صحيفة: تركيا فشلت في كسب ثقة الجزائر بالأزمة الليبية
لم تكن الشراكة الاقتصادية والتجارية القوية القائمة بين الجزائر وتركيا كافية لضمان علاقات دبلوماسية سلسة وواضحة بين البلدين. والواقع، كما تشير صحيفة "ويكلي ويكلي" الأمريكية إلى أن التعاون الثنائي في مختلف القطاعات مرهون بحل المواقف والمصالح المتضاربة في الأزمة الليبية.
فالجزائر، التي تبحث عن تسوية سياسية للأزمة دون تدخل خارجي، تجد نفسها في صراع مع أطماع إسطنبول في طرابلس والمنطقة بشكل عام.
وأثرت الأزمة الليبية بشدة في المحادثات الدبلوماسية التي أجراها في اسطنبول وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم مع أردوغان ووزير خارجيته مولود شاويش أوغلو، على أمل إيجاد تسوية سياسية للأزمة بعيدًا عن التدخل الأجنبي، خاصة بعد تكثيف التدخل العدواني التركي الأخيرة ثم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه برلمان طبرق وحكومة فايز السراج منتهية الولاية المتمركزة في طرابلس.
وتشعر الجزائر بالقلق من طموحات تركيا المتنامية في ليبيا، خاصة بعد صفقات أنقرة مع حكومة السراج. على الرغم من المصالح الاقتصادية التي تربط البلدين، والتي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى ثمانية مليارات دولار، أصبح الوجود العسكري التركي في ليبيا مصدر قلق غير معلن للجزائر.
ولفتت الصحيفة إلى أن خوف الجزائر من سيناريو سوري أو صومالي في ليبيا قد ينجم عن تدخل خارجي عبر عن رفضه عدة مرات أكثر من مسؤول جزائري وإن الدور العسكري التركي المتنامي فقط يغذي هذه المخاوف.
أكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، في تصريح للصحافة خلال زيارته لإسطنبول، أن "بلاده تؤيد الحل السلمي في ليبيا، وأن القيم المشتركة بين الجزائر وليبيا ستدعم الحل السلمي في ليبيا وتحققه بقوة". وخرج بوقادوم عن تصريحاته السابقة حول التوافق بين جيران ليبيا حول الأزمة في ليبيا وحلها وبدا أقل تفاؤلاً بشأن مسار التسوية خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره التركي، عندما قال إنه "يؤمن بقدرة تركيا. والجزائر لإيجاد حلول للأزمة القائمة في ليبيا من خلال العمل المشترك ".
وجدد وزير الخارجية الجزائري مقاربة بلاده للأزمة في ليبيا والتي تقوم على "مساهمة المجتمع الدولي والهيئات الدولية في إيجاد حلول للمشاكل في ليبيا، واستعداد بلاده لتقديم كافة أشكال الدعم اللازم لذلك،" وهو ما يتناقض بشدة مع النهج التركي القائم على احتكار أجندة التسوية في ليبيا.
وتقيم الجزائر علاقات وثيقة مع كل من تركيا وفرنسا. لكن يبدو أنها تعرضت لضغوط غير معلن عنها من الطرفين إلى جانب كل منهما في الأزمة المتصاعدة بين باريس وأنقرة في شرق البحر المتوسط. وانعكست المواجهة على مواقف الطرفين في الأزمة الليبية. وبينما تحاول تركيا الاستثمار في الخصومات التاريخية بين الجزائريين والفرنسيين واستخدامها لسد الطريق أمام أي شراكة قوية متجددة بين الجزائر وفرنسا، يسعى الفرنسيون من جانبهم للحد من النفوذ التركي المتنامي في شمال إفريقيا. من خلال التركيز على المخاطر الأمنية والعسكرية لدول المنطقة من جراء الدور التركي في الأزمة الليبية.