الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

أحمد الطنطاوى يكتب:رسالة أخرى قبل الجلسة الأخيرة لا تختموا عملكم بتلك الخطيئة

الرئيس نيوز


 

بجدول أعمال يفترض أنه يحتاج إلى جلسات عديدة، ينهي مجلس النواب غدًا وفي جلسة واحدة دور الانعقاد الأخير استعدادًا للعودة إلى الشارع والاحتكام لصناديق الاقتراع التي نأمل أن تقدم للشعب المصري والدولة المصرية مجلسًا أفضل من هذا.

والحقيقة أن نظرة سريعة علي جدول أعمال الجلسة الختامية سوف يعطينا دلالة صحيحة علي أولويات المجلس الحالي الخاطئة في ظل أجندة تشريعية مختلة، ورقابية غائبة، وذلك بسبب الأغلبية المسئولة عن اتخاذ القرار، وهيئة مكتب المجلس (الرئيس والوكيلين) المسئولة عن جدول الأعمال، في وجود معارضة محدودة العدد وضعيفة التأثير، خاصة في ظل لائحة المجلس التي تعد من بين الأسوأ مقارنة بالبرلمانات في الدول المشابهة في بنيتها السياسية ونظم الحكم بها.

 وقد كانت معركة وضع اللائحة في بدايات عمل المجلس من المعارك البرلمانية الهامة التي حاولت -وغيرى- خلالها إدخال تعديلات تصب في صالح جعل إدارة المجلس أكثر ديموقراطية، وضمان حق الناخب في مراقبة النائب بما يوفر فرصًا أكبر لتحسين الأداء.. وهذا حديث يطول جرى خلاله الكثير من الشد والجذب حتى وصل الأمر عند التصويت على مادة تشكيل الائتلافات لانسحاب أكثر من مائة نائب، بعضهم للمبدأ وأكثرهم للمناورة والبحث عن الفرص.

وقتها كنت قد تقدمت للجنة إعداد مشروع اللائحة بـ ٦ مقترحات أهمها: جعل التصويت الإلكتروني هو الوسيلة الوحيدة المعتمدة من بين الوسائل التي أجاز الدستور الأخذ بأي منها، فإذا ما تعطل النظام يجري التصويت في ثلاث صناديق زجاجية توضع في منتصف القاعة لـ (الموافقين - الرافضين - الممتنعين) بحيث ينتهي زمن التصويت برفع الأيدي الذي لا يُعرف معه من غاب ومن حضر ولا من وافق ومن رفض، وهو الأسلوب الذي عفا عليه الزمن على كل حال.

كما طالبت في تلك التعديلات أيضًا بأن يكون البث المباشر للجلسات ملزمًا (أخذًا بصحيح قصد المشرع الدستوري مع تطور أدوات العلانية) عدا الجلسات التي يتخذ قرارًا بأنها سرية ويصدر في نهايتها بيان للرأي العام.

كذلك فقد قدمت بالتعديلات التي طلبتها مادة تُوجب نشر نتائج كل تصويت يجري بالمجلس على بوابته الإلكترونية وكذا في إحدى الصحف القومية المملوكة للشعب احترامًا لحقه في المعرفة وضمانا لقدرته على التقييم والمحاسبة، وذلك عندما نضع الوكيل (النائب) تحت سمع وبصر الأصيل (الناخب).

تلك التعديلات وغيرها والتي رفضتها الأغلبية في حينها تبقى اقتراحات قائمة على أمل أن يقرها المجلس القادم كخطوة لازمة لتطوير أدائه بما يليق بالشعب المصري العظيم، وذلك ضمن خطوات أخرى عديدة أهمها تعديل القوانين التي يُنتخب على أساسها البرلمان، وتحسين البيئة السياسية التي تجري في ظلها العملية الانتخابية، وضبط سلوك الأطراف التي تتنافس في الانتخابات، والجهات المسئولة عن الإشراف عليها وإدارتها.

ومن المعلوم بالضرورة أن هناك أخطاء يمكن تصحيحها مستقبلًا وأخرى لن يجدي معها ذلك من بينها إذا ما وافق المجلس -لا قدر الله- غدًا على قانون تنظيم دار الإفتاء بشكله الحالي الذي يخالف المادة ٧ من الدستور والتي تنص على: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء."، والأهم من ذلك أن هذا القانون يمثل محاولة جديدة للانتقاص من دور الأزهر الشريف ومكانته الراسخة في ضمير ووجدان كل مسلم في مصر والعالم أجمع.

وأخيرًا فإن الفرصة ما تزال قائمة لتجنب ارتكاب تلك الكارثة التشريعية عندما يناقش المجلس قبل التصويت النهائي على القانون طلب إعادة المداولة الذي تقدمت به والذي أدعو السادة النواب أن يوافقوا على ما فيه بأن تكون تبعية دار الإفتاء المصرية -إذا ما أعطيت الاختصاصات والصلاحيات الواردة بالقانون- للأزهر الشريف وليس لأي جهة تنفيذية، كما أرجو الزملاء ألا يقعوا في خطيئة كبرى بخلق هذه الازدواجية بين الأزهر الشريف الذي يجب أن تكون تحت مظلته كل مؤسسة دينية، وبين دار الإفتاء التي يجعل منها القانون الجديد كيان موازي تكون تبعيتها لمجلس الوزراء في الوقت الذي تتغول اختصاصاتها الجديدة على أجهزة رئيسية في الأزهر الشريف هي: هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر.. وهو الأمر الذي يضر بالدين والدولة معًا.