احتماليات المواجهة بين فرنسا وتركيا في شرق المتوسط
تم الدفع بالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون فرنسا إلى دور قيادي، من خلال اتخاذ قرار بدعم المصالح اليونانية والقبرصية في البحر الأبيض المتوسط، معلقًا على خريطة البحر الأبيض المتوسط والصراعات ذات الصلة به وتطرق إلى الاشتباكات من سوريا إلى ليبيا، والخلافات حول الطاقة، وعملية السلام التي لا تنتهي، والموقف في لبنان والضغوط الديموجرافية المكثفة.
الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة له هو أن التطورات الجديدة تؤدي إلى تفاقم الوضع الحالي، وتشمل هذه تراجع الولايات المتحدة واللامبالاة الأوروبية العامة؛ لكن هناك أيضًا عودة ظهور قوتين عظميين، هما روسيا وتركيا، وكلاهما محمل بأعباء تاريخية كبيرة.
وقالت مجلة The National Interest الأمريكية: "في تركيا، يرى ماكرون قوة تعديلية خطيرة مشبعة بنوع من الخيال فيما يتعلق بتاريخها الماضي كموطن للإمبراطورية العثمانية.. كما أنه زاد من الضغط في قمة كورسيكا، الأسبوع الماضي، من خلال تشجيع الأوروبيين على الوقوف بحزم ضد مطامع أنقرة"، لأن أنقرة نشرت أسطولًا من السفن البحرية التي ترافق سفن الأبحاث الزلزالية في سعيها للحصول على موارد الهيدروكربونات وبسط النفوذ والتأثير في شرق البحر المتوسط.
وعبرت السفن التركية إلى المناطق الاقتصادية الخالصة (EEZ) لكل من اليونان وقبرص متحدية سيادة الدولتين. وأوضح الأتراك أنهم على استعداد لاستخدام القوة إذا لزم الأمر أثناء تنفيذ هذه المهام.
ولا تملك اليونان وقبرص الوسائل العسكرية اللازمة لوقف الأتراك وهنا اكتسب دور ماكرون أهمية كبيرة، بسبب قلقه من التحديات التي تواجه سيادة عضوين في الاتحاد الأوروبي، إذ نشر ماكرون أصول البحرية الفرنسية الكبيرة لدعم البلدين، موضحًا أنه يضع خطاً أحمر يهدف إلى ردع أنقرة، وقال موجها اللوم لأردوغان "الأتراك لا يحترمون سوى الأفعال وليس الأقوال".
سارع أردوغان إلى الرد باتهام الرئيس الفرنسي وآخرين بالجشع وعدم الانتباه إلى العواقب الوخيمة للاستيلاء على الأتراك، حيث يكمن جوهر النزاع في قرار تركيا التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية في المياه التي تعتبر ضمن المناطق الاقتصادية الخالصة اليونانية والقبرصية، وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة الاقتصادية الخالصة تسمية قانونية، جنبًا إلى جنب مع مفاهيم الجرف القاري والحدود الإقليمية، المتفق عليها من قبل الموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 أو اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وفقًا لذلك، يمكن للدول الساحلية المطالبة بمساحة تصل إلى 200 ميل باعتبارها المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بها حيث يكون لها الحق في استغلال الموارد الموجودة.
تكمن المشكلة في أن البحر الأبيض المتوسط هو بحر شبه مغلق حيث تصطدم المناطق الاقتصادية الخالصة للدول بعضها ببعض، رغم أن تركيا ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فقد قررت تفسير أحكامها بشكل مختلف، فإنها لا تعترف بحقيقة أن للجزر أيضًا الحق في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وبالتالي تتحدى الكثير من تصنيفات المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان وقبرص.