د.منى الحديدي: اندثار الصحافة الورقية كلام غير دقيق.. ونحتاج لتطوير في المضمون
- تخفيض عدد أعضاء المجلس والهيئات قرار صائب.. والمهم هو تمثيل جميع الأجيال والتخصصات
- يجب تطوير مناهج الإعلام بما يتفق مع متغيرات العصر وليس بما يتفق مع احتياجات سوق العمل
- الجامعات الخاصة تهتم بكليات وأقسام الإعلام
لتحقيق ربح وتستنسخ نفس المواد من جامعة القاهرة وعين شمس.. وهذه مشكلة المجلس
الأعلى للجامعات وليست مشكلة الإعلام
حصلت الدكتورة مني الحديدي عضو المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام، وعضو لجنة الإعلام بالمجلس القومى للمرأة علي جائزة "المرأة العربية والمسؤولية المجتمعية" للعام الثانى على التوالى، وهي الجائزة الأولى في المسؤولية المجتمعية، على مستوى الوطن العربي، وتحت رعاية جامعة الدول العربية؛ لما حققته "الحديدي" من إنجازات وجهود في مجال الإعلام والتربية الخاصة، وإدخالها مادة البروتوكول والأخلاقيات كي تدرس لطلاب الجامعة، مما كان له بالغ الأثر على المستوى العربي والإفريقى والعالمي .
تعد الدكتورة منى الحديدي أحد أبرز الأكاديميين والمتخصصين، ولها الكثير من المؤلفات، بالإضافة إلى أن لديها خبرة سنوات طويلة.. "الرئيس نيوز" أجرى معها حوارا مطولا حول دور الأكاديميين في المجالس والهيئات الإعلامية، وتطوير المحتوى الدراسي في كليات وأقسام ومعاهد الإعلام، وتفاصيل أخرى كثيرة..
وإلى نص
الحوار:
في البداية .. ماذا عن دور الأكاديميين في
المجالس والهيئات الإعلامية وهل عددهم محدود أم مناسب؟
أولا عدد الأكاديميين ليس منخفض، وهناك تمثيل
من جميع المجالات سواء الأكاديميين أو المتخصصين والممارسين وأصحاب الخبرة
والشباب، فيوجد تمثيل المعايير المختلفة، وأعضاء المجلس والهيئات يضم ممثل لوزارة
الإتصالات وهذا من الأكاديميين، وبرغم تقليل أعداد الأعضاء في الدوره الجديدة، فإن هذا التمثيل يشمل جميع الأطراف المختلفة والمعنية ذات الصلة، وأرى بصفة خاصة أنه كلما كان العدد أقل، كانت المناقشات أكثر عمقا وأكبر مساحة للحوار حول جميع الأمور، أضيف إلى ذلك وهو أكثر ما يهمني في تشكيل مثل هذه الهيئات، وهو التمثيل
لكل الأجيال سواء الكبار أو جيل الوسط أو الشباب، إضافة إلى تواجد الأطراف
القانونية والتكنولوجية وجهات حماية المستهلك، وليس المطلوب أن يكون الجميع من
العاملين في المجال الإعلامي بشكل مباشر، وفي تقيمي الشخصي أنه في التخطيط ورسم
السياسات يجب الاعتماد على كل المجالات ولا يمكن الاعتماد على الأكاديمي والممارس
فقط.
خلال عمل المجلس الأعلى منذ إعلان تشكيله
الجديد.. هل حقق المرجو منه؟
المجلس الأعلى للإعلام يعمل فى إطار قانون
منظم واختصاصات، وخلال هذه الدوره يمكنني القول أن المجلس حقق المرجو منه في الكثير من
الملفات، ومن أبرز ما قام به تطوير الموقع الإلكتروني للمجلس وإعادة تشغيله بشكل
محترف وأكثر تواصل، ومن ضمن الأمور الإيجابية التي حققها المجلس، إيجاد تشابك
وتبادل حوار مع الهيئات الإعلامية، والإصرار على عدم العمل في جزر منعزلة، والدليل
على ذلك الأنشطة المشتركة التي أقيمت وانطلقت خلال هذه الدوره، ومنها ملف انتخابات
مجلس الشيوخ، وندوات الإعلام والأمن القومي، وأرى أن من أفضل ما حدث التكامل
والتعاون بين المجلس والهيئات، فهو أمر ضروري جدا، وشاهدنا مبادرات حقيقية مؤخرا
نتمنى أن تنعكس على السيايات والإدارة والمنتج.
