كيف تتحرك إيران لاستعادة العلاقات العسكرية مع أوربا؟
علا سعدي
قال المهدي بختياري، الخبير العسكري الإيراني، لـ “المونيتور”: “لقد تعاونت إيران وأوروبا مع الجيش في الماضي، لكن هذا توقف أساسا تحت ضغط أمريكي، وكنا اتفقنا لبناء السفن، ووقعنا اتفاق لاستيراد المحركات من ألمانيا، ولكن امتنعوا عن تصدير المحركات، والعقبة الحالية أمام التعاون العسكري بين إيران وأوروبا هي قرارات مجلس الأمن الدولي، بينما ترحب ايران دائما بتوسيع التعاون العسكري مع أوروبا “.
ومع ذلك، يبدو تحقيق هذا الهدف صعبا للغاية، خاصة بالنظر إلى الضغوط المتزايدة التي تواجهها أوروبا على إيران بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية، وأعرب العديد من القادة الأوروبيين عن قلقهم ودعوا إلى إجراء مفاوضات بشأن هذه القضية، في حين أكدت طهران باستمرار أن برنامجها للصواريخ ليس إلا لأغراض دفاعية ولا يمكن التفاوض عليه .
وفي هذا السياق، قال بختياري لـ “المونيتور”: “على الرغم من أن النقاش حول الصواريخ انضم إلى التحديات القائمة بالفعل، إلا أن وجود سفينة حربية إيطالية في إيران كان علامة إيجابية، وسيتم إرسال سفينة بحرية من إيران إلى إيطاليا وإسبانيا، ما يجعل السفن الإيرانية تسافر إلى إسبانيا عبر البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بجانب الفرقاطات القادمة والذاهبة إلي بلدان مختلفة، وكل هذه دليل علي العلاقات العسكرية والبحرية الجيدة مع الدول”.
وأضافت الصحيفة أن إيران تدرك أن الدخول في تعاون عسكري مع القوي الأوروبية الرائدة ليس ممكنا في هذه المرحلة، وعلي هذا النحو سعت لدول اوروبية متوسطة المستوي مثل إيطاليا وإسبانيا اللتان تبنتا مواقف سياسية قليلة تجاه إيران خلال الحقبة التي فرضت فيها عقوبات علي البرنامج النووي الإيراني، وأيضا فرضت عقوبات علي التعاون مع طهران.
احتفظت إيران بعلاقتها الاقتصادية والسياسية مع أوروبا بعد الثورة الإسلامية في عام 1979 ولكن لم يكن هناك تعاون عسكري، ووقعت خطة عمل مشترك في عام 2015 لخلق البيئة لتشجيع طهران علي التعاون العسكري مع نظرائها الاوروبيين.
وبحسب صحيفة المونيتور الأمريكية، أن أوروبا فرضت حظر علي توريد الأسلحة إلي إيران عندما بدأت الحرب الإيرانية العراقية في عام 1980، لذلك لم يكن هناك تعاون عسكري بين طهران وبروكسل خلال العقود الماضية.
وأشارت الصحيفة إلي بعض المشاركات النادرة بين إيران وأوروبا في المجال العسكري، ومن بينها شراء الشرطة الإيرانية 800 بندقية من طراز “5050” من النمسا بقيمة 8 ملايين جنية استرليني في عام 2005، وحصلت إيران علي البنادق مقابل اتفاق مساعدة إيران علي منع تهريب المخدرات من افغانستان المجاورة لها، وكان في ذلك الوقت الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي وكانت تتمتع إيران بعلاقة جيدة مع أوروبا، ولكن الولايات المتحدة رفضت هذه الشراكة، وأظهرت ردا قاسيا وهددت بفرض عقوبات على الشركات التي باعت أي شكل من أشكال المعدات العسكرية لإيران.
وعندما أصبح محمود أحمدي نجاد رئيسا في عام 2005، لم يكن هناك تعاون عسكري أو سياسي مع أوروبا فحسب، بل توقفت أيضا جميع العلاقات الاقتصادية مع الغرب، وبعد أن تولي الرئيس حسن روحاني مهام منصبه في عام 2013، سعت إدارته إلى تغيير هذا المسار من خلال الوعد بحل القضية النووية، التي تحولت إلى قضية أمنية، وسمح توقيع خطة العمل الشاملة لإيران بأن تقدم نفسها حامي للأمن في المنطقة من خلال السعي إلى توسيع علاقاتها مع جميع بلدان العالم، وخاصة أوروبا وركزت علي اقامة علاقات مع ايطاليا.
وفي سبتمبر 2016، التقى وفد عسكري إيطالي رفيع المستوى مع قائد البحرية الإيرانية خلفي هابيبول سياري لمناقشة تطور العلاقات، وفي وقت لاحق من الشهر قامت الفرقاطة البحرية الإيطالية باليورو في ميناء بندر عباس الإيراني الجنوبي بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وجرت مناورات فى مضيق هرمز الاستراتيجى فى 27 سبتمبر من ذلك العام.
وبعد أسابيع فقط، في 17 أكتوبر حضر قائد البحرية الإيرانية خلفي هابيبول سياري الندوة الإقليمية الحادية عشرة لبندقية فينيسيا البحرية لبحيرات البحر المتوسط والبحر الأسود في إيطاليا، وحضر القائد الايرانى الاجتماع كضيف خاص تلبية لدعوة رسمية من مسئولى البحرية الايطالية، وتعد زيارته اول زيارة يقوم بها قائد عسكرى ايرانى الى دولة اوروبية منذ عام 1979، وبعد الاجتماع فى 18 اكتوبر اجتمع السيارى مع عدد من مسئولى البحرية الاجنبية من اسبانيا والبرتغال واليونان وبلغاريا وكرواتيا على هامش الندوة لمناقشة التعاون العسكرى.
وتعليقا على اجتماعاته في إيطاليا ، قال السياري: “كانت المحادثات في هذه الندوة علي مستوي عالمي، وناقشنا سبل تحقيق الأمن في المياه الدولية، وعقدنا أيضا اجتماعات رسمية مع قادة البحرية في سبعة بلدان، وأعرب العديد من هذه البلدان عن اهتمامها بتوسيع العلاقات مع إيران من حيث الحفاظ على المعدات واستعادتها وتطويرها، وكذلك في تنظيم تدريبات مشتركة، وتبادلنا خبراتنا في المنطقة خلال الحرب مع العراق “.