخط وإذا فعل فهو على وشك أن تطأ قدمه لغمًا بتورط أنقرة في ناغورني قره باغ.
تمكنت روسيا وتركيا من إقامة علاقة متبادلة المنفعة ولكنها محفوفة بمضاعفات الحرب الأهلية السورية والليبية، حيث يدعم الجانبان الطرفين المتعارضين، رغم أنهم شركاء ومنافسون استراتيجيون في نفس الوقت، حتى أنهم خصمان مباشران في بعض الحالات.
المحلل الروسي أكد أن ناغورني قره باغ لها أهمية خاصة بالنسبة لروسيا، فمحاولات تركيا بأن يكون لها دور كما هو الحال في ليبيا وسوريا، سيواجه برد روسي غير مسبوق، في ناغورني قره باغ، والتي تعد أرض سوفييتية سابقة تقع بالقرب من روسيا، ما يمكن أن يؤدي تصعيد تركيا غير مقصود، إلى تدمير دائم للشراكة الروسية التركية.
وقال هاس "لن يسمح بوتين بمزيد من التدخل التركي في ناغورني قره باغ التي تعرف بالفناء الخلفي لروسيا، فضلا على أن روسيا تتمتع بعلاقات جيدة مع كلا طرفي الصراع،لديها اتفاق دفاع مع أرمينيا، حليفتها التقليدية، وعززت مؤخرًا علاقات أكثر دفئًا مع أذربيجان.
على الجانب الآخر، لم تخف تركيا دعمها لأذربيجان، التى تربطها بها علاقات ثقافية وتاريخية واقتصادية طويلة الأمد، وقدمت أنقرة الدعم العسكري للحكومة الأذربيجانية للقتال الذي اندلع مع الانفصاليين الأرمن في 27 سبتمبر، وهو ما دفع أرمينيا وروسيا وفرنسا وإيران إلى اتهام تركيا بنشر مقاتلين سوريين في أذربيجان، كما عبرت وزارة الخارجية الروسية الأسبوع الماضي عن قلقها من انتشار المليشيات السورية والليبية في منطقة ناغورني قره باغ.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مراقب معارض، أكد أن نحو 900 من المرتزقة القادمين من سوريا تم نقلهم إلى أذربيجان بواسطة شركات أمنية تركية خاصة منذ بدء الاشتباكات، وهو ما أكده أعضاء من الجيش الوطني السوري، وهو مجموعة من ميليشيات المعارضة المدعومة من تركيا في شمال سوريا، لمجلة فورين بوليسي قائلين إن مثل هذه التصرفات حدثت حتى قبل القتال.
المحلل الروسي أوضح أن تركيا استخدمت المرتزقة الأجانب كوسيلة لممارسة نفوذها على عدة جبهات، مشيرا إلى أن بوتين يحتفظ بمشاعره الحقيقية من الاستياء من تدخل تركيا كجزء من استراتيجية لمعاقبة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان وحكومته التي تقاوم العودة إلى مجال النفوذ الروسي، حيث كان أحد وعود باشينيان السابقة للانتخابات عندما وصل إلى السلطة في أعقاب سلسلة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أطاحت بإدارة صديقة لموسكو هو تقليل اعتماد أرمينيا على روسيا.
قال هاس إن الرئيس الروسي يستخدم بنجاح رهاب أرمينيا من تركيا في مناورته لاستعادة السيطرة على البلاد، مضيفا أن تحرك أردوغان الأخير لاختبار أنظمة الصواريخ الروسية الصنع من طراز S-400 يجب أن يُنظر إليه على أنه محاولة لتهدئة العلاقات مع بوتين.
وبدأت تركيا الثلاثاء في نقل أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إلى أرض تدريب بالقرب من مقاطعة سينوب الغربية للاختبار، هو ما يراه المحلل الروسي بأن الكشف عن الصواريخ الروسية في سينوب يعتمد مرة أخرى على حسابات سياسية، وعلى الرغم من أنه لم يتم تفعيلها في الوقت الحالي، إلا أنه سيتم تفعيله عاجلاً أم آجلاً.
وكانت التوترات بين حلفاء الناتو تركيا والولايات المتحدة بشأن أنظمة الدفاع الجوي الروسية ووصلت إلى ذروتها في أبريل عندما أعلن أردوغان وحكومته عن خطط لتفعيلها، ومع ذلك، فقد تأخر التنشيط المكلف في المستقبل المنظور، حيث أشارت السلطات التركية إلى المشكلات الفنية ووباء فيروس كورونا.
كانت واشنطن هددت أنقرة بفرض عقوبات وعلقت تركيا من برنامج بناء وتشغيل الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة F-35 العام الماضي بعد أن اشترت تركيا أنظمة S-400، والتي تصر الولايات المتحدة على أنها غير متوافقة مع أنظمة الدفاع التابعة لحلف الناتو وتهدد قدرات التخفي بالمقاتلات الأمريكية.