وماذا عن حدود العلاقة بين حرية الإعلام
والحفاظ على الأمن القومي ؟
أهم ما في هذا الأمر أن يكون واضح لدي
القائمين على الشأن الإعلامي ما هو مفهوم الأمن القومي، وفي الحقيقة أرى أن كثيرا
من الكتاب والمذيعين لا يعرفوا معنى الأمن القومي، وبالتالي لا يوجد وعي جماهيري
بهذا المعنى، وستجد أن أغلبية الجمهور يردد جملة (هو كل حاجة نتكلم فيها تقولولنا
أمن قومي)، ولذلك على الإعلامي والصحفي أن يعرف أولا ما هو الأمن القومي لكي يقوم
بتوعية الجمهور، فالوعي المعرفي لدى العاملين في الصحافة والإعلام ينتقل إلى
الجمهور، وموضوع علاقة الإعلام بالأمن القومي أثير كثيرا منذ 3 سنوات، تمت
مناقشته بشكل موسع في الجمعية القانونية التي يرأسها الدكتور مفيد شهاب، وتقدمت
خلالها بورقة عمل تم الأخذ بها في الكثير من الأوقات والمناقشات.
وماذا عن محددات الأمن القومي الثابته
والمغيرة ؟
محددات الأمن القومي الثابته تتلخص في كل ما
يخص سلامة المجتمع، وما يرتبط بأخبار القوات المسلحة (الجيش) والسيادة الوطنية،
وفي الحديث عن الإعلام يجب ألا يتم نشر أي أخبار عن القوات المسلحة من غير مصدرها
الرسمي، وهناك أيضا بعض المعالجات الإعلامية التي تضر بالأمن القومي وهي المعالجات
التي تتسبب في تفرقة بين أبناء البلد الواحد والتفرقة العنصرية والتنمر بمجموعات
لأي سبب ما، وأعتقد أننا ناقشنا في الكثير من الإجتماعات والمؤتمرات كل ما يتعلق
بالإعلام والأمن القومي، وتم تبادل الآراء كثيرا حتى توصلنا إلى مواثيق الشرف
الإعلامية، ونبهنا على الاعتماد على المصادر الأصليه للمعلومات وعدم الأخذ نقلا عن.. لأن مبدأ (العنعنه) ينشر الشائعات، وأضيف إلى ذلك أيضا حسن اختيار توقيت عرض
الأفلام والمسلسلات لأنه أمر مهم جدا.
وكيف يتم ضبط البوصلة بين حرية الرأي والحفاظ
على الأمن القومي ؟
في رأيي الشخصي أنه يتم التناغم والتكامل بين
الاثنين، عندما يتم إصدار قانون حرية تداول المعلومات، لأننا أصبحنا في عصر
المعرفة، وعندما تغيب المعلومة ولا تتوفر من مصادرها الأصيلة تنتشر الشائعات
والأكاذيب، حتى فى حال عدم تحقق الموضوع بشكل كامل.. فمثلا في حال حدوث تفجير يجب أن
تعلم الجهات المسؤولة بأسرع وقت حتى لو لم تتوفر المعلومات الكاملة، ويتم الإعلان
أن المعلومات لم تكتمل، لأن التأخر في إعلان الخبر يفتح المجال لانتشار الشائعات
ونشر التفاصيل الكاذبة الغير صحيحة، وبالتالي يصبح المواطن ضحيه بين غياب المعلومة
وانتشار الشائعة، خاصة في الموضوعات الجوهرية التي تهم المجتمع بكافة فئاته.
ماذا عن مواثيق الشرف والأكواد الإعلامية ؟
في الحقيقة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في
هذه الدوره لم يصدر أي أكواد وبعضها موجود من قبل وليست نتاج هذه الدورة، حتى
ميثاق الشرف عندما أصدرناه منذ عامين لم يكن من تأليفنا ولا اختراعنا، ولكن قمنا
بمراجعة المواثيق الموجودة في العالم ومنها روسيا وانجلترا وفرنسا وجنوب إفريقيا
ودول أخرى، وهناك أمور دولية ثابتة تسري على كل الدول وأمور أخرى تستلزمها طبيعة
كل دولة وخصوصيتها.
