الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الملاذات الآمنة لقيادات الإخوان حال تقاربت تركيا مع مصر.. خبراء يجيبون

الرئيس نيوز

ضربات متلاحقة يتعرض لها تنظيم الإخوان الإرهابي، إلى الدرجة التي لا يكاد يلتقط فيها التنظيم أنفاسه من الضربة الأولى، حتى تأتيه الثانية من حيث لا يدري، فبعد أقل من شهر على نجاح أجهزة الأمن في توقيف القائم بأعمال المرشد، محمود عزت، في ضاحية التجمع الخامس مختبئًا في أحد الفيلات هناك، يتصاعد الحديث في الوقت الحالي عن مخاوف تخييم على التنظيم الدولي من مساعي تركيا التقارب مع مصر بعد نحو 7 سنوات من القطعية بينهما؛ على خلفية عداء أنقرة لثورة المصريين في 30 يونيو 2013 التي أنهت حكم الإخوان لمصر.
 
القلق الإخواني من مساعي تركيا التقارب مع مصر، يترجم حاليًا في بدء عناصر إخوانية في حزم أمتعتها من أنقرة، خوفًا من قيام أردوغان تسليمهم إلى القاهرة، كجزء من محاولة إرضاء مصر بعد سنوات من العداء والقطيعة، خاصة أن تلك العناصر متورطة في جرائم إرهاب وعنف، وصدر في حق بعضهم أحكامًا بالسجن، وكان نظام أردوغان يرفض تسليمهم.

تسليم عبدالحفيظ 
لأردوغان سابقة قريبة في تسليم عناصر إرهابية تتخذ من تركيا ملاذًا آمنًا، ففي خطوة مفاجئة قررت السلطات التركية في فبراير 2019، تسليم عنصر إخواني يدعى محمد عبد الحفيظ، وهو أحد المتورطين في قضية اغتيال النائب العام  هشام بركات، وعلى الرغم من محاولة مستشار أردوغان، ياسين أقطاي تهدئة عناصر الإخوان بعد خطوة التسليم، فقد أكد أن بلاده لم ولن تسلم إلى مصر أي شخص يواجه الإعدام أو أي عقوبة أخرى، إلا أن صحيفة "مللي غازيته" التركية كشفت عن أن عبدالحفيظ وصل إلى مطار إسطنبول في 16 يناير وتم ترحيله بعد فترة إلى مصر رغم تقدمه بطلب لجوء سياسي إلى تركيا، ما يعني أن التسليم كان طوعيًا من قبل تركيا، وربما أرادت بذلك مغازلة مصر. 

ويستضيف أردوغان عددًا كبيراً من أعضاء تنظيم الإخوان منذ الإطاحة بحكم محمد مرسي العام 2013، وقد توترت العلاقات بين البلدين بسبب ذلك، ووصل الأمر بينهما إلى حد طرد القاهرة السفير التركي، وسحب السفير المصري من تركيا، فيما دأب أردوغان ونظامه على التدخل في الشؤون المصرية الداخلية والتعليق السلبي على أحكام القضاء ضد العناصر الإرهابية، كما سمح لقيادات الإخوان تدشين فضائيات تبث من أنقرة وإسطنبول للتحريض على الدولة المصرية والتشكيك في قراراتها. 

 قلق إخواني
الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، قال لـ"الرئيس نيوز": "تركيا تمتاز سياساتها الخارجية بالدهاء والمكر والجانب المصري يدرك ذلك جيدًا"، موضحًا أن أردوغان لم يُقبل على خطوة إعلان رغبة نظامه الحوار مع مصر، إلا بعد إدراكه مدى خطأ سياساته المعادية للقاهرة، ومدى العزلة الدولية والإقليمية التي بات عليها".

أضاف منير: "إذا ما وافقت القاهرة على الحوار والتقارب مجددًا، فمن المؤكد أنه سيكون وفق شروط ستضعها مصر، ومن بين هذه الشروط تسليم تركيا جميع المتهمين في قضايا عنف وإرهاب، وإغلاق القنوات الإخوانية، التي تُبث من أنقرة وإسطنبول؛ لإثارة القلق والفوضى. والجانب المصري لن يقبل بأقل من ذلك، ونظام أردوغان ليس لديه مانع في ذلك أيضًا، خاصة أنه قام بتلك الخطوة من قبل وسلم أحد العناصر الإرهابية المتورطة في اغتيال النائب العام هشام بركات، وهو المدعو محمد عبد الحفيظ".

