محمد فؤاد يكتب: قانون التصالح ظالماً ومظلوماً
لم يعد خافيًا أن قانون التصالح في مخالفات البناء يعاني أزمات جمّة في التطبيق، وأن سمعته لدى الأوساط الشعبية ليست جيدة بالقدر الكافي الذي يدفع المواطن للالتزام به، كما أن وعي الشارع به ليس كاملا وهناك الكثير من الغموض الذي يلاحقه، وذلك على الرغم من فلسفة القانون التي تمثل منحة حكومية للمواطن حتى لا يظل في وضع المخالف.
وفي تتبعي لأسباب عدم تحقيق القانون للمرجو
منه على أرض الواقع، اتضح أن كلا من المواطن والحكومة بجهاتها المعنية بتنفيذ القانون؛ يتحملان معا وزر تحول هذه المنحة إلى نقمة يئن منها الشارع، بما يتطلب إعادة تقييم
الموقف، ووضع تصور لحل جميع الأزمات التي واجهها تطبيق القانون، حتى تستقيم الأمور وتعود
إلى نطاقها الصحيح.
وأول هذه الأزمات هو موقف المواطن ومطالبه غير المنطقية من التشريع، خاصة وأنه يرفض أن يتعامل القانون بأثر رجعي، على التضاد تماما مع هدف التشريع وفلسفته التي تهدف إلى تدارك مخالفات تمت في وقت سابق، وأن تعطي للمواطن رخصة بأن مخالفته السابقة انتهت ويمكنه الاستمتاع بكل الخدمات الحكومية وتوصيل المرافق وغيره.
ناهيك عن مخالفة الجهات التنفيذية للفقرة الثانية من المادة ٣ من القانون، ومفادها أنه بمجرد تقديم طلب التصالح مرفق به إيصال سداد رسم الفحص يستحق مقدم الطلب الحصول على نموذج ٣، حتى استيفاء المستندات؛ وفقا للمواعيد المنصوص عليها، وهذا ما لم يحدث على الواقع العملي، بما يمثل مخالفة لمواد القانون وأيضا تضاد مع تعليمات مجلس الوزراء ووزير التنمية المحلية، بشأن التيسير على المواطنين، مما يتسبب عمليا في تعرض راغبي التقنين والتصالح إلى خطر رهيب في إطار تزايد حملات الإزالة.
وعلى ما سبق يتبين جليًا أن الأزمة الحقيقية لم تصبح في نصوص القانون أو اللائحة بقدر وجود الأزمة في التطبيق، ما يستوجب إعادة تقييم الموقف واتخاذ الحكومة إجراءات إصلاحية في هذا الشأن، ومن بينها التوجه نحو التدريب لرفع كفاءة العاملين على تطبيق القانون وتدريبهم قانونيا على تطبيق القانون بمفهومه الصحيح، وتشديد الرقابة على الموظفين لدرء باب المفاسد، وإتاحة فرصة وحرية أكبر للجان في التعامل مع كل حالة على حدى وفقا لما أباحه المشرع بموجب أحكام القانون.
في الختام لا يسعني إلا تأكيد حتمية وجود القانون وضرورة التزام المواطن بإجراءات التصالح، وأيضا أن تعمل الحكومة من ناحيتها على تسهيل إجراءات التصالح وتقليل تكاليفها، وتعاملها السريع مع أي أزمات تطبيقة تلاحق القانون على أرض الواقع، حتى تضمن الالتزام بفلسفته الأساسية التي تهدف لحماية المواطن من وضع المخالف.