هل هناك تضارب بين عودة وزارة الدولة للإعلام
وبين المجلس الأعلى والهيئات ؟
لا أعتقد هناك تضارب، لأنه منذ انشاء وزارة
الدولة تم الإعلان عن اختصاصاتها، وهي اختصاصات لا تتضارب على الإطلاق مع دوائر
المجلس الأعلى أو الهيئات فكل دائرة تعرف اختصاصاتها جيدا، والأزمة أن البعض يظن
أن وزارة الإعلام عادت وهذا أمر خاطئ، الوزارة لم تعود ولكن تم استحداث وزارة
الدولة، وهناك فرق كبير بين الاثنين.
لماذا لم يعد خريجي الإعلام يجدوا عملا في
مجال دراستهم ؟
لست مع هذا الرأي، وهناك الكثير من العاملين
في المجال الإعلامي ليسوا خريجين إعلام ولكنهم حققوا نجاحات، ولكن عندما ترجع
لأسماء أهم الإعلاميين وأبرز الكتاب حاليا وحتى رؤساء تحرير أغلب الصحف ستجد أنهم
خريجي إعلام، وأرى أن الإعلام يتطلب دراسات بينيه ودارس الإعلام فقط ليس متخصص في
كافة المجالات التي يمكن أن يناقشها ويطرحها الإعلام، ولا يمكن أن نقول أن خريجي
الإعلام يتعرضوا لظلم فالناجحين منهم يجدوا فرصهم، ويجب ألا ننظر لكلمة الإعلام
والإتصال على أن المقصود بها المذيع والصحفي فقط، الإعلام والإتصال أصبح أمر أساسي
ومطلوب في كافة المجالات والوزارات والهيئات.
ولكن عدد خريجي الإعلام أصبح كبيرا جدا كل
عام في حين أن السوق نفسه أصبح منحصر .. ما تعليقك ؟
هذا الأمر ليس مشكلة الإعلام ولكنه مشكلة
المجلس الأعلى للجامعات، الذي يوافق على كليات ومعاهد إعلام جديدة كل عام في كل حي
وكل محافظة وكل جامعة، حتى أن الجامعات الخاصة أصبحت كثيرة جدا وتدرس الإعلام من
أجل تحقيق مكاسب مادية وأرباح كبيرة لأن الإعلام جاذب للطلبة، وهنا يمكن أن أقول
أن قريبا جدا سيتم فتح حوار بين المجلس الأعلى للإعلام ولجنة الدراسات الإعلامية
بالمجلس الأعلى للجامعات، من أجل مناقشة هذا الأمر، ويجب أن يتم وقف اصدار تراخيص
لكليات ومعاهد إعلام في المرحلة المقبلة، خاصة أنه للأسف جميع المناهج متشابهه
ويتم نقلها (كوبي) من جامعة القاهرة وعين شمس.
وماذا عن تطوير المحتوى الدراسي وربطه
بمتطلبات سوق العمل الإعلامي ؟
هذا الأمر يحدث بشكل دوري طبقا لقوانين
الجودة والإعتماد، ويتم تطوير المحتوى والخطط الدراسية أسوة بما يجري في العالم
كله، لأننا يجب أن نساير متغيرات العصر، وأرى أن هناك حاجة ملحة لمراجعة أنظمة
التعليم والبرامج التعليمية سواء النظرية أو العملية فى كليات وأقسام ومعاهد الإعلام،
ليس بما يتفق مع احتياجات سوق العمل، ولكن بما يتفق مع متغيرات العصر.
مؤخرا حدث جدل كبير حول اندثار الصحافة
الورقية.. ما تعقيبك ؟
أتصور أن كل وسائل الإعلام التقليدية (راديو تليفزيون وصحافة) ستبقى في حدود، والورقي أصبح ملزما عليه إصدار موقع الكتروني، لكي
يرتبط بالجمهور الجديد والشباب، ولكن يجب أن يكون هناك تطوير فى مضمون الصحافة
الورقية وليس الوسيلة، بمعني أنه لا يصح أن يتم نقل الجرنال كما هو، فالإعلام
الإلكتروني يحتاج إيجاز وتوجه مباشر للموضوع، يتناسب مع لغة التكنولوجيا، وأرى أن
الصحافة الورقية يجب أن تتحول إلى التابلويت الصغيرة، أسهل وأوفر وأكثر جذبا،
ومستوى الطباعة مهم جدا، وستجد أن الأجيال من 2000 علاقتهم بالإعلام التقليدي تكاد
تكون معدومة، أما من قبل ذلك مستمرين في المتابعة والاهتمام، ولذلك أرى أن
اندثار الصحافة الورقية لن يحدث قبل أجيال قادمة، ولكن مطلوب تطوير كبير أيضا بها.