الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

خبير اقتصادى: «مشاريع السيسي» قاسية على المواطن وضرورية للوطن (حوار)

الرئيس نيوز

كتبت: جميلة على قال الدكتور عبد النبي عبد المطلب، خبير اقتصادي، إن تقييم مشروعات الرئيس عبدالفتاح السيسي، يحتاج إلى وقت. وأضاف في حوار لـ«موقع الرئيس»، أن الفترة الرئاسية الأولى بها العديد من القرارات السلبية والقليل من الإيجابيات للمواطن البسيط، لكنها حملت الكثير جدا من الإيجابيات والقليل من السلبيات على مستوى الوطن. وإلى نص الحوار:
المشروعات أو الاستثمارات التي مولتها الدولة، وأدارتها، مثل قناة السويس الجديدة، وشبكة الطرق، وتجديد الترسانة البحرية، والبدء في عمل أنفاق لتوصيل مياه النيل لسيناء، والمزارع السمكية، والبدء في استصلاح وزراعة ما يزيد عن مليون ونصف فدان، هي مشروعات جيدة، ومهمة جدا للاقتصاد المصري، ولكن تقييمها يحتاج إلى وقت، أو على الأقل حتى يبدأ تأثيرها في الظهور، أو يصل إنتاجها إلى الأسواق، وينعكس على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن المصري.
قرارات الإصلاح الاقتصادي كانت قرارات إجبارية، ولم يكن للحكومة فيها أي فرصة للمناورة، فقد بدأت الحكومة مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وكان لزاما عليها تطبيق سياسات يقبلها، أو إعلان فشل المفاوضات، وفي هذه الحالة كانت سمعة الاقتصاد المصري ستتضرر بشكل كبير، وللأسف كان لهذه الإجراءات آثار سلبية على المواطن المصري، خاصة الطبقات الفقيرة، حيث تضاعفت أسعار السلع الغذائية، وارتفعت أسعار خدمات النقل والمواصلات والاتصالات والصحة والتعليم وغيرها، وتضرر المواطن المصري كثيرا وتحمل أعباء كثيرة، وعجز عن تلبية احتياجاته الأساسية. – من المسؤول عن المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الحكومة حاليا؟ المسؤول عن الفشل الاقتصادي التي تعاني منه الحكومة حاليا هو انعدام الرؤية والمخطط الاستراتيجي للعملية التنموية نفسها، ففي ظل عدم وجود برنامج وخطط مكتوبة ومنشورة لن يكون هناك أي تقييم حقيقي للعمل، ولا قياس للمحقق ومقارنته بالمستهدف أو المخطط، ولذلك فإنني أرى أن المشكلة سببها انعدام الرؤية، وعدم وجود أهداف واضحة، وعدم وجود معايير شفافة للمراقبة وتقييم الأداء، وتعديل مسار الانحرافات،،يضاف إلى ذلك تغلغل الفساد في مفاصل إدارة الدولة ككل.
في اعتقادي أن الفترة الرئاسية الثانية قد تشهد تحريك لعملية التنمية، فخلالها يمكن أن تحصد مصر ما زرعته خلال الفترة الماضية، فعلى سبيل المثال سينزل محصول الأرض المستصلحة والتي تم زراعتها في الوادي الجديد، كما قد يظهر إنتاج المزارع السمكية، وقد يؤدي الاستقرار السياسي إلى تشجيع الاستثمار بأنواعه كافة. كما أنني أعتقد أن تخفيف مدفوعات الدعم عن الموازنة العامة قد يوفر بعض الأموال التي يمكن توجيهها للإنتاج والاستثمار ما قد ينعكس على زيادة الإنتاج وبالتالي توفير السلع الرئيسية بأسعار مقبولة.
بخصوص شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسي وما يشاع حول تراجعها، فإنني أعتقد أن الشعب المصري ذو طبيعة خاصة، سيزيد انتقاد الشعب للرئيس، ولكن عند التصويت لن يعطي صوته إلا للرئيس السيسي، أي أنه رغم كافة المؤشرات والاستطلاعات التي تؤكد تراجع شعبية الرئيس، فإنه سيبقى الخيار المفضل لدى جميع المصريين.
الفترة الرئاسية الأولى بها العديد من القرارات السلبية والقليل من الإيجابيات للمواطن البسيط، لكنها حملت الكثير جدا من الإيجابيات والقليل من السلبيات على مستوى الوطن. يعاني المواطن من ارتفاع الأسعار، وتدني خدمات الصحة والتعليم والسكن يضاف إليها صعوبة الحصول على فرصة عمل تعينه على مصاعب الحياة، لكنه في نفس الوقت يلمس عدم انقطاع الكهرباء وتوافر مياه الشرب التقية وجزء كبير من استمرارية عمل وسائل النقل وتوافر السلع وعدم شحها أو اختفائها.
