السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«الزيارة الثانية».. السبب الحقيقي لعودة ماكرون إلى بيروت

الرئيس نيوز


رغم أن فرنسا تخلت عن الحماية على لبنان عام 1943، فإنها تحتفظ بنفوذ كبير في البلاد، تجلى بشكل كبير عندما أصبح ماكرون، أول زعيم عالمي يصل إلى بيروت، بعد يومين من انفجار هائل، الشهر الماضي هز العاصمة. 

تزامن وصول ماكرون، الاثنين الماضي، في ريارته الثانية، مع الذكرى المئوية لإعلان لبنان محمية استعمارية فرنسية، حيث حلقت طائرات مقاتلة فرنسية فوق المدينة، مخلفة الدخان الأحمر والأخضر بألوان العلم اللبناني.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إنه في زيارته الأولى، استمع ماكرون لحشود من المهنئين واللبنانيين العاديين الغاضبين من النخب السياسية في بلادهم، وتعهد الرئيس الفرنسي بالمساعدة في إعادة لبنان للوقوف على قدميه والدفع نحو اتفاق سياسي جديد لإعادة تشكيل حكومة البلاد وتنفيذ الإصلاحات اللازمة. 

وقبل وصول الرئيس الفرنسي هذا الأسبوع، اتفقت الفصائل القوية في البلاد على تولي مصطفى أديب، رئاسة الوزراء، وهو دبلوماسي يعمل كسفير لبناني في برلين، لتولي المهمة التي تبدو صعبة في إدارة دفة وتوجيه الحكومة الثالثة في البلاد إلى الأمام في أقل من عام.


المشاهد الغاضبة للمتظاهرين الذين اشتبكوا مع قوات الأمن، مساء أمس، قالت إن كل ما يحتاج المرء لمعرفته حول المشاعر العامة تجاه أديب، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه تكنوقراط آخر سيئ الحظ، فيما قال ماكرون في كلمة ألقاها في بيروت مساء الثلاثاء، "ما طلبته، ما التزمت به كل الأحزاب السياسية دون استثناء هذا المساء هنا، هو أن تشكيل هذه الحكومة لن يستغرق أكثر من أسبوعين".
  
 وقال ماكرون لصحيفة Politico Europe أثناء رحلته إلى بيروت: "إنها الفرصة الأخيرة لهذا النظام، وهو رهان محفوف بالمخاطر أقوم به. أنا على علم بذلك.. أنا أضع الشيء الوحيد الذي أملكه على الطاولة: رأسمالي السياسي". وفي بيروت، قد يخسر المرء رأس المال السياسي بالفعل كما أوضحت تمارا قبلاوي من شبكة سي إن إن.

ومن جانبه، قال إميل حكيم، المحلل السياسي اللبناني، لنيويورك تايمز: "أدركت الطبقة السياسية أن ماكرون سيأتي بتوقع أن تكون هناك عملية تشكيل حكومة ورئيس وزراء، لذا فقد استبقوه.. لكنهم وضعوا أديب في وجه المدفع"، بينما أعرب الرئيس ميشيل عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والأمين العام لحزب الله، حسن نصرالل،ه عن موافقتهم على اقتراح ماكرون، ومن المرجح أن يتم تنفيذه ويؤدي إلى تغيير في النظام السياسي الراسخ مثل اجتماع الأمم المتحدة.

ويعترف الدبلوماسيون الفرنسيون بأن نفوذهم ضئيل؛ أوضحت الإيكونوميست أن ماكرون يأمل في جذب قادة لبنان وإقناعهم بالإصلاح، مع احتمال تقديم المساعدة إذا امتثلوا ولكن التاريخ يشير إلى أنهم لن يفعلوا ذلك، كما أن دعوته لإجراء انتخابات مبكرة قد لا تأتي بالتغيير، ولم تنشئ مجموعات المجتمع المدني والمتظاهرون أحزابًا ذات مصداقية وتوجد في لبنان بيئة انتخابية معقدة تخصص المقاعد على أساس الطائفة، ما يجعل من الصعب على الوافدين الجدد الفوز بالسلطة".

في مقابلته مع Politico، بدا أن ماكرون يقبل حدود سلطاته، وتجاهل الدعوات، بما في ذلك من واشنطن، لاستغلال اللحظة لمعاقبة حزب الله، الفصيل الشيعي المدعوم من إيران والذي لا يزال أحد أقوى الأحزاب السياسية في البلاد. وقال: "لا تطلبوا من فرنسا أن تشن حرباً على قوة سياسية لبنانية.. سيكون ذلك عبثيا ومجنونا".

وأعاد الرئيس الفرنسي صياغة جملة كتبها الباحث الماركسي الإيطالي أنطونيو جرامشي: "الجديد يواجه صعوبة في الظهور، والقديم مثابر"، قال ماكرون: "علينا أن نجد طريقة، هذا ما أحاول القيام به."


في غضون ذلك، أشار الخبراء إلى تراجع القيمة السياسية لبيروت بالنسبة لباريس، ليس فقط أن فرنسا ليس لديها روابط اقتصادية مهمة مع لبنان، فهي تحتل المرتبة السادسة فقط كدولة مصدّرة للبنان، ولكن لبنان الآن، بعد أن أصبحت القضية الفلسطينية في الخلفية الدبلوماسية، لا تتمتع بنفس القيمة الإستراتيجية التي احتفظت بها من قبل وفقًا لروبرت زاريتسكي في صحيفة واشنطن بوست.