لفت الباحث إلى أن تنظيم الإخوان يستشعر القلق ويتوقع غدر أردوغان؛ لأن جميع خطواته وتحركاته يحكمها تحقيق أهدافه في المنطقة حتى لو تخلى عن حلفائه، لذلك بدأ بعض العناصر الإخوانية، تجهيز أمتعتهم، تمهيدًا للخروج من تركيا، لكن إذا ما تم التوافق بين تركيا ومصر، فمن المؤكد أن أردوغان سيسلم جميع العناصر الإخوانية التي تتواجد على الأراضي التركية، ومتهمة في قضايا عنف وإرهاب.

وعن الملاذات الأمنة التي ربما يلجأ إليها الإخوان، قال منير: "قبلتهم الأولى ستكون لندن، فهي العاصمة الأوروبية الأكبر التي تحتضن قيادات منتمية لتيار الإسلام السياسي؛ لأن قوانين تلك الدولة تسمح بذلك، ولطالما لجأت عناصر من تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية إلى بريطنيا للعيش فيها هربًا من ملاحقات الإنتربول، كما أن قيادات إخوانية مثل إبراهيم منير يقيم حاليًا في لندن وبعض جلسات التنظيم الدولي للإخوان تعقد هناك". تابع: "من الممكن أن يلجأوا أيضًا إلى قطر وماليزيا، والسودان".

مناورة تركية 
الباحث في شؤون الحركات الأصولية، مصطفى أمين، قال لـ"الرئيس نيوز": "رُغم الرسائل الإيجابية التي تأتي من تركيا بشأن الحوار مع مصر، إلا أن الجزم بإتمام مصالحة، وعودة للعلاقات على ما كانت عليه أمر صعب التنبؤ به، على الرغم من أن الشيء الثابت الوحيد في أمور السياسة هو أنها متغيرة، وتسمح بتلاقي الأضداد، لكن بقراءة الملفات الشائكة التي تشترك فيها مصر وتركيا تجعل الأمر معقدًا بين الدولتين خلال الوقت الحالي".

رجح أمين احتمالية التهدئة وليس المصالحة بين الدولتين إذا ما قبلت القاهرة الحوار مع تركيا، وقال: "إذا عقد حوار، ربما تشهد العلاقة بين الدولتين تهدئة يعقبها في مرحلة أخرى حلحلة للأزمة، تبدأ باتصالات هاتفية بين وزراء الخارجية، تمهد للقاءات ربما تكون أكبر". 

وعن تقييم مصر لتلك المساعي التركية، يقول أمين: "مصر أكدت أن تركيا لم تعط أي مقدمات كافية لعمل حوار"، ولفت إلى أن الجانب المصري يدرك أن تركيا ليس لديها ما تساوم القاهرة عليه، حتى ملف إيواء العناصر الإخوانية، واستمرار بث فضائياتهم من هناك، برر أمين ذلك بالقول: "منذ 7 سنوات وتلك العناصر تبث سمومها من تركيا، ورغم ذلك لم تتمكن من إحداث شيء يذكر في مصر، ولنا في فشل دعوتهم للتظاهر أمس 20 سبتمبر مثال على ذلك".

وأضاف: "لعب تركيا بورقة الإخوان لم تعد يجدي مع مصر، فالتنظيم الإرهابي فقد التعاطف الشعبي معه، بعدما انكشف وجههم القبيح، وبالتالي لم يعودوا يمتلكون أي تاثير على الشارع، لذلك تدرك أنقرة أن مساومة القاهرة بهذه الورقة لم تعد صالحة". ولفت إلى أن تسليم أنقرة لتلك العناصر الإخوانية، وغلق الفضائيات كلها أمور تعد من وجهة نظر الجانب المصري تحصيل حاصل ستعمل تركيا على تنفيذه بمجرد حدوث حوار أو تقارب، حتى ولو كان غير ملموسٍ مع مصر، أما الملفات الأخرى المتمثلة في احتلال أنقرة لشمال وشمال شرق سوريا، وانتهاك سيادة العراق، والأدوار المشبوهة في ليبيا، سكتون محور الحديث بين تركيا ومصر. 

وعن ملاذات الإخوان الآمنة، إذا ما حدث التقارب أو التهدئة بين مصر وتركيا، قال أمين: "ربم تكون وجهتهم ماليزيا أو جنوب أفريقيا أو جيبوتى أو اليمن أو بريطانيا"، واختتم حديثه بالقول: "الملاذات كثيرة.. لكن الأزمة ستكون كيف سيمارس التنظيم الإرهابي نشاطه".