السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"آلاعيب ماكرون".. طموح بلا حدود لإعادة نفوذ فرنسا في الشرق الأوسط

الرئيس نيوز

التطورات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها المنطقة، تنذر باستمرار ولادة تكتلات وتحالفات إقليمة ودولية جديدة، ربما يكون بعضها في مرحلة المخاض، والبعض الأخر في مرحلة التكوين والتشكيل، وفرنسا اللاعب الدولي الأبرز حاليًا في الاتحاد  الأوروبي، والذي يسعى لإعادة نفوذ بلاده في المنطقة.
ومنذ الانفجار المأساوي الذي وقع في مرفأ بيروت، وخلف وراءه دمارًا هائلًا إلى الدرجة التي تم إعلان بيروت مدينة منكوبة، برز اسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في صبيحة يوم الانفجار، كأول رئيس يزور لبنان تضامنًا معهم في أزمتهم، والتقطت له صوراً وهو يتجول وسط الرُكام، ثم صورًا أخرى مع المطربة فيروز، وأخرى مع ماجدة الرومي.

شهية ماكرون ربما تم إثارتها بزيادة؛ بعدما تعالت دعوات بعض اللبنانيين بعودة الانتداب الفرنسي على لبنان، الأمر الذي دفعه إلى إطلاق تهديدات للساسة اللبنانيين بفرض عقوبات عليهم إذا لم يتم الاتفاق على تشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي نجح في حسم تشكيل الحكومة في وقت قريب.
 
مؤشر آخر على رغبة ماكرون مد نفوذ في المنطقة، هو زيارته للعراق، ومن بغداد أطلق تصريحات تشدد على ضرورة احترام سيادة العراق، وتوقف التدخلات الأجنبية في إشارة إلى تركيا التي تنفذ عمليات عسكرية في شمالي العراق، وإيران التي تتحكم في القرار السياسي عبر إطلاق يد الميليشيات للتحكم في قرارات الحكومة، وجميع هذه التصريحات مست مشاعر الكثير من العراقيين الذين يشكون من انتهاك سيادتهم من كافة الأطراف.

فرنسا تلعب دورًا كذلك في أزمة شرق المتوسط، وتقف مع اليونان بقوة في مواجهة التهديدات التركية، إلى الدرجة التي فعلت فيها باريس مع أثينا اتفاقية دفاع مشتركة وأرسلت قطعًا بحرية إلى شرق المتوسط لدعم اليونان.
ماكرون لاعب بارز في الأزمة الليبية، إذ احتضن جملة من اللقاءات بين ما يسمى رئيس "حكومة الوفاق"، فائز السراج، وقائد الجيش الليبي، المشير خلفية حفتر، وتقول تقارير أممية أن فرنسا من بين الجهات التي تدعم الجيش الليبي.

التدخل الفرنسي ليس جديدًا 

الباحث والأكاديمي العراقي، عبد الكريم الوزان، أعرب في تصريحات لـ"الرئيس نيوز" عن تخوفه من الأدوار التي يلعبها ماكرون في الوقت الحالي في المنطقة، وقال: "لا يمكن لفرنسا أن تلعب هذه الأدوار بعيدًا عن أمريكا وبريطانيا اللاعبين الأساسيين في تلك المنطقة".

أوضح الأكاديمي العراقي، أن فرنسا أحد أعضاء مجلس الأمن، ولها مصالح مع الدول الخمس الكبرى، وما تقوم به باريس في الوقت الحالي جزء من لعبة تقسيم المصالح بين تلك الدول ونحن كعرب من يدفع فاتورة ذلك، وتابع: "علينا ألا نتفائل كثيرًا بزيارة ماكرون إلى العراق، فحتى الآن فيه ضبابية، ولم يتضح حتى الأن الهدف من الزيارة".

جدّد الوزان مخاوفه من أن تكون الزيارة مقدمة لمزيد من تقسيم العراق، وقال: "لا ينبغي أن ننسى أن فرنسا هي من جاءت بالخميني وأرسلته في طائرة خاصة إلى إيران، كما أن باريس وواشنطن كانتا قادرتان على ردع الأطماع الإيرانية في العراق لكنهما تركوها مقابل حفظ مصالحهما".

لفت الأكاديمي العراقي إلى أن دعوة ماكرون لحترام سيادة العراق، روتينية، وأنه من الطبيعي أن يقول ذلك، ولا يمكن التصور أن تكون لتلك الدعوة أي مؤشر على خطوات جديدة تمنع ذلك في العراق، وقال: "الميليشيات الإيرانية في العراق هي أول من تدعو إلى احترام سيادة العراق وتتناسى أنها ذراع إيران الغليظة". 

سياسة فرنسية 

خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاسترتيجية، أحمد سيد أحمد، قال لـ"الرئيس نيوز": "الفترة الأخيرة شهدت سياسة فرنسية شرق أوسطية جديدة، يريد من خلالها الرئيس ماكرون أن يقدم بلاده بوصفها اللاعب الأكثر فاعلية وأكثر حسمًا"، وتابع: "فرنسا منخرطة بشكل كبير في أزمات المنطقة، فهي فاعلة في الأزمة الليبية، وفي الأزمة اليونانية في شرق المتوسط، وتحاول حاليًا إحياء نفوذها في لبنان والعراق، في ظل انشغال أمركيا بشؤونها الداخلية، وفي ظل رغبة بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوربي، الأمر الذي أعطى للدور الفرنسي زخمًا".
لفت الباحث في مركز الأهرام، إلى أن فرنسا تحاول إقامة تكتل ضد تركيا، لكون الأخيرة هي أكثر دولة تزاحم فرنسا في تلك الملفات، وباريس تريد أن تملاء الفراغ الذي أحدثته ضبابية السياسة الأمريكية الخارجية في العراق وسوريا وليبيا على سبيل المثال.