وهناك مشروعات يتم تنفيذها، واتفاقات تعاون دولي، وانخفاض في عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات، واستقرار أسعار الصرف، وزيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتحقيق فائض في ميزان المدفوعات، يقابله زيادة في المديونية الخارجية، وزيادة فوائدها واقساطها، وزيادة الدين الداخلي لأكثر من 100%من الناتج الإجمالي، وزيادة أعبائه إلى أكثر من 30%من إجمالي نفقات الموازنة.
تحتاج المصانع المتعثرة إلى حلول غير تقليدية لتمويل احتياجاتها، حيث تحجم البنوك عن تقديم التمويل اللازم لإعادة عمل هذه المشروعات ـ رغم صغر حجمها ـ خوفا من أن تحجز الدولة عليها وفاء لمديونية هذه الشركات لديون المياه والكهرباء والتأمينات وفي اعتقادي أن الفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسي قد تشهد تقديم حلول لهذه المشكلة تتلخص في إعادة صياغة استراتيجية التنمية، لوضع خطط للوصول بمساهمة قطاع الصناعة في تحقيق الناتج إلى معدلات تتراوح بين 30 % إلى 40% وليس 16% إلى 24% كما تستهدف الاستراتيجية الحالية، فزيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي يضمن استمرارية التنمية، ويقلل الأثر السيء للمتغيرات العالمية، فمن المعلوم أن دول شرق آسيا قد تمكنت من امتصاص أثر الازمة الاقتصادية عام 1998 نتيجة قوة هياكلها الصناعية والإنتاجية، فضلا عن إمكانية عقد اجتماع موسع بين الشركات المتعثرة والقطاع المصرفي تحت رعاية رئيس الجمهورية، بحيث تسمح الحكومة للقطاع المصرفي بتمويل هذه المشروعات، إضافة إلى تأجيل المطالبة بالديون حتى تتمكن هذه المشروعات من الوقوف على قدميها من جديد، ويمكن أن تقوم البنوك بتحويل أصول واستثمارات هذه الشركات إلى أسهم وسندات، وتمول البنوك عمال هذه الشركات لشراء هذه الأسهم والسندات، وبذلك تتحول القروض من إقراض للشركات إلى إقراض لاتحاد مساهمين، ويتحول العمال من إجراء إلى مساهمين، ولا شك أن ذلك سيدفع العمال لزيادة العمل والإنتاج بما يضمن تسديد القروض وفوائدها ويحقق أرباحا للعمال.
رغم الجهود التي يشرف عليها الرئيس وتحاول الحكومة وضعها موضع التنفيذ، ما زالت مصر تعاني العديد من الأزمات الاقتصادية، التي تعهدت الحكومة وقت توليها المهمة بحلها وإصلاح الأوضاع الداخلية. ولعل أهم المشاكل التي تواجه حكومة المهندس شريف إسماعيل هي استمرار عجز الموازنة نتيجة تراجع الإيرادات مقابل المصروفات وارتفاع تكلفة ديون مصر وعدم التمكن من إيجاد حل لمشكلة البطالة والتي تسبب الكثير من المشاكل للاقتصاد المصري، وتمنع استفادته بشكل مناسب من الموارد البشرية المتاحة للاقتصاد المصري، وفشل الحكومة في تنمية ورفع قيم الصادرات المصرية -أحد مصادر العملة الصعبة- ولم تتمكن من العودة بحجم الصادرات إلى ما كان عليه عام 2010.
لم تقدم حكومة شريف إسماعيل أي تقدم يذكر في ملف قطاع السياحة والذي يعد شريان الحياة للاقتصاد المصري وأحد أهم مصادر الدولار وتوفير فرص عمل، حيث مازالت السياحة تعاني من مؤشرات سلبية وتراجع حاد في عدد الوافدين إلى مصر، زادت بشكل أكبر بعد أزمة الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء. ووفقًا لآخر تقييم لمؤشرات السياحة، انخفض عدد السائحين الوافدين من كافة دول العالم خلال شهر أغسطس 2017 بنسبة قدرها 45 بالمئة، مقابل نفس الفترة من العام الماضي.
رغم إقرار قانون الاستثمار الجديد ، فإن الحكومة لم تتمكن حتى الآن من إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، ويعتقد أن السبب يرجع إلى وجود خلافات حول القانون ولائحته داخل مجلس الوزراء، حيث تسعى كل وزارة إلى الهيمنة على قرار إقامة الاستثمار من عدمه، حتى تحصل على أكبر قدر من رسوم التراخيص للمشروعات، وقد انعكس ذلك بشكل سلبي على مؤشرات جذب الاستثمارات الأجنبية، ولم تتمكن الحكومة من السيطرة على معدل التضخم الذي ارتفع إلى نحو 35.4%، وأجبر البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة إلى نحو 19.4%، ما أثار غضبا في أوساط الاستثمار والأعمال.