محمد فؤاد يكتب: مع الناس
كانت اشكاليتي خلال الفترة الماضية التي استعرضتها في المقال السابق "أكون أو لا أكون"، مسيطرة على تفكيري لفترة طويلة، وعانيت كثيرا لأجد لنفسي مخرجا منها والمفاضلة بين الاكتفاء بما قدمت خلال الدورة الماضية وخوض التجربة مرة أخرى، حتى اهتديت أخيرا إلى الحل وهو أنني سوف أكون بوجود الناس.
وهذا الأمر ليس استعطافا لمشاعر المواطنين، فهذا ليس من طبعي والكل يعلم ذلك كما أنني لست في حاجة إلى ذلك، لكنه تلبية لرغبة داخلية استقرت وتكونت بخدمة المواطن وتمثيله وحرصا على بصيص أمل في الحياة السياسية، ونية صادقة في فرض تجربة مختلفة.
ففي النهاية، غلبتني فضيلة العمل العام عن المصالح الشخصية وقررت أن اترشح لدورة برلمانية قادمة ممثلا عن أهالي العمرانية والطالبية، وحاملا على عاتقي مسئولية كبيرة آمل أن أكون كفء لها وعلى قدرها، من ضمنها قائمة أولوليات تشريعية واقتصادية.
ولأنني عانيت الأمرين جراء كوني نائب مستقل، وجراء عدة اتصالات من حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، قررت الانضمام إليه حتى أكون محاطا بإطار حزبي يساعدني على تطوير تجربتي البرلمانية، من ناحية ومن أخرى يخفف العبء عن كاهلي بمقدار مقبول.
وبالتوافق مع الحزب تم الاستقرار على طرح سياسي مشترك لنا تحت القبة -إن وفقني الله-، يحمل في غالبية بنوده قضايا اجتماعية لم تساعد الظروف البرلمان الحالي على حلها، وأبرزها الأحوال الشخصية والمعينين على الصناديق الخاصة وتعديل قانون التصالح في مخالفات البناء وأيضا قانون المحليات.
وكان هذا الأمر ضروريا للتوافق على الانضمام إلى الحزب وخوض الانتخابات القادمة ممثلا عنه.
أعلم أن هناك عدم تطابق أيديولوچي تام مع الحزب الذي يقبع في اليسار الوسط، وأنني أنتمي لليمين الوسط إلى حد ما في مسائل الاقتصاد تحديدا، وكان هذا الأمر مسار مناقشة بيني وبين رئيس الحزب قبل انضمامي للحزب، لكن بما أن غالبية القضايا التي تم الاتفاق على الخوض المشترك فيها أغلبها اجتماعية ولا يوجد اختلاف عليه بين الأيدلوجيات الحزبية، فلن يمثل الأمر موضع خلاف مستقبلي أو تغيير في المواقف.
وبما أن دائرة العمرانية والطالبية لها مقعدين في مجلس النواب، ونزول المهندس إيهاب منصور، ضمن القائمة الوطنية، فقد توافقت مع السياسي المخضرم علاء شلتوت، على خوض الانتخابات معا ودعم أحدنا الآخر.
لا خلاف أنه ليس في الطبيعي أن يتم إعلان التحالفات أو الحرص عليها خاصة مع طبيعة الدائرة والمقاعد المخصصة لها، لكن بما أن هدفي مؤسسي وليس شهوة مقعد، فقد أعلنت التحالف مع شلتوت رغم الاستغراب الشديد من ذلك من قبل البعض والدعوة إلى النزول فردي مستقل دون تحالفات، ولكني فضلت أن أكون متواجد في فريق عمل ومنظومة تساعد على إنجاح التجربة وتقديم أكبر فائدة ممكنة للدائرة وذلك بتفضيل مصلحة أهاليها عن المصالح الشخصية و التخلص من شبكة المصالح التي لم تخدم سوي مصالحها.
لست أهدف إلى النجاح لمجرد النجاح ذاته، بدليل أنني أصعب المعركة على نفسي وأحاول تغيير قواعد المنافسة بشكل قد يمثل مسار استغراب شديد للبعض، فكان يمكن تحالفي مع أحد المرشحين الآخرين الذي يمثل الحزب الأكبر ورغمه بحثه عن هذا الأمر إلا أنني رفضت وأبعدت المصالح الانتخابية الضيقة عن اختياري للمرشح الذي سوف اتحالف معه، بجانب حرصي على تغليف التجربة بإطار حزبي لخدمة قضايا قومية واجتماعية.
أعتقد أنه لا يزال هناك أمل أن تتغلب الأحلام في قواعد محترمة وتطلعات مشروعة على المصالح وشبكتها المعقدة والباحثين عن حماية مصالحهم واستكمال مسيرة المخالفات، ولا زلت أراهن كما راهنت دائما على المصارحة والمكاشفة.
وللحديث بقية..