«انعدام الثقة» بين معسكر الشرعية يؤجل آمال تسوية الأزمة في اليمن
كشفت مصادر سياسية يمنية عن إحراز تقدم بطيء في المشاورات الهادفة إلى تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، وفقًا لاتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر الماضي، موضحة أن رئيس الوزراء اليمني المكلف معين عبدالملك سعيد قد يكمل قائمة الوزراء في الحكومة الجديدة المكونة من 24 حقيبة وزارية مقسمة بالتساوي بين الشمال والجنوب بحلول منتصف أكتوبر الجاري قبل عرضها على الرئيس عبد ربه منصور هادي.
المصادر أوضحت لصحيفة
The Weekly Weekly الأمريكية وجود عدة عقبات من المتوقع أن تعرقل استكمال تنفيذ أجندة
الاتفاق، وعلى رأسها انعدام الثقة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي فيما
يتعلق بالمسائل العسكرية والأمنية، والتي تشمل انسحاب قوات المجلس الانتقالي من
المرحلة الانتقالية، خاصة في العاصمة عدن وانسحاب القوات الحكومية من محافظة أبين
التي لا تزال تشهد اشتباكات متفرقة بين المعسكرين.
وتطالب الرئاسة
اليمنية بتنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض قبل إعلان
الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها وفق تطبيق التكافؤ بين شمال وجنوب اليمن، ومراعاة
المحاصصة الحزبية بين المكونات والقوى المناوئة لميليشيات الحوثي. .
أكد الصحفي
اليمني أكرم الفهد في تصريح لصحيفة جلوبال نيوز الكندية، حول آخر المستجدات في
تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض، أن
الأحزاب السياسية اليمنية والتحالف العربي توصلوا إلى اتفاق ضمني على وضع حد زمني
لاستكمال بند جدول الأعمال المتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة وإنهاء الخلافات
المحيطة بها خلال أسبوعين بالتزامن مع استكمال المرحلة الأولى من المكون العسكري
والأمني للاتفاق.
وأشار فهد إلى أن
القوى السياسية ما زالت مترددة في الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة في ظل الواقع
على الأرض الذي لا يوفر سياقًا مناسبًا لإنجاح بنود الاتفاقية، بالإضافة إلى أن
بعض القوى غير راغبة في ذلك، متخوفة من العمل مع شريك جديد يمتلك نفوذًا ونفوذًا
سياسيًا وعسكريًا مثل المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأشار إلى أن
أحزابًا مثل المؤتمر الشعبي العام وحزب الرشاد السلفي قررت المشاركة في الحكومة
الجديدة وقدمت أسماء ممثليها، لكن الأحزاب الأخرى ما زالت مترددة في تقديم قوائم
مرشحيها لأسباب مختلفة، فالحزب الناصري، على سبيل المثال، يعترض على طرح حقيبة
وزارية واحدة فقط من حصة الشمال، وهو ما لا يتناسب مع الخطاب السياسي والأيديولوجي
للحزب القومي وطموحاته.
وأوضح فهد أن
المعضلة الرئيسية لتطبيق اتفاق الرياض تكمن في وجود انعدام واضح للثقة بين الأطراف
اليمنية، حيث يطالب كل طرف من منافسيه البدء بتنفيذ التزاماتهم أولاً، علاوة على
ذلك، يبدو أن التفسيرات المتعلقة بالاتفاقية متباينة بشكل كبير، مما يفسر إصرار
جميع الأطراف الموقعة على اتفاق الرياض في تصريحاتهم السياسية على أنهم فعلوا ما
هو مطلوب منهم بموجب الاتفاقية وأن هذا أو ذاك الطرف الذي يعيق تنفيذ الاتفاقية.
ويرى فهد أن
الجمود في معسكر الحكومة اليمنية يتزامن مع تنامي وتيرة الجهود السياسية الأممية
والدولية لإغلاق ملف الأزمة اليمنية في ظل المحادثات المستمرة حول سلام وشيك في
اليمن. تضع مثل هذه الظروف تحديات صعبة أمام معسكر الشرعية، مما يتطلب منه إنهاء
صراعاته الداخلية وبدء مرحلة جديدة حيث يواجه هذه التحديات ككتلة واحدة متماسكة.
وأعطت القوى الدولية المنخرطة في الملف اليمني معسكر الشرعية مهلة من أجل إعادة
وضعها بشكل أفضل في خريطة القوات على الأرض، حتى يتمكن من انتزاع مزايا أفضل في
حال حدوث ذلك. يتفق المجتمع الدولي على صيغة للسلام في اليمن.
ويتوقع أن تشهد
الفترة المقبلة ضغوطاً متزايدة على جميع الجهات الفاعلة في اليمن لقبول رؤية لحل
شامل في البلاد اقترحه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وهذه الرؤية سيتم
تمريرها من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع استكمال الانتخابات الرئاسية
الأمريكية المقبلة. لا تزال الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في الملف اليمني،
حيث تستند مبادرة جريفيث إلى رؤية صاغها وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري.
وفي السياق ذاته،
يشير الباحث السياسي اليمني سعيد بكران إلى أن هناك العديد من الدلائل التي تشير
إلى أن الاتفاق على آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض قد دخل نفسه مرحلة من الركود.